نجوم عدن .. عبدالله هادي سبيت

> فضل النقيب :

>
فضل النقيب
فضل النقيب
قد يعتب علي بعض أهل لحج، فعبدالله هادي سبيت المنسي في أيامنا هذه في زاوية من زوايا «تعز» المحروسة، التي لو عرفت أي جوهرة تضم لأطبقت عليها بالأجفان، هو من نجوم التاج اللحجي إذا ما اقتدينا بما كان يقال من أن الهند كانت جوهرة التاج البريطاني، ولكنني أسند ظهري إلى شاعر لحج الكبير مسرور مبروك القائل «أين بحر المانش من حُقّاتنا» فعدن ولحج هما شيء واحد ونبض واحد وإشعاع واحد:

تقول عيسي وقد وافيتُها سحراً لحجاً وبانت لنا الأعلام من عدن

أمنتهى الأرض يا هذا تريد بنا؟ فقلت كلا ولكن منتهى اليمن.. وقد رَمَح ابن سبيت بحصان شعره المطهّم مخترقاً دارسعد إلى قلب عدن مردداً نداء الثورة والحياة الجديدة: يا شاكي السلاح.. شوف الفجر لاح حط يدّك على المدفع زمان الذل راح

لقد كان هذا «المانفستو» الفني النابع من قلب عاشق للوطن أشد بلاغة وأرهف نصلا، وأعظم نبلا، من كل البلاغات رقم واحد للأحزاب التي تقاتلت على الوطن بأبناء الوطن لتنتهي إلى قتل الوطن نفسه، مثل صاحب الدجاجة التي كانت تعطيه بيضة من الذهب كل يوم فقرر مصادرة الكنز بضربة واحدة فقام بذبحها فلم يجد شيئاً ولما وجد نفسه عاجزاً عن إعادتها إلى الحياة قتل نفسه من الحسرة التي أذكاها الطمع وسوء التقدير والتدبير.

وأغتنم الفرصة لأشد على يد أخي وصديقي الفنان الكبير محمد مرشد ناجي الذي نسبت إليه أغنية «يا شاكي السلاح» في أحد المقالات فاتصل بي بأدبه الجم وقال لي: أرجو أن تصحح الخطأ فهي لأستاذنا عبدالله هادي سبيت، وهاأنذا أفعل يا أبا علي، أمد الله في عمريكما: وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر..

بالأمس القريب هاتفني صديقي المفضال محمد عبدالودود طارش، وقال لي إن عبدالله هادي حضر حفل توزيع جوائز مؤسسة هائل سعيد أنعم، طيب الله ثراه في تعز، وكان في حال يغني عن السؤال، وقد سمع من أحد الحاضرين أنه رآه عدة مرات يستخدم مواصلات الدراجات النارية في شوارع تعز الضيقة، وهذه الوسيلة هي الأخطر في العالم على الحياة فكيف بشيخ كبير «يتشعبط» خلف شاب طائش يتراقص بين السيارات المتدافعة كقطعان الذئاب.. الله يستر.. وقد حدثني فيما هو أكثر من ذلك معاناة صديقي الدكتور محمد هرهرة الذي يراه بين الفينة والفينة في عيادته بتعز، وأنا لا أملك إلا أن أتوجه بالنداء إلى راعي الآداب والفنون في وطننا الجميل الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، وإلى الوزير الإنسان خالد الرويشان، وزير الثقافة والسياحة، فقد أحسن هذا المبدع الكبير إلى ثقافتنا وذوقنا وأهليتنا للحياة الراقية العزيزة كثيراً، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان .. برجاء لفتة كريمة لينعم الرجل فيما تبقى له من أيام بحياة كريمة، ولا شك أن مثل هذه المكرمة ستسعد كل من عرفوا وأحبوا عبدالله هادي سبيت، الرجل العفيف القابض على الجمر، وأذكر أنه في القاهرة في الستينات قضى شهراً بجانب زميل مريض في المستشفى من دون سابق معرفة به أو بأهله.

كان عبدالله هادي موهبة وأي موهبة: شاعراً وملحناً ومؤدياً وملهماً هو في تقديري الأكبر أثراً بعد أحمد فضل القمندان. وكان وطنياً جسوراً جهيراً:

قال بوزيد جاني علم ما هو سوى

نكّد علي هيج اشجاني وعطّل مزاجي

يوم قال عجمتوا ما تردوا الجواب

ما هكذا كان ظني وارجال المحاجي

تحية إليك أيها الجوهرة الكريمة حينما كنت في تعز الغراء، التي لو عرفت قيمتك لأطبقت عليك بالمحاجر وحملتك على شغاف القلوب، وأنت أهل لكل ذلك وما هو أكثر.. ومعذرة عن التقصير.. وأي تقصير!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى