> حنان البدوي:

في ظل الأوضاع المعيشية المتدهورة وانهيار الخدمات الأساسية في مختلف المناطق، أصبحت الوقفات الاحتجاجية وسيلة مشروعة للتعبير عن الألم الجماعي والمطالبة بالحقوق التي كفلها الدستور والقوانين المحلية والدولية، ومع ذلك فإن هذه الوقفات لا تسلم غالبًا من حملات التشكيك والطعن في نوايا منظميها ومشاركيها، حيث تُوصم أحيانًا بأنها"مسيّسة" أو "تابعة لطرف سياسي معين.

فالاحتجاج فعل مدني لا بطاقة انتماء لكن من المؤسف أن يتم اختزال صرخات الناس في الشوارع إلى "أجندات حزبية"، وأن يُعامل المواطن المحتج كأداة سياسية،لا كصاحب حق مسلوب.

إنّ من يطالب بالماء والكهرباء والرواتب والخدمات الصحية لا يفعل ذلك لأنه ينتمي إلى حزب أو تيار، بل لأنه إنسان يعيش واقعًا قاسيًا، ويريد الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

يُستخدم التشكيك كأداة خطيرة لإسكات الصوت الشعبي ولإفراغ الاحتجاجات من محتواها. فعوضًا عن الاستماع للمطالب المشروعة، تُشن حملات عبر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لتصوير الوقفات على أنها "تحريض سياسي"، مما يؤدي إلى تشويه صورة المحتجين وخلق فجوة بين المواطن ومحيطه، بل وأحيانًا تبرير قمعه أو تجاهله.

وغالبًا ما يكون خلف حملات التشكيك أطرافٌ تخشى من قوة الشارع، وتخاف من كشف فشلها أو تقصيرها في أداء واجبها. هذه الجهات تسعى لتحييد الرأي العام من خلال خلط الأوراق، وتوجيه الأنظار بعيدًا عن جوهر القضية: غياب الخدمات، وتفاقم الفساد، وانعدام الشفافية.

من المهم أن نعي بأن الوقفات الاحتجاجية لا تحتاج توجهًا سياسيًّا، بل ضميرًا حيًّا، ومن واجبنا كمجتمع أن نقف مع أصحاب الحقوق، لا أن نخذلهم باتهامات جاهزة. كما أن على الإعلام الحر والناشطين أن يتصدوا لخطابات التسييس والتشويه، وأن يسألوا دومًا: ما الذي يطالب به هؤلاء؟ هل هو حق أم مطلب حزبي؟ الجواب غالبًا سيكون واضحًا: إنه الحق.

ختامًا صونوا الحق قبل أن تندثر الثقة.. فإننا إذا استمرينا في تشويه أي صوت يطالب بحقه، فإننا نقتل الثقة في العمل السلمي، ونفتح الباب أمام الفوضى واليأس، فصون كرامة الناس يبدأ من احترام صوتهم، لا من تكميمه.