أشلاء العفاريت

> عبدالقوي الأشول :

> العفاريت تسكن قمم الجبال والأماكن الخربه المهجورة، ذلك ما كنا نعتقده جازمين، عندما كانت الصواعق المصاحبة لفصل الصيف وأجواء المطر تترك عدداً من الضحايا في قرانا الجبلية، إلى درجة أن الأهالي وعقب وقوع الصواعق، يتحدثون عن أشلاء العفريت الذي أطاحت به الصاعقة، مدعين عثورهم على بعض أشلائه، أو شمهم شواءها المحترق، وأضحى لديهم يقين بأن تلك العفاريت هي وراء عدم سقوط المطر في أحيان كثيرة.

أما عندما تقع الصواعق في بعض المنازل المأهولة، فذاك مرده احتماء العفريت ببني البشر، لذلك كنا عند اشتداد البرق نتمتم بما حفظنا من سور القرآن الكريم. عموما... ذكر المطر وحديث سكان بعض القرى عن ضحايا البرق أو الصواعق أعاد إلى ذهني حجم ذلك الخوف الذي كان يعترينا عندما تكون أجواء الصيف مصحوبة بصواعق المطر بصوتها المدوي، إلا أن أحد الزملاء من يافع حدثني بالأمس عن نكبة إحدى الأسر في منطقة الجبل لعلي، عندما كانت حصيلة البرق موت طفل وشخص آخر في قريتهم، في حين حدثني زميل آخر من منطقة حبيل الريدة بحالمين قائلا إنه يسكن حبيل الصواعق لكثرة الصواعق التي تقع في حبيل الريدة.

مشيراً أنه لولا لطف الله لكان عدد ضحاياها كبيراً، خصوصاً وأن جميع منازل الأهالي في الحبيل لم تسلم من وقوع البرق فيها، وهو الحال الذي أدى إلى إتلاف أجهزتهم الكهربائية كالتلفزيون والهاتف.

الغريب في الأمر أن آباءنا وأجدادنا كانوا الأكثر ذكاءً في مجابهة أنواء من هذا النوع، خذ مثلاً ما كان يعرف بتشريفة المنزل اليافعي، تلك التشريفة المصنوعة من أحجار بهيئة المثلث وبأبعاد معينة، كانت تشكل علمياً إفراغاً للشحنات الكهربائية التي تحملها الصاعقة، وبذلك يمنعون وقوع ضررها على أسرهم.

تلك التشريفة اختفت، وربما أعدوها جزءاً من تراث الماضي الذي لا يليق بمظهر البناء العصري، ناهيك عن عدم اتباع وسائل بسيطة تقيهم خطر البرق، مثلاً نصب عمود حديد مدبب الرأس على المنازل أو بالقرب منها، وهذه حسب رأي العلم وسيلة ناجحة لإفراغ شحنات البرق المميتة، لكن لا أحد يأبه لعملها رغم فكرتها التي لا تحتاج إلى الكثير، خصوصاً وأنها طريقة شائعة في العديد من البلدان.

على صعيد آخر، أخذ التفكير بإنشاء السدود المائية في الريف بصورة عامة منحنى أو طريقاً لمجابهة مشاكل الجفاف الـذي زادت معاناتـه فـي السنوات الاخيرة.

وتجربة السدود هي من صميم تراث حضارتنا اليمنية، لذلك امتلك الآباء والأجداد تجارب غنية أنشأوا في ضوئها سدودهم بمواد بدائية لكنها أكثر فاعلية، بل وقاومت ظروف التعرية لآلاف السنين بدليل أن تلك السدود المعمولة جوانبها بما يعرف بـ(القضة) مازالت تعمل حتى اليوم.

أما بعض السدود الحديثة فقد فشلت في حفظ المياه بحكم طبيعة إنشائها، حيث تخلى جيل اليوم عن هندسة الأجداد في التدرج بحجم السد من قاعدة صغيرة، تتوسع تدريجياً حتى يبلغ النهاية بسعة أكبر، إذ استعاضوا عنها بسدود مربعة أو دائرية بمقاس واحد، وهو ما جعلها تبدو شديدة الوهن أمام ضغط المياه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى