لابديل عن الممارسة الديمقراطية

> عبدالعزيز يحيى محمد :

>
عبدالعزيز يحيى محمد
عبدالعزيز يحيى محمد
في اعتقادي أن الذين يدّعون أن النتائج السلبية التي تتمخض عنها بعض العمليات الديمقراطية، التي تجرى سواء على صعيد المجتمع ككل أو على صعيد مؤسساته المدنية المختلفة، وفي مقدمتها المؤسسات السياسية الحزبية، ما هي إلا نتاج وانعكاس للممارسة الديمقراطة، إنما يختزلون ويسطحون مفهوم ومعنى الديمقراطية إلى أبعد الحدود، ذلك لأننا نرى أن النتائج التي تسفر عنها العمليات الانتخابية، تعد نتاجا طبيعيا لجملة من الأسباب والعوامل التي تم تكوينها وبلورتها، وتجسيدها في عقول وضمائر وأفئدة الناخبين على مدى سنوات وعقود طويلة من الزمن.

وعليه فإن الممارسة الديمقراطية أصبحت الوسيلة التي يعود لها الفضل في الكشف والتعرية أولاً بأول، وبطريقة سلمية عن الآراء والمفاهيم والقناعات والتصورات، مما يدعونا إلى تعزيز وتقوية وتأصيل ما هو إيجابي منها، ومعالجة وتصحيح ما هو سلبي وضار فيها، بعد أن كان يتم في ظل غياب الديمقراطية، التستر عليها وإخفاؤها وطمسها، مما يؤدي إلى سيطرة ممثلي منطقة أو قبيلة أو عشيرة على شؤون ومقددرات الآخرين، فينتج عن ذلك في الكثير من الحالات حروب وصراعات دموية، يروح ضحيتها الآلاف من البشر.

فلو بحثنا مثلاً الأسباب التي تدفع ببعض الناخبين أو المندوبين لإعطاء أصواتهم فقط للمرشح أو المرشحين الذين ينتمون إلى مناطقهم وقبائلهم وعشائرهم دون سواهم من المرشحين الآخرين، سنجد أنها تتمثل في أن أولئك الناخبين أو المندوبين، إنما يشعرون ويرون أن تلك الانتماءات للمرشحين هي وحدها دون سواها الكفيلة بضمان مصالحهم وحقوقهم، بل أن هناك من يرى ويشعر منهم أن الآخرين الذي ينتمون إلى مناطق وقبائل أخرى، لا يستحقون تمثيلهم أو شغل تلك المهام والمواقع التي يجري التنافس عليها في العمليات الانتخابية، رغم أن النظم التي أقروها لتنظيم شؤون المجتمع والمؤسسات التي ينتمون إليها، بنيت على أسس وطنية للانتماء إليها ولتحمل المسؤولية فيها، إلا أنهم في الممارسة يفعلون العكس من ذلك تماماً، غير عابئين بخطورة ما يقومون به على المجتمع والمؤسسات التي ينتمون إليها، رغم إدراكهم لذلك، فلو أنهم غير مدركين لذلك الخطر، أو أنهم يرون صحة ما يقومون به، لكانوا تجرأوا على المطالبة بتضمين ما يقومون به فعلياً على أرض الواقع في وثائق وأدبيات أحزابهم وتنظيماتهم، وهذا الأمر يثير لدينا سؤالا في منتهى الخطورة وهو: لمصلحة من هذا الذي يقومون به، ومن هو المستفيد منه؟

ومع اتفاقنا التام أن تلك الممارسات تشكل خطراً كبيراً على المجتمع وعلى الحزب أو التنظيم التي تجري فيه تلك الممارسات، ولعل أخطرها على الإطلاق هو انعدام الثقة بين الأفراد والأعضاء المنتمين إليها، إلا أننا مع ذلك لا نتفق مطلقاً مع الرأي أن دعاة تحميل الديمقراطية مسؤولية ما تسفر عنه بعض العمليات الانتخابية من نتائج سلبية، إنما يهدفون من وراء دعواتهم تلك العودة إلى سيطرة النظام الشمولي على المجتمع ومؤسساته، وذلك عن طريق العودة إلى نظام التعيين أو نظام القوائم المغلقة، التي تحدد بواسطة الاتفاقيات والصفقات السرية الجانبية، والتصويت على المرشحين برفع الأيدي، رغم أن التجارب أثبتت فشلها وعقمها وعجزها عن تلبية وتحقيق مطالب وطموحات الناس.

ولاشك أن هناك أسبابا وعوامل مهمة أخرى تؤدي إلى أن تفضي بعض العمليات الانتخابية إلى نتائج سلبية ومنها: رغبة بعض القيادات في إدارة عمليات الانتخابات للوصول إلى تلك النتائج، إذ تقوم بالإيعاز للقيادات الموالية لها في اللجان والهيئات والتكوينات الدنيا بحصر عمليات التسجيل والانتخاب للمندوبين والناخبين - كلما أمكن ذلك- على الموالين لها، وإضافة ناخبين أو مندوبين ممن تتفق آراؤهم وأفكارهم ومصالحهم معها، بما يضمن تحقيقهم النتيجة التي يريدونها.

ومما سبق يمكننا استنتاج ما يلي:

أولاً : على أفراد وأعضاء المجتمع ومؤسساته المختلفة كل في الإطار الذي ينتمي إليه إجراء حوارات صريحة ومباشرة حول مجمل القضايا والمواضيع مثار الخلاف، والتناقض فيما بينها، بحيث يؤدي ذلك إلى صياغة قوانين وبرامج ولوائح تنظم شؤون حياتهم المختلفة، متفق عليها، وفي حال شعور مجموعة أن ما اتفقت عليه الغالبية يعد انتقاصا وتقليلا من حقوقها ومكانتها، يمكنها تشكيل حزب أو تنظيم خاص بها.

ثانياً : يجب على أي مؤسسة أو منظمة من مؤسسات ومنظمات المجتمع أن يكون لديها نظام وآلية انتخابية متكاملة مقرة، يتم بموجبها تشكيل لجان انتخابية مستقلة ومحايدة من خارج الهيئات القائمة، تشرف وتدير على العمليات الانتخابية في مختلف مراحلها وهيئاتها.

ثالثاً: المحاسبة الصارمة والفورية لأي جهة وفرد يمارس أية أعمال وأنشطة مخالفة لأي نص وارد في قوانين ولوائح الحزب أو التنظيم والمؤسسة التي ينتمي إليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى