الظلم.. الجبن.. الأنانية

> طه أمان :

> يتشدق الكثيرون بأن الفقر والجهل والمرض هي أعداء الإنسان التي يجب أن نكافحها، إذا أردنا صلاح أمرنا.. وأسارع إلى القول إن هناك فرقاً بين العلة وأعراضها.. وليس بدعاً من الرأي أن يكون الظلم والجبن والأنانية هي العلل الفتاكة التي تنمو في نفوس الأفراد والجماعات وتحطم كيان الشعوب حتى يكون من أعراضها الفقر والجهل والمرض.

ومن بداهة العقل أن الظلم هو الصورة السلبية للعدل.. والعدل هو إعطاء كل ذي حق حقه من غير إفراط أو تفريط، بحيث تسير الأمور في هذه الدنيا على حد سواء.. ومن مظاهر العدل أن ينسجم الفرد مع نفسه ومع غيره. وأن يتعاون الشعب مع الحكومة.. وأن تتناسق الدول بحيث تكون كفالة الأمن والسلام أمراً لازما لا معدى عنه فإن من العدل أن تهدف الإنسانية إلى أسمى المثل وتعمل على تحقيقها قولاً وعملاً.

أما إذا اضطرب هذا الانسجام في الفرد والمجموع ساد الظلم في أقصى حديه: الإفراط والتفريط، وعمت الفوضى التي لا يصلح عليها أمر.. وينعدم حيالها كل رجاء في الإصلاح والتقدم.. وأن أقرب ما يحس به الفرد حينذاك هو الشعور بالفارق بينه وبين غيره!

إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا بالعدل وينهى عن الظلم، وقد جاء في الحديث القدسي عن الله عز وجل أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماًَ فلا تظالموا» ومن الطبيعي أنه إذا وقع الظلم انحلت القوى الفكرية وانتشرت جراثيم الوهم.. فلا مناص من أن يثوب المرء إلى رشده ويحسن التدبير ليوقن أن الظلم إنما هو انحراف الموازين الموضوعة، وليس هذا قضاء حاتماً ولا قدراًَ لازماً!

وإن الجبن يقعد بصاحبه عن المغامرة في شرف دفع الظلم فتتفكك أوصاله وترتعد فرائصه، وتختل قواه ويقبع في عقر داره .. وينعقد منه اللسان إن لم يلجأ إلى الملق والنفاق ليحجب أفاعيل الخور والهزيمة في نفسه، وهنا يزين له الشيطان مسلكه! فإذا بالجبان طاغية باغ وإذا بالرعديد كالصنديد إذا خلا بأرض طلب الطعن وحده والنزال.

وعندي أن الأناني لص اجتماعي.. لأنه إذا استغنى عن المجتمع بما لديه من مال أو جاه إنما يتسلل في الخفاء وينهب عرق الكادحين ويمتص دماءهم.. وهو في وكره البعيد ينعم بالدفء والراحة.. فهو يأخذ ولا يعطي.

إذن فليعلم كل من لا يعلم أن الفقر والجهل والمرض ما هي إلا أعراض الظلم والجبن والأنانية.. وهي بحق العلل الفتاكة.. ولنعمل لتعرية كل ظالم وكل جبان وكل أناني!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى