مجلس التنسيق بين منتديات عدن .. خطوة إلى الأمام

> محمد فارع الشيباني :

>
محمد فارع الشيباني
محمد فارع الشيباني
في مقالة سابقة قلت إن «عدن ولادة» لأنها مجتمع مدني حضاري، كبحيرة جميلة قد تهدأ أحيانا وتتعكر مياهها بسبب تدفق السيول إليها من الجبال، ولكنها لأنها بحيرة نقية جميلة طاهرة، فسرعان ما تزيل المياه النقية فيها أي أوساخ، وردت إليها من جراء السيول، فتعود كما كانت نقية، تنعكس جبال شمسان عليها، فتبدوا غاية في الجمال، هكذا كانت عدن عبر التاريخ منذ آلاف السنين، والتي نقول إن سيدنا آدم جاءها، وعبر توافد الحجاج الآتين من الهند الى قلعة صيرة، حيث تقول الأسطورة إن آلهتهم تعيش في بئر في القلعة، هذه هي عدن، وذاك تاريخها. مدينة تشع نوراً وجمالاً، وقد قلت في مقالتي تلك إنه بعد ركود، بدأ المجتمع المدني في عدن يتحرك، وظهرت مجتمعات مدنية فريدة من نوعها، مستحيل أن تنشأ في أي مكان آخر غير عدن، وهي ظاهرة المنتديات التي انتشرت، من التواهي التي يعشق المحيط الهندي سواحلها، إلى المعلا التي تنظر جبالها بشموخ وتحد نحو الشمال، الى كريتر التي تحتضن جبالها التاريخ، الى خورمكسر المنبسطة، فتعانق مياه البحر الزرقاء، الى الشيخ عثمان والمنصورة، حيث تختلط الأهازيج والأصالة، الى البريقة التي تحرس جبالها الشامخة إخوتها من المدن الأخرى متحدية أي معتد، هذه هي عدن.

ولقد ظهر أني كنت محق أن المنتديات التي ظهرت، هي دليل على أن عدن ولادة وأن المجتمع المدني فيها بدأ يتحرك. وفي زيارة أخيرة قمت بها الى عدن، ظهر لي أن هذه المنتديات تسعى لتخطو خطوة أخرى الى الأمام، وذلك من خلال ما سمعته في تلك المنتديات من نقاش حول تشكيل «مجلس التنسيق بين منتديات عدن»، كان النقاش يدور حول الفوائد التي ستعود على أبناء عدن، وتمكنهم من لعب دور فعال في شؤونهم الخاصة والمتعلقة بحياتهم اليومية، والتي تأتي عليهم سلباً وإيجاباً، كما أن ذلك سيمكنهم من تشكيل لوبي قوي، إذا جاز التعبير، من التأثير في الانتخابات المحلية وكذلك البرلمانية، وذلك من خلال دعم مرشح معين شريطة أن يلتزم بقضايا المواطنين في عدن.

إن قيام مجلس التنسيق بين منتديات عدن، سيعطي قوة لسكان عدن، من مستقلين أو حزبيين أو مهمشين، من فرض طلباتهم لتحسين الظروف المعيشية لهم مهما كانت توجهاتهم السياسية، لأن مجلس التنسيق لن يكون حزباً أو مظلة لأي آراء سياسية، بل منظمة مدنية تجمع جميع التوجهات السياسية، يعملون من أجل صالحهم كمواطنين يعانون ويقع عليهم ظلم اجتماعي لا يفرق بين آرائهم أو افكارهم السياسية، ولذلك فهم في حاجة الى مؤسسة مدنية تعبر عن آمالهم وتطلعاتهم، لقد كان قيام المنتديات بحد ذاته خطوة الى الأمام، فعندما تحولت أماكن المقيل والثرثرة و«العرعار» الى منتديات تناقش فيها قضايا المواطنين في عدن، وبصراحة كان ذلك خطوة الى الأمام وبداية مجتمع مدني متحرك، وليس راكدا، وبدأ التاريخ يسجل خطوة صغيرة نحو عودة عدن للريادة الاجتماعية والفكرية، وبذلك فإن قيام مجلس التنسيق سيكون خطوة أخرى الى الأمام، وإثبات آخر بأن بحيرة عدن، بدأت تتخلص مما ترسب فيها جراء السيول.

ولقد سمعت أثناء النقاشات حول الموضوع أصواتا مترددة خائفة من بطش قد ينزل عليهم، وأنا لا ألوم تلك الأصوات الخائفة والحذرة، فهي نتاج سنوات من الحكم الشمولي، الذي زرع في النفوس الخوف والتردد، جراء ما شاهدوه وما حل بمن رفع صوته في تلك الأيام، ولكن تذكروا أن الخوف لا يصنع حياة أفضل، وأن الأيادي المرتجفة لا تقدر على البناء، وفوق هذا وذاك، فإن الجبناء لا يصنعون التاريخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى