> نشرت صحيفة «الوطن» السعودية في عددها يوم أمس تقريرا اخباريا فيما يلي نصه : «روى رئيس الحكومة اليمنية السابق المهندس حيدر أبوبكر العطاس لـ" الوطن" تفاصيل ليلة قضاها في قصر الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين سبقت ضرب بغداد بليلة واحدة. فيما يلي التفاصيل:

كان ذلك قبل ضرب العراق بليلة واحدة. كنت قد ذهبت لبغداد برفقة وفد من الحكومة اليمنية في محاولة لإثناء الرئيس صدام حسين عن موقفه وإقناعه بالانسحاب الفوري وأن هذا العمل الذي أقدم عليه خطير جداً على الأمة العربية كلها.

في الطريق إلى بغداد مررت أولاً على عمان والتقيت العاهل الأردني الراحل الملك حسين وشقيقه ولي العهد آنذاك الأمير الحسن. وشرحت لهما طبيعة وأهداف مهمتي فأعربا عن مواقفهما وتمنيا لي النجاح بعيون كلها شك في نجاح المهمة.

وصلت إلى بغداد ودخلت على الرئيس صدام فوجدت معه كبار قادته وأبرزهم طه ياسين رمضان وعزت الدوري.. استمر اللقاء نحو ساعتين وبدأنا نشرح أهداف مهمتنا وكيف أننا نتمنى للعراق ألا يكون عرضة لحملة عسكرية أمريكية أو عالمية ورحنا نشرح كذلك كيف أن الانسحاب أو على الأقل إعلان الانسحاب الفوري سيكون له سيناريو محكم يحفظ للعراق كرامته وللرئيس ماء وجهه. وأكدنا له حصولنا على ضمانات فرنسية تخدم هذا السيناريو الذي لا يسيء للعراق كدولة ولا للرئيس صدام كزعيم.

بقينا نتحدث نحو ساعة على أمل أن ينطق الرئيس بكلمة فيما يكتفي هو بالنظر في وجوه طه ياسين وعزت إبراهيم وطارق عزيز مبتسماً أو ساخراً.. وعندما بدأنا نشعر بالتعب من التحدث والشرح والتحليل وصلت في نفس اللحظة برقية عاجلة من وزير الخارجية الفرنسي حرص صدام على قراءتها فإذا هي تحمل نفس المعاني التي نتحدث فيها. عند ذلك تصورنا أن ثمة انفراجا سيحدث وأن الحوار بيننا سيكون واضحاً وشاملاً وأننا سندخل في التفاصيل.

فجأة رد صدام مزمجراً ومردداً في وجوهنا عبارة واحد هي": الانسحاب كفر.. التراجع كفر".

قلت له": لتعلم أن الجميع ضدك.. العرب ضدك.. والعالم كله ضدك وأنا مضطر لأن أكون صريحاً معك لأقصى حد.

فجأة سمعت كلمة إيران.. فقلت لصدام حتى إيران تقف ضدك. قال لا. قلت كيف وقد دخلت في حرب طاحنة استمرت أكثر من سبع سنوات وراح ضحيتها أكثر من نصف مليون قتيل؟ قال: لقد دخلنا مع إيران في حرب شجعان واتفقنا على الحرب باتفاق شجعان.

قلت له: يا فخامة الرئيس أنت في موقف صعب وعليك الانسحاب الآن وهذه شهادة أقولها لك وللتاريخ فردد من جديد: كفر كفر.

عند ذلك حاولت استفزاز كل من طه ياسين رمضان وعزت إبراهيم وطارق عزيز لكني لاحظت أنهم لا يحركون رؤوسهم إلا عندما يتحدث الرئيس فإذا تحدثت تحولوا إلى خشب مسندة فخرجت من عند صدام والتقيت في بغداد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورويت له ما حدث فطلب مني المبيت لليلة واحدة في بغداد.. قلت له: لن تكون هناك جدوى ولو عندي أمل ولو بنسبة 1% لبقيت في بغداد مع عرفات ليلة أخرى.. وبالفعل غادرنا بغداد ومررنا مرة أخرى بعمان فوجدت الملك حسين وولي عهده ينتظران في المطار، ولما رويت لهما ما حدث من صدام قال الملك حسين:" الآن سيحدث الزلزال".

غادرت عمان إلى صنعاء وما أن دخلت منزلي حتى اتصل بي سفيرنا ليبلغني أن C.N.N أذاعت خبر الحرب.

يضيف العطاس:" إنها محنة عربية من الممكن أن تتكرر فمن الواضح أن بعضنا لم يستوعب الدرس وللأسف فإن بعض الزعماء العرب عندما يصلون إلى مرحلة معينة يسخرون من كل شيء ولا يستمعون لنصح من أحد وبالتالي يدخلون بلادهم وأمتهم في متاهات لا طاقة لهم بها».