الطريق المسدود

> «الأيام» محمد عبدالله حمادي / القراعي- الضالع

> بصوت خافت، وبكلمات مؤلمة، وبعينين غائرتين وبخطى عاثرة اقترب ذلك الشاب من والده، وقف عند قدميه قائلاً: ست سنوات مضت على تخرجي من الجامعة، وإلى الآن لم أحصل على الوظيفة، فلقد ترددت على عتبات المسؤولين آملاً بالحصول على الوظيفة، لكن دون جدوى ولم أكن أعرف أنه سيأتي يوم تحذف فيه المواد الأدبية من دائرة التوظيف.

كان موقفاً حزيناً لذلك الخريج الجامعي، وهو يقص قصته لوالده الذي تكبد العناء حتى أتم دراسته وها ظهو الآن يتكبد العناء المضاعف من أجله، ولم يستطع ذلك الجامعي بشهادته أن يرد إليه الجميل.

كان يتذكر ذلك الخريج الجامعي اليوم الذي تخرج فيه من جامعته ويا ليته لم يكن، كان يتذكر أولئك الناس الجهال حين قالوا:

«إن تخصصك الذي درسته غير مطلوب الآن» وصلت حالة ذلك الخريج إلى مرحلة من الجنون، تسرب اليأس إلى قلبه، طفح الكيل بوالده ذات يوم، فقال له: لماذا درست التاريخ الذي أصبح لا يسمن ولا يغني من جوع» كرر الأب ذلك الكلام مراراً وحاول الإبن أن يدافع عن نفسه قائلاً: لكن يا أبى لماذا تفتح مثل هذه التخصصات على نطاق واسع، وتنفق أموالاً باهضة لهذا الصرح العلمي؟

ألا ترى يأ أبتي أن وجود هذا الصرح العلمي يدل على احتياجات البلاد لهذه التخصصات، وإلاّ لمَ فتحت؟

رد والده قائلاً: صدقت يا بني سكت الأب بعض الوقت عن الكلام، ثم تابع حديثه: لكن مثل هذه التخصصات قد جلبت لأصحابها البطالة، وجعلتهم مكدسين في منازلهم.

سكت الابن عن الكلام ذرفت عيناه بالدمع، كان لا يبكي على وظيفته بقدرما يبكى على تلك العلوم وما تتعرض له من إهمال، بعكس ما تولي الحكومات الأخرى جل اهتمامها بتلك الدراسات، أصبح ذلك الخريج الجامعي بشهادته قعيد البيت بدون بصيص من الأمل كان كثيراً ما يردد في خلوته( لكن تخصصك مرفوض وطريقك مسدود، مسدود) سمعه والده ذات يوم يردد ذلك المقطع، فرد عليه يا ولدي مفقود.. مفقود.. مفقود..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى