كركر جمل

> عبدة حسين أحمد :

> تعبنا - نحن وغيرنا - من الكتابة والنشر في كل الصحف .. كتبنا حول كل شيء .. ولم نترك صغيرة أو كبيرة إلا وأشبعناها كتابة ونشرا .. كل القضايا التي تهم الناس .. معاناتهم ومكابدتهم وظلمهم وقهرهم وخوفهم وصبرهم .. والغلاء الذي يطحنهم والبطالة التي تمرغ أنوفهم في التراب .. ولا بد من أن السلطة قرأت وسمعت وفهمت كل الذي قلناه ونشرناه .. ولكن لا أحد منهم أشار إلى أن هذا هو الظلم والظلام .. وقال ولو كلمة واحدة (كفاية) .. فقد تحمل الشعب أكثر مما يطيق .. ولا بد من تعويضه بما يستحقه بعد هذا الصبر الطويل .. وأن ننقله من الشعور بالذل والهوان والضياع والعبث .. إلى حالة الرخاء والسعادة والطمأنينة والاستقرار والأمان.

وكثر الكلام - هذه الأيام - عن (الإنجازات) و(الاستراتيجيات) .. الدولة لها (استراتيجية) .. وكل وزارة لها (استراتيجية) .. وكل محافظة لها (استراتيجية) .. حتى بائعي السمك وبائعي القات .. والموظفين الكبار .. ورؤساء الحمالين والمنظفين .. كل واحد منهم له (استراتيجية) .. ثم نسأل ما هي هذه (الاستراتيجية) وأين هي؟ .. وما شكلها وما هو مضمونها؟ .. وفي الأخير نعرف أنها مجرد كلام فارغ .. وضحك على الذقون .

أما (الإنجازات) فما أكثرها!! وباستطاعتك أن تتحدث عنها بلا حرج.. حياتنا كلها (إنجازات) .. كل الحفر في الطرقات (إنجازات) .. وقراطيس الأجور والمرتبات التي تظلم الموظفين والعمال والمتقاعدين (إنجازات) .. وقوائم التسريحات والتقاعد لطائفة دون أخرى (إنجازات).. ثم نبحث عن هذه (الإنجازات) .. وماذا استفاد الشعب منها؟ .. فلا نجد شيئا.. الفقر هو الفقر نفسه .. والبطالة تتضاعف أكثر .. والكوارث كثيرة .. والمصائب تتوالد .. وهي أقوى وأعنف .. كل يوم تلد مصائب أخرى .. ولم نفلح في القضاء عليها.

وقد سمعنا كثيرا في محافل كثيرة عن هذه (الإنجازات) و(الاستراتيجيات) .. وكنا نود إنصاف الدولة (لوعرفنا) هذه الإنجازات العظيمة التي حققتها بلادنا .. ومردودها على الشعب .. وقضت على الفقر والبطالة.. أو خففت منهما على الأقل .. وأسعدت الشعب .. ورفعت الظلم والألم عن كاهلهم .. وجففت دموع الآباء والأمهات على أبنائهم الذين يطحنهم الفقر والبطالة .. فلا الأبناء قادرون على الحصول على الوظائف في مرافق الدولة التي قيل أنها انتعشت وزادت بفضل (الإنجازات) .. ولا الآباء والأمهات قادرون على الصرف على أبنائهم الذين تخرجوا في الجامعات أو المدارس الثانوية .. وظلوا بدون عمل .. والأدهى والأمر - في هذه الأيام - أن الوظائف الحكومية أصبحت معروضة للبيع بالمزاد غير العلني.

إن حالة المدارس والمستشفيات .. يرثى لها .. فلا تعليم ولا علاج .. والسبب في ذلك أن حصة التربية والتعليم والصحة في الموازنة العامة ضعيفة جدا .. ولا ندري لماذا لا تشملهما الرعاية والاهتمام من قبل الدولة؟.. هل هما خارج إطار (الاستراتيجية) و(الإنجازات) للدولة؟.. إن الشعب في حاجة إلى التعليم والعلاج .. وإلى حركة تنمية حقيقية وصادقة ممن يملكون تقرير مصير البشر في بلادنا .. وفي حاجة إلى جذب وتشجيع المشاريع الاستثمارية من الداخل والخارج .. مع أنه لن تقوم قائمة للاستثمار في بلادنا بدون توفير الطاقة والأمن والقضاء العادل والبنية التحتية الكاملة.

اللهم نشكو إليك ضعف قوتنا .. وقلة حيلتنا .. وضياع ثرواتنا .. وكثرة (استراتيجياتنا) .. وخرافة (إنجازاتنا) إنك سميع مجيب!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى