المشكلة في اليمن ... الإدارة

> أ. م. علي صلاح محمد الأرضي

> يعود لفظ الإدارة إلى الكلمة ذات الأصل اللاتيني (serve) وهي تعني الخدمة، على أساس أن من يعمل بالإدارة يقوم على خدمة الآخرين أو يصل عن طريق الإدارة إلى أداء خدمة. وكل نشاط جماعي مهما كان بسيطاً يحتاج إلى إدارة.. ويرجع وجود الإدارة إلى وجود البشر والحياة جميعها. . وفي حياتنا الحاضرة هذه لا يوجد عمل، أو اكتشاف، أو اختراع، أو خدمة أو إنتاج لا تتقدمه إدارة تؤثر فيه تأثيراً جوهرياً وتكون مسؤولة عن النجاح الذي يلقاه من يلحق به.

وللإدارة الماهرة ثلاثة أنواع من المهارات:

1- مهارات فنية: وهي القدرة على تطبيق وتنفيذ المعرفة المتخصصة والخبرة الفنية.

2- مهارات انسانية: وهي القدرة على العمل مع أفراد آخرين وفهمهم وتحفيزهم، سواء بطريقة فردية أو جماعية.

3- مهارات فكرية: وهي القدرة على تحليل وتشخيص المواقف الصعبة والتعامل معها.

ومن أهم المهام الملقاة على عاتق الإداري الناجح هي:

التخطيط: الذي يشتمل على تعريف الأهداف الخاصة بمسؤوليته ووضع الاستراتيجية والخطط من أجل تنسيق الجهود والأنشطة المؤدية إلى النجاح.

التنظيم: أي تحديد المهام التي يجب القيام بها، وتحديد من يقوم بها وكيفية اتخاذ القرارات المفيدة للعمل.

التوجيه: ويشمل تحفيز المرؤوسين وتوجيههم واختيار أقوى وأفعل قناة اتصال، والبعد عن الاختلاف.

الرقابة: وهي رصد الأنشطة للتأكد من حسن أدائها كما هو مخطط لها، واتخاذ الإجراءات التصحيحية تجاه أي انحرافات.

بعد هذه المقدمة العلمية عن الإدارة والإداري الناجح نجد أنفسنا، ونحن نعايش إداراتنا اليمنية بما فيها من سلب وإيجاب، خاصة وأن لدينا عدداً من الكليات الجامعية والمعاهد التابعة للدولة تقدم العلوم الإدارية، سواء كان ذلك كدراسة نظامية أو الدراسة اثناء الخدمة كنوع من تطور مدارك الإداريين والرفع من مستوياتهم، يتملكنا شعور أن بلادنا الطيبة بإمكانياتها المحدودة يمكن أن تكون أفضل مما هي فيه الآن من تطور وفي مختلف المجالات، خاصة بعد توحيد شطري الوطن الواحد في الثاني والعشرين من مايو 1990م، واستغلال خيرات الشطرين لما فيه خير هذا الشعب، إلا أن ما يفسد ذلك هو «سوء الإدارة» في مختلف المستويات العليا والوسطى والدنيا .. هذه النظرة ليست تشاؤمية، وإنما الهدف منها محاولة الدفع بالوطن إلى الأمام في ضوء ما يحيط به وبالوطن العربي من أعاصير ومؤامرات ومحاولات للتدخل في الشئون الداخلية، والتذرع بمختلف الحجج والأساليب.

كيف يتم اختيار الإداري أو المسؤول عن خدمة الآخرين والأمين على خيرات هذه البلاد في مؤسساته الإنتاجية؟ هل يعتمد ذلك على الكفاءات والخلفية العلمية الكافية أم على قربه أو بعده من القبيلة أو العشيرة أو أصحاب المصالح المشتركة؟

إن الإدارة مسؤولية وتكليف وليست تشريفاً، والاختيار المناسب يؤدي دائماً إلى النجاح، فهناك محافظون تتلألأ أسماؤهم عند ذكر محافظاتهم، والعكس صحيح، وكذا بالنسبة للدوائر الحكومية المدنية والعسكرية.

إن الوطن بحاجة إلى جميع الكفاءات الإدارية (علم، خبرة، استقامة)، وهذه الكفاءات تتواجد في أبرز محافظات الجمهورية: صنعاء، عدن، تعز، حضرموت، الحديدة...إلخ، وهي من مختلف أنحاء الوطن. إلا أننا للأسف نجد أن من سوء الإدارة إرسال «إداري» من عدن إلى صنعاء والعكس، أو من تعز إلى حضرموت، في الوقت الذي لا تحتاج فيه هذه المحافظة إلى هذا الإداري أو ذاك لتوفر المئات إن لم نقل الآلاف من أمثاله، وكان من الأفضل إرسال هؤلاء إلى المحافظات الأخرى وهي (الأغلبية) المحتاجة فعلياً إلى هذه الكوادر الإدارية المؤهلة للنهوض بها مثل مأرب والجوف والمهرة والبيضاء وشبوة ..إلخ. كما أن الاختيار السيئ لبعض هؤلاء الإداريين، وإن كانوا من أبناء المحافظة نفسها، أوجد لدينا مجموعة ممن أصبح همهم نهب المال العام بمساعدة ما يعرف بنظام (الوفر) وامتلاك الفلل والسيارات الفخمة، ليس في الوطن فقط وإنما خارج الوطن.

كما أن سوء الاختيار أدى إلى أن ينفرد كل مسؤول بإدارته أو مصنعه..إلخ، وكأنه حق خاص به، فيقوم بإغلاق دوائر واستحداث دوائر، وعزل من لا يرغب وتعيين من يرغب، وفرض الرسوم غير المقررة من المركز أو الوزارة أو مجلس النواب أو السلطات المحلية، والتي وصلت حتى إلى اقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية. والكل يعرف كيف يصل الإنسان إلى هذا القسم وبأي حالة يكون.

إن بناء الوطن حق للجميع وهاجس لكل المخلصين، وخاصة من هم قادرون على إيصال الحقيقة إلى السلطات العليا صاحبة القرار والمسؤولة عن التعيين وبالذات في المناصب الإدارية .

وهنا نجدها مناسبة لنقدم الشكر والتقدير لمن وضع اسم محافظنا العزيز د. يحيى محمد الشعيبي على لائحة التعيين كمحافظ لعدن.

«ألم أقل لكم إن سوء الإدارة معيق أساسي لعملية التنمية، ومن هنا ينبغي أن نبدأ الإصلاح .. إصلاح الإدارة الهشة» الاستاذ عبدالقادر باجمال («الأيام» العدد4407 في17 فبراير 2005م).

كلية التربية - عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى