وتلك الأيــــام...الطوق الأخير

> محمد عبدالله الموس :

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
بالعين المجردة، بلا قياسات أو وسائل إيضاح، الوضع المعيشي للناس في حالة تراجع شاق، وبالعين المجردة ايضاً لا نرى على الطريق ما يدعو للتفاؤل، وحتى لا نوصم بالجحود فإننا لا ننكر وجود إنجازات معينة، اسفلتية وما في حكمها، لكننا نعني هنا المستوى المعيشي للناس وهو مربط الفرس لنجاح أي سياسة وهدف للحكومات على مر العصور وفي مختلف أنظمة الحكم من أعتى الديكتاتوريات إلى أفسح وأعرق الديمقراطيات.

إذا استبعدنا في هذا التناول سمات العصر الضاغطة وما نحتاجه من تأهيل للتعاطي معها، والحرب على الإرهاب وتفاوت النظر إليها بين كونها حرباً بمعنى (حرب) ضد خصم واضح العدد والعدة والمكان، وبين كونها عمليات حفظ أمن عابرة للقارات تحمل صفة الاستمرارية تطيح برأس هنا وتسقط نظاماً هناك، وتصلح خللا هنا وآخر هناك، وبقدر عجز النظام، أي نظام، عن الإيفاء باستحقاقات معالجة أسباب الارهاب - وهي في الغالب تنموية معيشية - تتقدم أولويته في إطار هذه العمليات.

إذا استبعدنا كل ذلك وتوقفنا عند أمورنا الحياتية المباشرة كالتراجع الشاق في المعيشة، من تآكل القدرة الشرائية للدخل، إلى تراجع الخدمات سعراً وجودة، إلى غياب الرقابة على ما يقدم لنا كمستهلكين من جهة، واهتزاز الثقة إن لم يكن غيابها في الإجراءات المتوقعة في المستقبل من جهة أخرى، فإن أمرا كهذا يتطلب وقفة مراجعة شاملة ومسؤولة لإصلاح الاختلالات التي أوصلتنا إلى ذلك وكما نلمس فإن عجلتها لم تتوقف عن الدوران.

هذه الحاجة للمراجعة تفرض النظر إلى دعوة المؤتمر الشعبي العام لحوار القوى السياسية على أنها دعوة حقيقية لحوار بقصد المعالجة وليست مجرد مناورة، وتفرض التعامل معها بالجدية التي يستحقها مستقبل الوطن ومعيشة أبنائه، وتفرض على الاطراف المعنية بهذا الحوار الاستعداد للتراجع عن المقولات الجامدة من أن «كله تمام» في نظر الحزب الحاكم و«كله مش تمام» في نظر المعارضة، ذلك أن النظر إلى دعوة المؤتمر الشعبي العام للحوار على أنها ناتجة عن ضغوط وليست عن قناعة يفقد التعاطي جديته، ثم إن الضغط يمكن أن تنتج منه قناعات.

إن نتائج سلبية الأداء تنعكس في صور شتى يمكن حصرها في خلل تنموي معيشي، وعجز في رعاية مصالح بلادنا وتبادل المصالح مع الغير، وعدم القدرة على مواكبة استحقاق سمات العصر الكونية، وهذا الخلل لن تقتصر أضراره على طرف أو حزب دون غيره، ولكنها تمس كل فرد في المجتمع، وعلى ذلك فإن المسؤولية تقع على كل الأطراف في إنجاح الحوار، فالسيول الجارفة التي تحيط بالمنطقة وببقاع كثيرة في العالم وما نعانيه داخلياً أصبحت عوامل ضغط بصورة تجعل الحوار المرجو حيوياً ويجب التشبث به بوصفه طوق النجاة الأخير ما قبل منطقة الشلالات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى