«الأيام» في منطقة يفرس : أهم معالمها يتعرض للتشويه والتدمير..و لا دور للآثار نحوهابركة منحوتة من المكان نفسه..قباب تعبأ بجص..وحمامات بخارية مخربة

> «الأيام» عبد الهادي ناجي علي :

>
مسجد الشيخ احمد بن علوان
مسجد الشيخ احمد بن علوان
عندما تتحدث عن جبل حبشي كمديرية مترامية الأطراف، فإن الحديث لا بد أن يتناول منطقة يفرس - بفتح الياء وسكون الفاء وضم الراء - التي تعتبر اليوم مركز مديرية جبل حبشي ، وتقع في غرب جنوب تعز على بعد حوالي ( 25 كيلومتراً ) تقريباً ويزداد الحديث تركيزاً عنها ليس لما فيها من مشاريع وجدت من خلال امتداد خير الثورة والوحدة، وإنما يتركز الحديث عنها لأنها تحتضن أهم معلم تاريخي وجد فيها منذ أكثر من 900 سنة تقريباً ، هذا المعلم التاريخي الذي يذهل الزوار القادمين من خارج الحدود اليمنية بينما يوجد بيننا من يهمله وينتهك حرمته بتلك المخالفات والمعتقدات التي لوكان صاحب الضريح المدفون فيه على قيد الحياة لكان موقفه منها رفضها والصراخ في وجه مرتكبيها .. يفرس أخذت شهرتها من شهرة صاحب الضريح الشيخ أحمد بن علوان، الذي وصف أنه أحد مشائخ الطرق الصوفية الكبار في اليمن.. «الأيام» زارت المنطقة بعد أن تنامي إلى الأسماع وجود تشققات وخراب متعمد وتشويه لذلك المعلم التاريخي، حيث التقت ببعض ممن هم قريبون من الموقع وأكثر التصاقا بجدرانه، وخرجت بالحصيلة التالية.

يستقبلك بهاء جامع ابن علوان
الطريق إلى يفرس طريق ترابي يشهد عملية رصف تمهيداً لسفلتته، وهو طريق يأخذ من الوقت أقل من ثلاثين دقيقة .. أول ما تصل إلى مشارف المنطقة يستقبلك منظر جامع الشيخ أحمد بن علوان ببياضه الذي يتلألأ مع ضياء الشمس جمالاً وبهاءً ، إلا أنك تصدم عندما تدخل إليه حيث ترى عيناك ما يرفضه العقل وتأباه النفس الموحدة لخالق واحد ورب واحد، وتعتقد اعتقاداً جازماً أن الله هو الرازق وهو الشافي وهو من بيده أنفاس العباد وقلوبهم يقلبها كيف شاء ، ولو كان الشيخ أحمد ابن علوان حياً يرزق لكان موقفه من أولئك الذين يسترزقون باسمه ويدعون ما لم يقله ويجعلون منه وسيطا بين الله وبين الخلق بحجة أنه ولي من أوليائه الصالحين، ونحن لا ننكر أنه ولي من أولياء الله، ولكنه ليس كما يجعل منه جهلة الناس فيقولونه ما لم يقله ويدعون ما لم يدعه هو نفسه منذ ما يقارب (826 سنة) .. و«الأيام» كونها تسجل مبادرة تحسب لها في وصولها إلى المنطقة فإنها تؤكد حياديتها في التعاطي مع موضوع يمس التاريخ والوطن، فالذي جعلنا نشد الرحال إلى منطقة يفرس سببان أحدهما ما وصلنا من أن مسجد الشيخ أحمد بن علوان يتعرض للانهيار ويتعرض للتدمير المتعمد من قبل بعض الجهلة بمكانته وتاريخه ، والسبب الثاني سيذكر في الجزئية الثانية من الاستطلاع، وكان الخبر قد شاع عن وصول ضيوف لمسجد الشيخ أحمد بن علوان، ولكننا لم نكن من الضيوف الذين يندرجون تحت (الصيد السهل) فلم تكن الزيارة كما يفعلها الزوار الذين يفدون الى المنطقة بهدف التبرك والصلاة وعمل تلك الأعمال التي يعتقدها الجهلة من الناس في شيخ توفاه الله بعد حياة من التعبد والتصوف، كان فيها من الزهد والتقى والورع الكثير، إلا أن الناس جعلوا من موته مصدر رزق لهم ، ولأننا لم نكن مصدر رزق لهم إلا أنهم فرحوا بمقدم «الأيام» يرافقني في الزيارة الزميل العزيز أحمد النويهي مراسل موقع (المؤتمر. نت) بتعز .. فكان في استقبالنا مدير المديرية الذي رحب بـ «الأيام» ورافقنا خلال مدة الزيارة التي استمرت ساعتين بصحبة مرافق له.

ضريح الشيخ احمد بن علوان
ضريح الشيخ احمد بن علوان
صباغ كيميائي مشوه
البداية كانت عند مدخل ضريح الشيخ أحمد بن علوان ،حيث لفت نظرنا وجود شخص يتعاطى القات عند باب المسجد وامرأة منزوية بجوار الضريح وكأنها تخاطب صاحبه ، منظر يؤكد الجهل المطبق على عقول العامة فكان إخراجهم من جواره ..( الضريح يقع إلى الجنوب من جامع الشيخ أحمد بن علوان) وهو عبارة عن بناء مربـع الشكل طـول ضلعـه 8.20 متراً، يفتح في جداره مدخل عرضه 2,70 متراً وارتفاعه 3 أمتار و عليه عقد نصف دائري ، ويغلق عليه باب يتكون من أربعة مصارع خشبية زينت بزخارف نباتية وهندسية، وتتقدمه ظلة خشبية تفتح من ثلاث جهات، الجنوبية منها ذات عقد مدبب قائم على كتفين ، أمّا الجهتان الشرقية والغربية فربطتا في كتفي العقد بواسطة عوارض خشبية متصلة مع جدران الضريح ، وهذه السقيفة من فترة الزيارات التي أحدثها الوالي العثماني مراد باشا للمسجد ، كما تنتهي جدران الضريح من الأعلى بشكل درجتين تأخذان شكلاً مقعراً على شكل مثمن ، وتفتح في ضلعها الجنوبي نافذة بعقد مدبب ، ويعلو هذا المثمن رقبة القبة والتي اتخذت شكلاً مستديراً زينت بزخرفة مسننة ، أمَّا قبة الضريح فلا تبعد في هيئتها وشكلها وطريقة بنائها عن قباب العمائر الرسولية كما في المدرسة المظفرية والقبة الرئيسية بالمدرسة الاشرفية ، ويفتح مدخل الضريح على قاعة مربعة الشكل طول ضلعها ( 6.80 متراً ) دهنت بصباغ كيميائي حديث أدى إلى تشويهها ، وليس للضريح محراب ،ويعلو جدرانه مناطق انتقال تتكون من حنايا ركنية مجوفة ذات عقود نصف دائرية ، كما يزين الجدران حنايا صماء عددها ثمان منها أربعة ركنية وأربعة صماء تتوسط الجدران الأربعة للضريح ، أمَّا رقبة القبة فتبرز من الخارج وهي ترتكز على الحنايا الركنية وشكلها نصف كروي ، وبصورة عامة فإن الطابع المعماري للضريح يغلب عليه طابع العمارة الرسولية.

عمارة الضريح
ويعتقد أن الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول ( 647 - 694 هـ ) هو الذي أمر بعمارة الضريح مع المسجد ، وذلك لما كان للشيخ أحمد بن علوان من منزلة عظيمة لدى ملوك وأمراء بني رسول ، وفي فترة الدولة الطاهرية أحدث الملك السلطان الظافر عامر بن عبد الوهاب ( 894 - 923 هـ ) ، إضافات وتلتها زيادة ملحقات وصيانة من قبل ولاة عرب وعثمانيين . وقد شاهدنا بعض النقوش الموجودة على باب الضريح يقول احدها :«أمر بعمارة هذا الجامع المبارك مولانا السلطان ابن السلطان الملك الظافر مولانا عامر عبد الوهاب ابن داؤود ابن طاهر، أعزه الله ونصره» .. وقد تم تجديد باب الضريح عام 187هـ وكانت وفاه الشيخ أحمد بن علوان ( ليلة السبت.. العشرين من رجب سنة 665 هـ) بقرية يَفْرُس ، ودفن على باب المسجد ، وهو القبر الملتصق بالمسجد على يسار الداخل إليه.

بركة منحوتة من المكان نفسه
بركة منحوتة من المكان نفسه
تابوت
و يقع في الجهة الغربية من الضريح بجوار المدخل (تابوت) كي يتسنى للناس زيارته بسهولة ويسر وهو عبارة عن تركيبة رخامية كالتراكيب التي في المدرسة الاشرفية بمدينة تعز ، مع العلم أن التابوت الأصلي الذي خربه ولي العهد أحمد بن يحي بن حميد الدين، كان مصنوعاً من الخشب وفي عام ( 1386 هـ ) تم عمل تابوت حديث غطي بقماش أخضر وزين بكتابات عليها عبارات التوحيد والبسملة ، وكذلك اسم الشيخ أحمد بن علوان، في الجهة اليمني من مدخل الضريح رأينا قبرا قيل لنا إنه قبر أحد العاملين في بناء المنارة سقط وهو يقوم بإصلاحها فمات من ساعته ولذلك عملوا له قبرا .

المنارة .. وقباب الجامع
يقول الحاج عبد الله عبد القوي عبده أحمد، قيم ومؤذن مسجد الشيخ أحمد بن علوان (الجامع العلواني) إن: باب مدخل المنارة من حجر حرض منحوت نحت ذكر وإناث .. والمنارة مركبة على حرف واو القطب، والدرجة حرف واو وهى حجر ياجور من داخلها وخارجها وهى محتوية على ثلاثة احواج الحوج الصغير الأول والحوج الثاني والحوج الثالث بما في ذلك الحوج الرابع الذي فيه الهلال، رأس المنارة ، وقد بناها البناء حتى الدور الثاني فخفف المنارة بأخشاب.

ويضيف قيم المسجد متحدثاً عن قباب المسجد أن هناك أربع قباب بالجهة الشرقية وأربع قباب بالجهة الغربية ، قبة المنارة القديمة وقبة في باب السلام .. باب الشرقي وباب العدني الذي عليه المدرج من أسفل القرية من حارة الجميمة .. ويحد المسجد أربع حارات هي حارة الجامع ، وحارة السوق و حارة الحيضان وحارة الغوث.

ويقول: إن القباب تعرضت للتشققات من تحت إلى فوق وإن الخطر يهدد القباب وحتى لا يقع المكروه فقد تم تعبئة القباب بقليل جص على يد واحد فاعل خير اسمه ناصر الرميح ، فأصلح التشققات التي ظهرت في القبتين الكبيرتين بجص - النورة - موجود إلى الآن في الأربع القباب الشرقية والأربع القباب الغربية، لكن النورة غير جيدة والعمل غير متقن، و في قبلة ما يسمى حرم الجامع يحتاج إلى إصلاح.

لادور للآثار ولا للأوقاف
وعن دور الهيئة العامة للآثار في عملية ترميم تلك التشققات قال : أصحاب الآثار لم يعملوا لنا حاجة .. جاءوا إلى هنا جاء عندما كان ناصرالرميح يرمم تلك التشققات، وكان المدير حينها الأخ عبد الله عبد الجليل ، ويؤكد أنه قال: خليهم يصلحوا.. فأصلحوا وكانوا ينقشوا بعض الذي هو خارب ورمموا بجص واسمنت مخلط ولكنه اعترض على التصليح.

كما أن الآثار جاءوا وقالوا: خلوهم يمشوا حالهم مادام قد فكوا وبعدين سنصلح الباقي وإلى الآن لم يصلحوا.. لا الأوقاف ولا الآثار ولا أحد إلا بسعادة مدير عام المديرية هذا الذي طلبكم إلى هنا.

والآن، إن شاء الله، وبفضل زيارة «الأيام» سيرمم الجامع بحول الله وقوته.

البركة المنحوتة
ويواصل حديثه معنا عن البرك الموجودة في ساحة المسجد فيؤكد قيم المسجد أن البركة الكبيرة التي فيها المساتر منحوتة نحت في المكان نفسه.. وهناك البركة المتوسطة و بركة القناديل الصغيرة أو كما يسميها المحبون للشيخ أحمد ابن علوان (بركة الشفاء).

وقد ظهر عليها الإهمال والتشويه الذي طال البرك جراء عدم فهم القائمين على المسجد بأهمية الحفاظ على المعلم الأثري .

ويقول الشاب محمد منصور الشدادي، وهويجيد عددا من اللغات، ويعمل مترجما، إن هناك مجموعة من السياح الألمان بادروا وأحضروا معهم جهاز فاحص خاص بالجيولوجيا من اجل التأكد من طبيعة البرك ولأكثر من ساعتين ونصف مكثت معهم بعد أن تم تنظيف المكان وفحصوا بعض الحاجات وكان المسؤول عنهم ينزل يده إلى الأوساخ ويفحص فوجد المكان عبارة عن حجر واحد وسأل عن عمره فقلت له 850 سنة.

ويضيف قيم المسجد العلواني في شرحه لـ «الأيام» أن الحمام البخاري قديم، وكانوا يستحمون فيه، وقد بني حال بناء الجامع ويحتوي على غرف اغتسال ومخالع و شذروان وساقية وحمامات لقضاء الحاجة وكراسي من صبة وكله جبل نورة، هذا وقد تعرض للخراب وأصلحه المرحوم محمد احمد نعمان ، والدست النحاسي موجود محل القبة وقد أصلحه المدير السابق عبد الرحمن علي محمد نعمان، رحمه الله، واشتغل فترة ثم خرب، والآن تخرب من الجهة العدنية مكان القباب خمس، ست قباب قدهن مكسرات من الرأس.. والحمام يريد إصلاح شامل وكامل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى