الهراوة المطاطية بدلاً عن «الكلاشنكوف»

> علي هيثم الغريب :

>
علي هيثم الغريب
علي هيثم الغريب
نعم لا نستطيع أن ننكر أن أفراد الأمن المنتمين إلى وزارة الداخلية لم يتدربوا إلا على السلاح وإطلاق الرصاص، وهذا الوضع خلف وراءه ضحايا كثيرين في مختلف أنحاء الجمهورية، بينما هذه الوسيلة لم تعد مقبولة عالمياً ما عدا في البلدان المضطربة داخلياً.. أما في البلدان المتطورة أو المندمجة اجتماعياً فتستخدم الجهات الأمنية وسائل خاصة، وحتى هذه الوسائل الخاصة لا تستخدم إلا في الحالات الاستثنائية ومن أجل وضع حد للاضطرابات والمخالفات الجماعية للنظام العام والنشاطات الأخرى الضارة بمصالح المجتمع.. وهذه الوسائل الخاصة المدرجة في قوانين تلك البلدان هي: الهراوة المطاطية والأغلال والمياه والمواد المسيلة للدموع وغيرها. وحتى استخدام هذه الوسائل لا يتم إلا بعد تلقي التعليمات المفصلة، وهناك نظام معين لتطبيق التعليمات، وإذا تم اتباع هذا النظام فإن الهراوة المطاطية لا تنزل ضرراً بصحة الإنسان، وإلا فإن صاحبها سيتحمل المسئولية كاملة.

وهنا نحن نتساءل ما هو الفرق بيننا وبين تلك الأنظمة؟ ولماذا لا يستخدم الأمن الهراوة المطاطية بدلاً عن «الكلاشنكوف» أثناء تفريق المتظاهرين أو أي تجمع غير قانوني؟! ألم تروا أن الوقت قد حان لاستخدام هذه الوسائل الأمنية الخاصة؟ وأيضاً وضع تعليمات خاصة بإعادة «الكلاشنكوف» إلى خزنة وزارة الداخلية؟

صحيح أن كل القوانين مبنية على تعليمات وأعراف سلطوية قديمة، وأنه لا يوجد قانون يأخذ بعين الاعتبار متطلبات المجتمع وكيفية معاملتة بوسائل دفاعية لا تسبب لأفراده الضرر، إلا أنه من واجب وزارة الداخلية باعتبارها «هيئة مدنية نظامية» أن تصدر التعليمات أو تضع وثيقة إدارية داخلية تنظم طريقة استخدام الوسائل الحضارية في مواجهة المتظاهرين بغية حماية حقوق المواطنين، فرجال الأمن لا يستخدمون إلا الوسائل الموجودة بين أيديهم «أي الكلاشنكوف» وإذا تم اتباع هذه التعليمات فإن قتل المواطنين سيقل.. فقد استخدم الرصاص الحي في معظم محافظات الجمهورية الرئيسة أثناء تفريق المتظاهرين تحت مبررات واهية، واستخدم ضد اعتصام عمال السياحة المسالمين وقتل أحد المواطنين واستخدم أمام محكمة استئناف عدن وقتل مواطن.. وفي هذه الحالة فإن رجل الأمن لا يعرف كيف ومتى يستخدم السلاح؟ ففي البلدان التي تسود فيها العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية هناك لجان خاصة تقيّم تصرفات المتظاهرين وإجراءات الأمن في استخدام الهراوة المطاطية، وهل كان استخدامها قانونياً؟! وقد سمعنا «بذهول واستغراب» بيان وزارة الداخلية الذي أقر بأن استخدام القوة في تفريق المتظاهرين في عدن وصنعاء والحديدة وتعز كان شرعياً، لأن أحزاب المعارضة حرضت المواطنين على التظاهر ضد قانون ضرائب المبيعات، وهذا وبتلك «اللهجة الشمولية» يكمن في عدم وضوح الأسس التي تستند إليها وزارة الداخلية في استنتاجهاتها، إذ تبين من خلال بيانات وزارة الداخلية بعد كل مظاهرة أو اعتصام أن كل القوانين السارية خالية من ذكر الهراوة المطاطية، ولا يوجد قانون أو قرار داخلي يؤكد أن الهراوة أو الوسائل الدفاعية الخاصة هي أسلحة الأمن، فهذه الوسائل لم يتم إقرارها بعد. لذا فرجال الأمن الموجودون داخل سياراتهم أو الذين يخرجون إلى الشارع لحفظ الأمن يحملون بنادقهم الرشاشة ويسترشدون بالتعليمات القديمة التي يعرفونها رغم عقولهم السليمة. والعقل السليم مفيد بطبيعة الحال إلا أنه لا يمثل ضمانة من القتل أو التعسف، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار كافة المشاكل التي يعيشها الوطن، وتلك القناعات السابقة المتعلقة بالأمن ونظام إعداده، فما زال يسري الآن مفعول النظامين السابقين حول استخدام رجال الأمن السلاح الناري.

فإذا كان رجل الأمن في كثير من البلدان (طبعاً غير العربية) يبلغ مسئوله بكل حالة يستخدم فيها الهراوة المطاطية، ويقدم ذلك في تقرير، ويمنع منعاً باتاً استخدامها ضد النساء والأطفال والشيوخ والمعوقين وكذلك في مراكز الأمن، ويمنع كذلك استخدامها للضرب على الوجه أو الرأس.. ألا ترون أن الوقت قد حان لإعلان هذه التعليمات الإدارية والقانونية؟ فمتى سنرى رجل الأمن وهو ينظم المسيرة أو المظاهرة وبيده هراوة مطاطية وليس سلاحاً نارياً معبأ بالرصاص؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى