في ذكرى ميلاده الـ (86) 4 أبريل، 1919م - 4 أبريل 2005م:محمد علي باشراحيل صاحب عصامية متألقة ومواصفات نادرة

> نجيب محمد يابلي

>
عميد «الأيام» يتوسط جلوساً مع الهيئة الادارية لنادي الاصلاح العربي في التواهي عندما كان رئيساً للنادي
عميد «الأيام» يتوسط جلوساً مع الهيئة الادارية لنادي الاصلاح العربي في التواهي عندما كان رئيساً للنادي
المشوار العصامي لباشراحيل: توطئة:سبق وأن تناول الكثيرون سيرة الفقيد الكبير محمد علي باشراحيل وتشرف كاتب هذا الموضوع بالمساهمة بكتابة بعض المواضيع عن الفقيد في مناسبات مختلفة، ولما كانت المساهمة مطلوبة ومرغوبة مني في هذه المناسبة فقد عزمت على التقاط بعض المشاهد من حياة الفقيد الكبير لنستخلص منها دروساًوعبر، لأنه يعاب على العرب عدم قراءتهم للتاريخ وإن قرأوه لم يستوعبوه.

محمد علي باشراحيل من مواليد عدن في 4 أبريل 1919م، من أسرة حضرمية الجذور ينتمي عائلها إلى الطبقة الوسطى لم يحصل محمد علي باشراحيل على قسط كاف من التعليم ولكنه تمكن بعصاميته من تأهيل وتثقيف ذاته وعلى أساس تلك الخلفية التي تنامت واتسعت طرق باب الوظيفة في شركة البرق واللاسلكي CABLE & WIRELESS بمدينة التواهي التي انتقل إليها من كريتر ولمع فيها كشخصية عامة، فقد كان الموظف المرموق والناشط الأجتماعي والثقافي والسياسي القومي من خلال نادي الأصلاح العربي وحزب رابطة ابناء الجنوب العربي SOUTH ARABIAN LEAGUE .

وفي إذاعة عدن، وشاركته في الأخيرة شريكة حياته، أم هشام متعها الله بالصحة وأطال عمرها.


باشراحيل مسكون في ذاكرة احمد عبده حمزة:
الرجل هو الموقف والرجل أيضاً هو الأسلوب والرجل هنا هو الأستاذ الكبير أحمد عبده حمزة رفيق درب، الفقيد الكبيرمحمد علي باشراحيل، حيث كتب الاستاذ حمزة موضوعاً موسوماً (الفارس الذي لم يغمد سيفه حتى بعد رحيله) ونشرته «الأيام» في عدد الأربعاء الموافق 3 مارس، 1993م، تطرق فيه الى بداية معرفته بالأستاذ باشراحيل في صيف 1948م بعد عودة الأول من القاهرة وانضمامه الى «نادي الأصلاح العربي» العريق في مدينة التواهي وتزامن ذلك مع انتقال الأستاذ باشراحيل وانضمامه للنادي المذكور وكتب الأستاذ حمزة عن الأستاذ باشراحيل :« شاب اسمرأقرب الى الطول، وسيم انيق في بساطة خفيف الشعر رغم شبابه كل شيء فيه يدل على الأستقامة والأعتداد بالنفس وكريم الخلق وطيب المعشر والبشاشة وخفة الدم» ويفي الأستاذ حمزة في تألقة :« وعرفته أكثروأكثر كلما وقفنا في الشارع قرب بيتنا أو جلسنا سوية على شرفة البناية القديمة لنادي الأصلاح العربي في شارع النهضة.. وتوثقت المعرفة فتحولت الى صداقة عمر حتى على البعد بداعي الأسفار.


محمد علي باشراحيل
محمد علي باشراحيل
باشراحيل في المجلسين التشريعي والبلدي:
لامس الأستاذ حمزة محطات مختلفة من حياة الأستاذ باشراحيل ومنها عضويته في المجلس التشريعي فكتب :«وهكذا ظهر إلى الوجود أول مجلس تشريعي لعدن عام 1947م... وكان المرحوم محمد علي باشراحيل واحداً من العناصر القليلة المثقفة الواعية التي شاءت الآقدار أن تمثل الإرادة اليمنية في هذه المعركة غير المتكافئة بل واحداً من افضل هذه العناصر واكثر فهماً لطبيعة المعركة بحكم ثقافته وسعة إطلاعة.»

نشرت «الأيام» في عددها الأول الصادر يوم الخميس 7 أغسطس، 1958م بأن المجلس البلدي عقد جلسته الشهرية صباح الثلاثاء الماضي (5 أغسطس) وتقدم النائب عبدالله علي القومي بأقتراح بأن يكون جميع الأعضاء في المجلس من المنتخبين وقبل الشروع في جدول الأعمال تحدث رئيس المجلس الأستاذ محمد علي باشراحيل بأن استعمال اللغة العربية في مناقشات المجلس رغبة شعبية يجب تحقيقها.

من جانب آخر، كتب الأستاذ حمزة في موضوعه الذي اشرنا إليه سابقاً: «وخلال الفترة 1952م-1958م ترشح (أي باشراحيل) للمجلس البلدي بعدن مرتين ونجح فيهما وكان من ابرز قيادات المجلس البلدي، أوالحكومة المحلية كما كان يسمى أيضاً، كذلك ترشيح لانتخابات المجلس التشريعي سنتي 1955و 1959م ايماناً منه بضرورة وجود القيادات الوطنية المخلصة في مقردارالإدارة الإستعمارية للأقلال من اضرارها وللحيلولة دون إحتلال تلك المناصب من قبل عناصر خائنة..»


للسلطة الرابعة وخيرة لفلذات الأكباد:
كتب الأستاذ صالح عبده الدحان شيخ الصحفيين صاحب ورئيس تحرير «البورزان» في «الأيام» (الأربعاء 3 مارس، 1993م): «فبالأمس في عشية المقدم العاطر للشهر الفضيل، شهررمضان المبارك شاء الله جل وعلا ان يختار إلى جواه وان يحبو منزله إلى ملكوته عبداً من عبيده الصالحين هو والدنا قبل أن يكون والدكم (يقصد هشاماً تماماً) شيخنا الوقورواستاذنا الجليل رائد الصحافة الحديثة في عموم الوطن اليماني الوطني البارز وصاحب المنزلة الرفيعة والدور المتميز فقيد الكلمة الحرة والذي كان صوة على الدرب ومعلماً على الطريق.. الأستاذ محمد علي باشراحيل صاحب ومؤسس «الرقيب» و«الريكوردر» ومن بعدهما «الأيام».

لئن كان الأستاذ باشراحيل عضواً في مجلس امناء مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية التي تأسست في عدن عام 1912م إلاّ أن الأستاذ باشراحيل كان صاحب أياد بيضاء وصدرمفتوح لفلذات الأكباد الذين كانوا يستعينون به اثناء دراستهم في مدرسة بازرعة الخيرية أوالمعهد العلمي الإسلامي أوالمعهد التجاري العدني (راجع تعزية سالم عبدالله ياسين «الأيام» 31/3/1993م - ص 3).


باشرايحل قارئ جيد للمستقبل:
هناك إجماع أن الأستاذ باشراحيل كان قارئاً جيداً للمستقبل وأكد تلك الحقيقة ضمن من أكدوها «الأستاذ احمد عبده حمزة (مصدر سابق) حيث كتب: كان محمد علي باشراحيل سياسياً ثاقب النظر يكاد يقرأ المستقبل من مقدمات الأحداث وكاذ يقول لن يضر بلادنا سوى هؤلاء العيال المراهقين ابطال المزايدات وطلاب الشهرة والتصفيق وهم الذين سيعطون للمستعمر المبررات والوسائل لضرب شعبنا»


العوبلي شاهد ثان:
استهشد الراحل الكبير محمد حسن عوبلي بأقوال نسبها للأستاذ باشراحيل في كتابه (اغتيال بريطانيا لعدن والجنوب العربي، ) ص 73 خلص فيها إلى حنكة الأستاذ باشراحيل في قراءة المستقبل وأعاد إلى الأذهان واقعة قدوم السير وليام لوس الحاكم البريطاني لعدن عام 1956م والقي خطاباً بعد ادائه اليمني الدستورية ولوح فيه وهويختتم خطابه بأن عدن ستشهد عهداً من الفوض والاضطرابات السياسية دار حديث بعد ذلك بين العوبلي وباشراحيل الذي كان عضو المجلس التشريعي والمجلس التنفيذي لحكومة عدن، حيث فهم العوبلي ان وليام لوس لم يكن جاداً في تلويحه واشارته إلى الفوضى لكن باشراحيل عقب على ذلك: أن وليام لوس قد بدأ فعلاً المشهد الأول من مسرحية دموية»


قيس غانم نعمان شاهد ثالث:
كان من ثوابت مراسلات الاستاذ باشراحيل تصويرعبارة «تحية عربية» ومن تلك المراسلات اطلعت على رسالة بعثها الاستاذ باشراحيل الى الأستاذ قيس غانم نعمان في 24 يناير، 1967م ورد فيها: «أما من الناحية السياسية فالصمت المطبق هولسان حال الانجليز وتشير الدلائل على أنهم سيتركون المنطقة فجأة تماماً كما فعلوا في فلسطين بحجة انهم عجزوا عن ايجاد رأي عام موحد يمكن التفاهم معه. الكل منقسمون هذه حقيقة واخر الانقسامات انسحاب الجبهة القومية من جبهة التحرير والعمل بانفراد عن الاخيرة ونحن لانملك اكثر من ان نسأل الله ان يلطف بهذا الوطن وابنائه وان يسخر له من يرحمه»


المرشد شاهد على سلامة ذوق الباشراحيل:
الأستاذ محمد مرشد ناجي، صاحب مخزون ضخم في مجال التوثيق ومن ذلك اطلعت على رسالة قصيرة وجهها الأستاذ باشراحيل الى الاستاذ محمد مرشد ناجي بتاريخ 21 نوفمبر 1959م، هذا نصها:


عزيزي الاستاذ محمد مرشد ناجي:
تحية عربية: أرجوأن تكون قد استلمت دعوتنا لكم للأشتراك معنا في مأدبة الغذاء والمقيل يوم غد (الأحد) وقد علم الكثيرون من الأصدقاء بدعوتنا لكم الأمرالذي دعا هؤلاء الأصدقاء بأن يلحوا عليّ أن أطلب منكم التكرم بأحياء المناسبة ببعض الحا=== المحبوبة لدى الشعب. وأرجو الايفسر طلبي هذا على أنه وجهت الدعوة بغرض تكليفكم بهذه المهمة.

هذا وتقبلوا مني فائق الشكر.

محمد علي باشراحيل

21/11/1959م


وراء كل عظيم امرأة:
مامن ملحمة كفاحية يخوضها عصاميون عظماء الا وراء ذلك امرأة وتجسد ذلك في سيرة الراحل الكبير محمد علي باشراحيل الذي حفرالصخر بأظافره ونبذ حياة الوظيفة وخرج الى ميدان الحياة ليبدأالخطوة الأوى في رحلة الألف ميل ولم يكن الطريق مفروشاً بالورود.

بدأبملاليم وعوضت شريكة حياته ذلك النقص بأن سهرت على ماكنة خياطة لتحصل على دخل متواضع يعينها على شد أزرزوجها وتفرغت لتربية اطفالها لان رب الاسرة قد نذرحياته للكفاح في عدة جبهات وصبرت وصابرت حتي رأت ثمرة كفاحهاوكفاح زوجها على أرض الواقع. انها أم هشام وتمام التي اضحت جزءاً من وقتها للعمل الطوعي في المجال النسوي مع الرائدات الجليلات ام صلاح لقمان، وماهية نجيب وحرم عبدالملك اغبري وغيرهن.


باشراحيل في رحاب الخالدين:
فاضت الروح الطاهرة لمحمد علي باشراحيل في يوم الاحد (غرة شهر رمضان المبارك) الموافق 21 فبراير 1993م، في العاصمة صنعاء عن عمر ناهز الرابعة والسبعين عاماً وشيع جثمانه الطاهر في مدينة عدن يوم الاثنين الموافق 22 فبراير 1993م الى مثواه الاخير في مقبرة العيدروس بجوار والده علي عمرباشراحيل حسب وصيته وذلك بعد الصلاة عليه في مسجد العيدروس المجاور للمقبرة.


الرئيس علي عبدالله صالح يدلي بشهادته للتاريخ:
رفع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح برقية عزاء ومواساة في مساء يوم وفاة الفقيد باشراحيل ورد فيها:« نشاطركم الاحزان بوفاة والدكما الاستاذ محمد علي باشراحيل، الذي ساهم بدوررائد في تأسيس الصحافة الوطنية وشارك بقلمه وجهده في النضال ضد الحكم الاستعماري وفي الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري وفي ا لدعوة الى وحدة اليمن.»


علي ناصر محمد يعزي بوفاة عميد «الأيام»
نشرت «الأيام» في عددها الصادر يوم الأربعاء 3 مارس 1993م خبراً هذا نصه:


اللاذقية «الأيام» خاص:
اتصل الاخ الرئيس علي ناصر محمد هاتفياً بـ «الأيام» من مقر اقامته بسورياالشقيقة ناقلاً تعازيه ومواساته بوفاة عميد «الأيام» المغفور له الأستاذ محمد علي باشراحيل كماعبر عن اشادته بالدور الوطني الذي لعبه الفقيد الكبير في تاريخ نضال الحركة الوطنية اليمنية.

كما عبر عدد كبير من الشخصيات السياسية والاعلامية والثقافية عن حزنهم بوفاة الفقيد الكبير واشاروا الى ادواره الكبيرة عبر مراحل تاريخ الحركة الوطنية والصحفية والاجتماعية وافردت «الأيام» مساحة فيها للبرقيات والاتصالات الهاتفية التي وردت من البعثات الدبلوماسية والقنصلية العاملة في الجمهورية وعبرت فيها عن حزنها بوفاة الفقيد الكبير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى