حكايات من على الشاطئ السقطري

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
حكايات السقطريين مع البحر طريفة ومدهشة، وربما تميل أحياناً إلى الخيال أكثر من الواقع، إلا أنها بمجملها تصور البحر وما في أحشائه من خير وأنوائه المباغتة العاصفة المميتة.. إنه البحر بلججه التي لا يقوى على امتطاء موجها إلا العارفون به، ممن يجيدون استقراء صفحة الماء التي تبدو ساكنة، وما ينبغي أن تكون عليه بعد لحظات، وبالقدر الذي هو موئل الخير الوفير لمن يقصدونه مع حلول المساء في الغالب، وهي المواقيت المفضلة لدى تلك الشريحة الاجتماعية، بالقدر نفسه هو البحر بعينه الذي يكتنف تحت مد زرقته الرائعة حكاياتهم الموجعة، ومآسيهم المنتهية غالباً باختطاف الأرواح، إذ قلما يكون الحديث عن طوق نجاة في نواحي البحر البعيدة.

حتى مهاراتهم التي تبدو فوق طاقات البشر العاديين في القدرة على السباحة لمسافات خيالية، تبدو واهنة عندما تكون المفاجآت غير السارة على بعد أميال عدة من الشاطئ.

ومع ما تقدم.. تظل للبحر نكهته التي لا يدركها إلا من أدمنوه .. فأي نشوة توازي تلك التي يشعر بها ذوو الأجساد النحيلة هؤلاء، الواقفون بثبات في مقدمة قوارب صيدهم، إثر كل رحلة صيد تنتهي بمحصول عطاء البحر الوفير.. ترتسم معالم الفرحة على وجوههم.

أما أندر حكاياتهم، فغالباً ما تدور حول ما يسمى لديهم بحوت العنبر أو حنش البحر ذي الحجم الهائل، إذ يستدلون على صدق ما يذهبون إليه من خلال تلك الفقرات العظمية الخيالية المظهر لبقايا حيتان نافقة على سواحل الجزيرة العملاقة، لفقرات أعمدتها ذات الكتل العظمية الضخمة جداً، مشيرين بأسى إلى ما تلقاه تلك الأحوات من قتل على أيدي السفن الأجنبية المتقرصنة، التي يقوم طاقمها برمي هذا الحوت العملاق بعد الإجهاز عليه وانتزاع العنبر من أحشائه، ليترك بعد ذلك جثة هامدة على الشاطئ.

مدعمين حكاياتهم تلك بما حصل خلال الأعوام القليلة الماضية، وما ظهر من حيتان على الشاطئ مفرغة من العنبر، مؤكدين أن أعداد تلك الحيتان أصبحت قليلة جداً، وهي في طريقها للانقراض التام.. بحكم الخطر الذي يحيق بها.

أما كمية ما يتم انتزاعه من حوت العنبر الواحد، فيختلف بحسب حجمه، وهي في الغالب كميات كبيرة تقدر قيمتها بالملايين، إذا ما قسنا الحال بأسعار الكيلو العنبر في السوق.

عموماً ذلك المجتمع السقطري المستمد رزقه من البحر، يمكنه أن يكون منتجاً إذا ما أردنا له ذلك، وهو ما يقتضي تأهيل الأبناء للعمل في مهنة آبائهم وأجدادهم، وتوفير مستلزمات العمل عبر تسهيلات تقدمها التعاونيات الناشطة في هذا المجال وبدعم حكومي ..وهي أمور تسهم في امتصاص البطالة لدى أولئك السكان البسطاء.

ويكون عائد عملهم كبيراً إذا ما أحسنا البحث عن أسواق تصديرية لمنتجاتهم، بعيداً عن الاحتكار القائم، ثم إن المهمة الأخرى تقتضي حماية ثروة سقطرى المائية، واليمن بصورة عامة من عبث السفن الأجنبية، ومن الاتفاقيات المجحفة التي أتت على كنوزنا البحرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى