أيام الأيام:حقوقنا .. وثقافة الخوف !

> عبدالله ناجي علي

> تعلمنا حقائق التاريخ البشري - خاصة منها الحقائق التي أفرزها التاريخ الحديث - بأن الشعوب الحية المستوعبة لحقوقها الحياتية هي وحدها القادرة على انتزاع حقوقها التي كفلتها لها جميع الشرائع السماوية وأيضا القوانين الوضعية .. وتتنوع هذه الحقوق الضرورية للإنسان بين حقه في أن يعيش بمستوى غذائي محترم يليق به كإنسان ميزه الله عن سائر المخلوقات، وأن يتمتع بصحة جيدة ويحصل على تعليم ينوره ويجعل منه عضوا فاعلا ومنتجا داخل مجتمعه، وأن يسكن في منزل صحي ويشرب مياهاً نقية ويتحرك في بيئة نظيفة .. ومن حقه أيضاً أن يساهم وبطريقة مباشرة في اختيار الحاكم العادل الذي يحقق له ولشعبه التنمية الشاملة والعادلة .. ومن حقه أيضا أن يطالب بعزلهم إذا ما رأى فيهم ظهور اعوجاج عن مسار الحكم العادل .. وحقه في أن يطرح الآراء الحرة التي تخدم المصالح العليا للوطن.

فالشعوب التي تتمتع بالحرية الهادفة إلى تحقيق العدل الاجتماعي داخل المجتمع، هي وحدها التي تستطيع طرح الرأي الحر وقول كلمة الحق وبكل شجاعة تجاه المظالم التي يعانيها عامة الشعب .. وهي القادرة - أي الشعوب الحرة- على نقد حكامها بكل صدق وشفافية بعيداً عن (ثقافة الخوف والنفاق السياسي) التي زرعتها في عقلياتها سلوكيات الأنظمة الاستبدادية .. علما بأن الثقافة السلبية تجاه حقوق الإنسان نجدها تتنافى تماما مع روح شريعتنا الإسلامية السمحاء التي تدعونا إلى تحقيق قيم العدالة والمساواة والحرية والتكافل الاجتماعي ونشر المحبة والسلام بين أوساط الناس .. فحديث الرسول [ يقول «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف». وهذا يعني أن المجتمع السلبي الذي يهمل المطالبة بحقوقه الحياتية يكون من الناحية الدينية ضعيف الإيمان .. إضافة إلى أن دروس التاريخ البشري تعلمنا أن الحقوق «تنتزع ولا توهب» وانتزاعها يتطلب نضالا سلميا شاقا ومستمرا.

فحقوق شعبنا الضرورية للحياة والمذكورة آنفا نجدها للأسف في الغالب إما مغيبة أو مهمشة .. والاهتمام بهذه الحقوق من قبل ولاة أمرنا ما زال ضعيفا.. ويبدو أن هذا الضعف ناتج وبكل تأكيد عن ضعف المطالبة الشعبية بهذه الحقوق.. لكن المشكلة الأكثر أهمية تجاه هذه الحقوق تكمن في ضعف الوعي الحقوقي عند غالبية المجتمع، وهذا الضعف ناتج أيضا عن انتشار الأمية بين غالبية السكان .. إضافة إلى أن الرسالة التنويرية للصحافة ومؤسسات المجتمع المدني - خاصة منها المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان - مازالت ضعيفة .. فهذه المنظمات ما زال دورها تجاه المجتمع ضعيفا وتعترضها كثير من العراقيل من قبل أعداء حقوق الإنسان.

والمطلوب اليوم من الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان أن تؤدي دورا كبيرا في تنوير الشعب بحقوقه الضرورية للحياة والمصادرة في غالبيتها من قبل أعداء حقوق الإنسان .. وعلى هذه المنظمات أن تقترب أكثر وأكثر من معاناة الشعب وعليها أن تذهب إلى مواقع سكنهم وعملهم لا أن تنتظر من المواطنين أن يأتوا إليها .. فمعركتنا الحالية تجاه الاهتمام بحقوق الإنسان في بلادنا يجب أن تتجه أولاً إلى القضاء على (ثقافة الخوف)، فمن المستحيل أن يطالب أي شعب بحقوقه وهو يعيش في حالة من الخوف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى