لماذا لا يجد قانون ضريبة المبيعات رقم (19) لعام 2001م ومشروع تعديلاته القبول والقناعة بجدواهما الاقتصادية؟

> صنعاء «الأيام» :

> أعدت لجنة متابعة تعديل قانون ضريبة المبيعات بالاتحاد العام للغرف التجارية اليمنية - صنعاء ورقة إعلامية ضمت في أقسامها القصور في إعداد قانون ضريبة المبيعات وأخطاءه القانونية والإجرائية والأضرار المتوقعة عند تطبيق القانون وتخلف البيئة الاقتصادية وما هي الحلول، واختتمت الورقة بتوضيح حول الأحداث الأخيرة.

«الأىام» تعميماً للفائدة تنشر الجزء الأول من الورقة وستواصل تباعاً نشرها كاملة.


1 - القصور في الإعداد:
أ - أوجه القصور أثناء إعداد القانون

1- إن عدم الاقتناع بقانون ضريبة المبيعات رقم (19) لعام 2001م ومشروع تعديلاته والقبول بهما لدى قطاع واسع من النشطاء اقتصاديا في مجتمعنا اليمني، لا يقوم على مصالح ذاتية ضيقة وإنما يعود إلى مبررات فعلية متعلقة بالقصور أثناء إعداد القــــــانون و الأخطاء في وضعه و في تحديد تفاصيله القانونية والإجرائية، مما أوجد أسبابا و مبررات كثيرة أدت إلى ظهور مطالب تعديل وتأجيــــل و إلغاء القانون المذكور و مشروع تعديلاته.

2- القانون المذكور ومشروع تعديلاته احتويا على عناصر إيجابية منها مثلا إعفاء مجموعات كبيرة من السلع من الضريبة وتقوية القاعدة المحاسبية والمعلوماتية للعمل الضريبي ، ولكن الأخطاء في مواده و مضامينه وإجراءاته أوجدت توقعات قوية بأن سلبياته ستكون أكثر من إيجابياته، مما دفع القطاع الخاص إلى التنبيه إلى تلك الأخطاء وتجاوزات الواقع الموضوعي (بيئة التنفيذ) وما تحدثه من أضرار عند التطبيق.

3- إن الـمــشـكلة ليست في ضريبة المبيعات كنظام ضريبي نظري ولكنها في صيغته الموجودة في القانون رقم (19) لعام 2001م ومشروع تعديلاته، وفي خصــوصــيات الـواقع الاقتصادي اليمني وبالذات مؤشـراته الاقتصادية المتدنية، بما في ذلك ضعف الأدوات و الآليات التي ستنفذه في بلادنا. و لذلك لم يستطع المسئولون الماليون والقائمون على العمل الضريبي تقديم إيضاحات وضمانات كافية تولد الثقة لدى مختلف الفئات الاقتصادية بأن إفرازات ومخرجات ونتائج تطبيق قانون ضريبة المبيعات و مشروع تعديلاته بوضعهما الحالي ستكون إيجابياتها أكثر من سلبياتها.

4- إن النظر من قبل بعض الجهات الرسمية إلى المواقف المنتقدة للقانون رقم (19) ومشروع تعديلاته - بما فيها وجهات نظر قسم واسع من القطاع الخاص - على أنها رافضة للإصلاح الضريبي ولا يجب أخذ رأيها بعين الاعتبار أمر يخلو من الصحة تماما. فالقطاع الخاص اليمني هو أول من طالب بالإصلاح الضريبي والتخلص من الخلل القائم في المجمع الضريبي و العمل الضريبي، و لكن الخلاف الموجود هو حول: ما هو التشريع الضريبي الأنسب لنمو الاقتصاد الوطني من حيث فعاليته و ملاءمته لاقتصاد السوق وحرية التجارة؟ ما هو التشريع الضريبي الأنسب الذي لا يضيف على المواطن و القطاع الخاص و الدولة أعباء جديدة أعلى مما هي عليه الآن؟

5- العـالم كله يأخذ بآراء القطاع الخاص في السياسات الاقتصادية، فلماذا تم تجاهل القطاع الخاص أثناء عملية وضع القانون المذكور ومشروع تعديلاته؟ رجال الأعمال لم يشاركوا في مناقشة مشروع التعديلات، و لم تطلب آراؤهم بشأنه، ولم تشمل اللجنة التي قيل إنها شكلت من مجلس الشورى ووزارة المالية بناء على توجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية - حفظه الله - بشأن التعديلات رجال الأعمال ولم يتم الاستماع لآرائهم (عقدت اللجنة اجتماعاًً أو اجتماعين فقط).

6- القانون المذكور لم تسبقه دراسات وأبحاث كافية بحيث إنه بصيغته الحالية تغلب عليه صفة التجريبية، فهو قبل أن يطبق أجري عليه تعديلان في العامين الماضيين ويوجد مشروع تعديلات موسع بشأنه تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب، وتضمن هذا المشروع 24 تعديلا رئيسا على القانون، بالإضافة إلى تعديلات كثيرة على قوائم مجموعات السلع التي يحددها القانون.

7- لم تتم في السنوات القليلة الماضية حملة لتقوية الوعي الضريبي خاصة بقانون ضريبة المبيعات، لأن الوعي الضريبي متدنٍّ في بلادنا بشكل عام لدى قسم كبير من القائمين على العمل الضريبي، مما يؤثر على مدى تحصيلهم للضرائب . و الوعي الضريبي متدن لدى قسم من القطاع الخاص أيضا مما يؤثر على مدى إقباله ذاتيا على تسديد الضرائب، وقانون ضريبة المبيعات يستلزم ضرورة العمل الجاد من أجل توفر وعي ضريبي عال لدى جميع الأطراف.

8- تنفيذ القانون يقوم على طرفين ، الأول المجمع الضريبي و الثاني القطاع الخاص. وعدم إشراك الطرف الأول للطرف الثاني في إعداد ووضع القانون أثار مخاوف لدى القطاع الخاص، فقد أوضح أحد التجار سبب تلك المخاوف في اجتماع موسع بداية الشهر الحالي بقوله: «كقطاع خاص أصبحنا مستهدفين والسبب هو أن بعض المسئولين ثقافتهم شمولية وجزء من تفكيرهم ما زال فكراً اشتراكياً، ولذلك ينطلقون من منطلق تجاهل القطاع الخاص و يهمشون القطاع الخاص في كل شيء» .


ب - أخطاء وضع القانون
1- لم يراع قانون ضريبة المبيعات كقانون مستورد (وليس عيب في أن نستورد ومن الأردن) واقع البلد وخصوصيات اليمن الاقتصادية، لأن القانون كنظام ضريبي وجد عالميا ليتناسب مع اقتصاديات الدول التي تمثل المنتجات المحلية نسبة لا تقل عن 70% من السلع المستهلكة في سوق البلد، و لا بد من تكييفه بحيث يناسب الدول التي يشكل الاستيراد من الخارج الجزء الأعظم من استهلاك السوق مثلما هو الحال في اليمن الذي يستورد أكثر من 90 % من احتياجاته من الخارج.

2- القانون المذكور كقانون جديد يحتوي على إضرار بمصلحة التجار و الصناعيين، ذلك أن التحصيل المسبق للضريبة قبل عملية البيع وإتمامها الذي يقوم عليه قانون ضريبة المبيعات يزيد من كلفة البضاعة بدفع مبالغ ضريبية تظل مجمدة إلى حين بيع البضاعة لتصبح رصيداً مصروفاً، و هو بذلك يمس - سلبا - ما هو قائم، فالطريقة الحالية تقوم على تسديد مبلغ الضريبة ليس فقط عند إتمام عملية البيع وإنما أيضا في نهاية العام المالي الجاري. مع العلم أن طريقة التحصيل المسبق للضريبة ليست الطريقة الوحيدة لتحصيل ضريبة المبيعات، وإحدى الطرق الأخرى هي تحصيل ضريبة المبيعات عند عملية البيع الفعلية في آخر قناة .

3- هناك أضرار عامة مباشرة من أهمها أن القانون ومشروع تعديلاته لا يراعيان القواعد التجارية المعمول بها عالميا، فمثلا أكدت المادة (8) الفقرة (ب) أن لا اعتراف بحالات البيع بخسارة وعلى التاجر دفع ضريبة المبيعات حتى في حالة أنه لم يربح، و استناد القانون على هذه الرؤية أضر كثيرا بالقطاع الخاص .

4- هناك غموض في جوانب عديدة من القانون، وهذا يأتي تبعا للرؤية التي وضع بها القانون في أن تهيمن الجهة المعنية بالتنفيذ على التشريع والتفسير القانوني وهي المرجعية القانونية أيضا، مما يجعل الطرف الآخر المعني بالقانون المعني مهملاً، ثم مظلوماً.

5- قانون ضريبة المبيعات لا يحتوي على رؤية ضريبية موحدة، فهو يميز بين المنتجين المحليين المسجلين وغير المسجلين، ويميز بين المسجلين من منتجين ومستوردين، ويتم التمييز عبر نظام التسجيل بحد لا يقل عن 50 مليون ريال للسلع الخاضعة للضريبة و 40 مليون ريال للخدمات الخاضعة للضريبة وأي مبيعات سنوية تقل عن هذه المبالغ لا تخضع للقانون . و بهذا قسم القطاع الخاص إلى قطاعين خاصين، و هذا يتنافى مع مبدأ المساواة بين المواطنين الذي نص عليه الدستور .

6- القانون بصيغته الحالية يحتوي على أخطاء جسيمة في المفاهي ، ليس فقط في مفهوم (البيع) الذي يحدد تسديد الضريبة مسبقا مما يجعل البضاعة في حكم المباع بينما هي ما زالت في حكم الشراء. بل أن القانون يخلط بين تعاريف عناصر أساسية، مثل الخلط بين تعريف السلعة وتعريف الخدمة. وهو في الحقيقة ليس قانون ضريبة المبيعات، وإنما هو خليط من قانون ضريبة المبيعات وقانون الضريبة المضافة ومبادئ و قواعد ضريبية أخرى متنوعة.

7- جميع أنظمة ضريبة المبيعات في العالم متدنية في نسبة الضريبة وبمجموعات سلعية معفية كثيرة . ولكن قانون ضريبة المبيعات رقم (19) لعام 2001م ومشروع تعديلاته عالي الضريبة ومتوسط الإعفاء، وفوق هذا تميز بالشدة: مثلا فرض الضريبة على السلع و الآلات الرأسمالية والاستثمارية و هو ما لا يوجد في جميع أنحاء العالم.

8- مشروع التعديلات المقدم إلى مجلس النواب أضاف أعباء جديدة وسلبيات جديدة والمفروض العكس، فإلى جانب رفع نسبة الضريبة الكبير قام بتقليص السلع المعفاة من ضريبة المبيعات من 27 مجموعة سلعية إلى 18 مجموعة سلعية. ويبدو أن حسابات المساومة لتمرير القانون قد سادت أجزاء منه بحيث يقبل مجلس النواب والقطاع الخاص بتطبيق القانون بدون تعديلاته.

9- واضعو قانون ضريبة المبيعات رقم (19) لعام 2001م حولوه إلى قانون شمولي من الناحية العملية أيضا، وبأسلوب شبهه أحد التجار بأنه: «قانون رأسمالي يتم تطبيقه بطريقة وإجراءات اشتراكية»، فهو مثلا يحدد قيمة البضاعة التي تتم على أساسها الضريبة بثلاث قيم شاملة ومختلفة المعايير، فهو يعتمد أولا القيمة الخاضعة للضريبة وقت الاستيراد بحسب المادة (3) ثم بحسب قيمتها وقت البيع لدى المستورد، والحالة الثالثة هي تحديد القيمة بحسب فواتير محلات التجزئة ( البقالات). وقد حدث في عدن أن أحد محصلي الضرائب وجد فاتورة بقالة تبيع سلعة مصنعة محليا وموجودة في كل مكان وبأسعار محددة وثابتة تحتوي على زيادة 30 ريالاً في العلبة الواحدة فذهب بها إلى المصنع مطالبا مالك المصنع بتسديد مائة مليون ريال كفارق ضريبة نتج عن الفارق في فاتورة البقالة، أضف إلى ذلك حالة رابعة مطلقة وهي الحالة التي ترى فيها مصلحة الضرائب أن القيمة ليست مقبولة لديها فتحدد قيمة بدلا عنها بقرار منفرد، حيث تنص المادة (17) على أن للمصلحة حق تعديل القيمة الخاضعة للضريبة.

10- صيغ قانون ضريبة المبيعات وتعديلاته بنفس الطريقة المتبعة في صياغة القوانين بأن تصاغ أولا من قبل الموظفين المعنيين الذين يصيغونها بما يتفق ومصالحهم أو يكيفونها لذلك، مما ينتج عنه أخطاء كبيرة، لذا لا بد من إعادة صياغة قانون ضريبة المبيعات لأنه عانى كثيرا من الخلل بسبب هذه السلبية.

11- افتقر إعداد القانون ووضعه إلى العلنية والشفافية، وما زالت هذه الرؤية قائمة حيث لم ينشر القانون علانية حتى الآن، و ربما كان ذلك متعمدا حيث لم تقبل صحيفة «الثورة » الرسمية طلب نشر قانون ضريبة المبيعات ومشروع تعديلاته لإطلاع التجار والصناعيين عليه، وذلك على نفقة لجنة متابعة تعديل قانون ضريبة المبيعات (منتصف شهر مارس الجاري 2005م) وطلبت رسالة رسمية من رئاسة مصلحة الضرائب للقيام بذلك.


2 - الأخطاء في القانون:
أ - المخالفات القانونية

1- إن القانون رقم (19) لعام 2001م يشتمل على مخالفات دستورية، منها: أن تعريف المادة (2) للبيع قاصرة ومخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية التي تعرف البيع على أنه (تمليك البائع مالا للمشتري بمال يكون ثمنا له) ذلك أن القانون لا يشترط استلام
كامل ثمن قيمة السلعة الذي يؤدي إلى فرض كامل الضريبة عليها (10 %) وفيه الضريبة كاملة حتى في حالة عدم إكمال صفقة البيع أو إلغائها أو البيع بالتقسيط، وما شابه.

2- الأسس التي حددت على أساسها السلع الخاضعة لضريبة المبيعات والمعفية منها عشوائية وتعــــدلت حتى قبل بدء تطبيق القانون وبشكل كبير، مثلا عدلت المادة (69) في مشروع التعديلات بحيث أعفت سلعاً من ضريبة المبيعات (الواردة في الجدول رقم 3) و لكن سيستمر تطبيق ضريبة الاستهلاك عليها. إن تحديد قوائم السلع المعفيـة من ضريبة المبيعات وغير المعفية في القانون رقم(19) لعام 2001م لا يبدو أنه تم وفقا لأسس ومعايير علمية محددة بدقة.

3- نسبة ضريبة المبيعات لم تخضع هي أيضا لأسس علمية دقيقة، وكدليل على ذلك أن مشروع التعديلات على قانون ضريبة المبيعات رقم (19) لعام 2001م شمل ارتفاعا كبيرا في نسبة الضريبة بشكل عام مقارنة بالقانون رقم (19) لعام 2001م، حيث رفعت ضريبة المبيعات المفروضة بما نسبته 8 % من قيمة السلع والخدمات (المحلية و المستوردة)، أي من 2 % في القانون رقم 19 لعام 2001م، إلى 10 % في مشروع التعديلات عليه المعروض الآن على مجلس النواب.

4- إن قانون ضريبة المبيعات لا يتضمن الحيادية في تحصيل الضرائب، لأنه يستهدف شرائح معينة من الناشطين (يخضعهم لنظام تسجيل خاص) في قطاع اقتصادي معين، إذ يعتمد على تحديد هؤلاء حسب حجم نشاطاته وليس على أساس المقدرة على الدفع كبُر حجم النشاط أو صغُر، و هذا يناقض نص المادة (12) من دستور الجمهورية اليمنية الذي يحدد الشروط التي يجب مراعاتها في فرض الضرائب.

5- يترتب على تقسيم القطاع الخاص إلى فئات (مسجلين وغير مسجلين) تبعات على السلعة ذاتها بإضافة الضرائب على ثمن الشراء للسلعة أو الخدمة إذا كان المنتج (بكسر التاء) مسجلاً، أما إذا كان غير مسجل لا يدفع إلا ثمن السلعة فقط بدون ضريبة. وهذا يؤدي إلى أن سعر شراء السلعة من المسجل ( المستورد) يكون أعلى من سعرها لدى غير المسجل.

6- إن القانون رقم (19) لعام 2001م يشتمل على إجراءات جائرة غير دستورية، منها على سبيل المثال: أنه يفرض ضريبة المبيعات على السلع المخزنة قبل يوم بدء تنفيذ القانون، أي فرض ضريبة بأثر رجعي مما يولد مشاكل كثيرة، و هذا يناقض المــــادة (104) من دستور الجمهورية اليمنية.

7- الإقرار الضريبي من جانب التاجر والمصنع وتسديده للضريبة تلقائيا بدون مطالبة يفترض أن يقابل بتسهيل الإجراءات وقبول الإقرار كما هو مقدم منه، لا أن يستخدم الإقرار كوسيلة للمساومات المفتعلة. أو أن يتم تعديله من قبل مصلحة الضرائب بقرار حسب ما نصت المادة (17 - الفقرة أ) من مشروع تعديلات القانون .

8- إن قانون ضريبة المبيعات يحمل إمكانية حدوث مخاطر ليست بهينة عند عملية التطبيق، مثل: تكرار التحصيل الضريبي من قبل الضرائب لعدة مرات لنفس البضاعة في قنوات جباية الضريبة ومكانها، كأن تؤخذ الضريبة في الميناء، ثم تؤخذ مرة أخرى في مكان الخزن أو مكان البيع وما شابه .. وهذا سيخلق منازعات لا حدود لها بين التجار والمحصلين .

9- قانون ضريبة المبيعات لا يضمن علاقة متكافئة بين المجمع الضريبي (الجهات الضريبية) والقطاع الخاص. فمثلا ينص القانون على أن تشكل لجان الطعون من عضو ممثل للقطاع الخاص وثلاثة أعضاء ممثلين للجهة الضريبية. ويفترض أن تشكل لجان الطعون من قاضي محكمة وعضوية ممثل عن الضرائب وممثل عن القطاع الخاص. والأمثلة كثيرة التي تؤكد أن القانون المعني أعطى مصلحة الضرائب وهيئات المجمع الضريبي كل ما أرادت أن يكون في القانون، على عكس ما أعطاه للطرف الثاني ذي العلاقة بالقانون ( القطاع الخاص) الذي تم تجاهله و هذا خرق دستوري لمبدأ العدالة الاجتماعية.

10- إن قانون ضريبة المبيعات يعطي الحق لمصلحة الضرائب في خرق الحقوق الدستورية وحقوق الإنسان للتاجر - المواطن، حيث نصت الفقرة (ب) من المادة 13 على أنه يجوز لمصلحة الضرائب لغرض التأكد من الإقرار الضريبي الذي قدمه التاجر (طلب المعلومات من أي شخص كان).

11- إن واضعي القانون المذكور لم يحترموا بعض الاتفاقات الخارجية للجمهورية اليمنية لا في القانون و لا في تعديلاته، وهذا ناتج عن أن الحكومة لم تحترم عدداً من الاتفاقات الضريبية في وضع وتنفيذ قانون ضريبة المبيعات. فمثلا يوجد قرار من مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في تونس في العام الماضي (2004م) بإعفاء المرافق السياحية من أي ضرائب وأبلغ القرار إلى الحكومة اليمنية ولكن الحكومة (وزارة المالية) تتجاهله تماما حتى الآن .


ب - المخالفات القانونية الإجرائية
1- يحمل تطبيق قانون ضريبة المبيعات أعباء عملية إضافية كبيرة جدا تكلف عملاً ومالاً إضافيين كبيرين. ففي الوضع الحالي يقدم التاجر أو المصنع إقرارا ضريبيا واحدا سنويا ويحضر ممثل الضرائب لديه مرة في العام. و ينص قانون ضريبة المبيعات على أن يقدم التاجر أو المصنع إقرار ضريبة المبيعات كل 21 يوما، أي أثنى عشر إقرارا ضريبيا كل عام (وبذلك يحضر ممثل الضرائب 12 مرة إلى التاجر في العام الواحد) وهذا فيه مضاعفة للمصروفات الإدارية في هذا الجانب / البند ربما تصل إلى 300 %.

2- قانون ضريبة المبيعات بصيغته الحالية يلحق خسائر فادحة بأي تاجر أو مصنع لأنه يتجاهل كل ما يحدث للبضاعة أثناء عملية البيع في قنوات الجملة والتجزئة وحتى المستهلك، منها على سبيل المثال الاضطرار بسبب ضغط السوق أحيانا إلى البيع بدون ربحية أو بربحية شحيحة، أو مثل التعرض لمخاطر النقل أو الحريق وما شابه.

3- يعطي القانون صلاحيات واسعة للوزير المعني، و هذا قد يؤدي إلى الارتفاع المستمر في حجم الضرائب المفروضة (مثلما حدث فعلا في مشروع التعديلات) وقد حدث هذا في بلدان عدة بأن فرضت نسب ضريبية متدنية في البداية لتمرير القانون لدى الهيئات التشريعية ثم رفعت النسب بمعدلات عالية بعد فترات زمنية قصيرة أو طويلة وفقا لرغبة الجهة المخولة ( الوزير المعني) ومن المفروض أن اللائحة يجب أن تقر من مجلس النواب لأهمية القانون . وهذا يتفق تماما مع نص المادة (13) الفقرة (ب) من الدستور اليمني التي تنص على أن لا ضريبة أو رسوم ضريبية إلا بقانون .

4- يعطي القانون صلاحيات واسعة للوزير المعني في إصدار اللائحة التنفيذية للقانون واللائحة الخاصة بنظام التسجيل و غيرها. و هذا يعرض القطاع الخاص للتعسف من قبل مصلحة الضرائب التي تتبع الوزير المعني مباشرة ، ويفترض أن تقر اللوائح التنفيذية من قبل مجلس النواب .

5- أعطى القانون مصلحة الضرائب وهيئات المجمع الضريبي وموظفي الضرائب حتى حق الشك، أي العمل بناء على شكوك حسب ما نصت عليه المادة (7) بشأن الشك بعدم التسجيل ، ولا يجب إضعاف الثقة بين القطاع الخاص والجهات الضريبية لأن تلك الجهات الضريبية لديها كل المعلومات عن تجار القطاع الخاص بما في ذلك تجار الجملة وتجار التجزئة الصغار.

6- إن القانون رقم ( 19) لعام 2001م وتعديلاته تعطي صلاحيات مباشرة لرئيس مصلحة الضرائب وموظفي الضرائب بالضبط القضائي لتجار القطاع الخاص (الأمر بالمحاكمة و الاعتقال) ويلزم الجهات الرسمية بالتعاون معهم في حالة مثل هذا الطلب من قبلهم حسب ما نصت عليه المادة رقم (56) من القانون.

7- توجد ازدواجية في إجراءات قانون ضريبة المبيعات، مثلا الأخشاب ستؤخذ عليها ضريبة 10% عند الاستيراد، وستؤخذ عليها ضريبة أخرى عند الإنتاج لدى الورش والمصانع.

8- إن القانون المعني يشتمل على إجراءات تعسفية لا تحترم أسرار العمل التجاري وحقوق التاجر أو المصنع الشخصية التي كفلها الدستور، ومنها السماح لموظفي الجمارك بالدخول إلى أي موقع كان للتاجر أو المصنع أو المستورد أو المصدر أو رجل الأعمال (المسجل) بدون إشعار مسبق له. وكذلك الاطلاع على أية أوراق أو وثائق خاصة به ونسخها وتصويرها من قبل موظف الضرائب، وذلك حسب ما تنص عليه بوضوح تام المادة (54) من القانون . وسيسري ذلك من الناحية العملية على التجار المسجلين وغير المسجلين.

9- إن القانون رقم (19) لعام 2001م يشتمل على تضاربات قانونية، مثال على ذلك: أن المادة (3 /أ/2) تنص على أن تفرض الضريبة على رد قيمة كل الواردات من السلع والخدمات الخاضعة للضريبة وقت الاستيراد، بينما المادة رقم (5/ج) تقضي باستحقاق الضريبة على السلع المستوردة في مرحلة الإفراج عنها من الجمارك.

10- إجراءات التحصيل بقدر ما تتطلب جاهزية عالية لدى المكلفين، تتطلب صياغة القانون بحيث يطبق بصورة سليمة تعزز الثقة بين القطاع الخاص والجهات الضريبية، لأن تطبيقه على النحو الحالي سوف يخلق مساومات ومنازعات طويلة وواسعة بين التاجر والمحصل الضريبي. لذا يجب تغيير بعض الإجراءات التي نص عليها القانون والتي تخل بالثقة بالقطاع الخاص أو تكرسها.

11- إن القانون المذكور يشترط سداد الضريبة كاملة قبل تقديم الإقرار الضريبي من قبل المسجل (التاجر الذي ينطبق عليه نظام التسجيل) وقبوله من قبل مصلحة الضرائب، وهنا لا مجال للمراجعة أو التظلم والتحصيل يتم وفق مبدأ: نفذ ثم ناقش.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى