وتلك الأيــام...كفانا تخديراً

> علي الكثيري:

>
علي الكثيري
علي الكثيري
من الملموس إصرار السلطة على نهج التعاطي مع مظاهر الأزمة الوطنية وتجلياتها ونتائجها، وليس التعاطي مع جذورها ومنابعها وأسبابها، وهو توجه لا يؤتي انفراجاً ولا يحقق شفاءً حقيقياً أو معالجة جذرية.. أقول قولي هذا، في ضوء ما يتم تسريبه وتداوله عن تحرك سلطوي لإقناع بعض القيادات السياسية النازحة للعودة من منافيها إلى الوطن، والمشاركة في (حكومة) جديدة (مرتقبة)، ذلك أن تحركاً كهذا لا يندرج إلا في سياق ذلك النمط من التعاطي العقيم الذي يعمق من مأزق الوطن وأزماته.

نعم تلك هي الحقيقة، ذلك أن نزوح تلك القيادات إلى الخارج، لم يكن إلا نتيجة من نتائج الأزمة الشاملة التي اضطرمت حرباً صيف عام 1994م، ثم إن بقاء تلك القيادات في المنافي والشتات طوال الأعوام الفارطة، كان تجلياً من تجليات الحالة الوطنية المأزومة، ومن هنا فإن عودة هؤلاء إلى البلاد - وهي حق من حقوقهم - لن تقدم ولن تؤخر، ولن تحدث أي اختراق فعلي لواقع الانسداد الوطني الشامل، ذلك أن منابع الأزمة وجذورها كامنة وناشطة في أعماق النظام السياسي القائم، وستظل اضطراماتها متسامقة وحارقة مادامت بعيدة عن أفاعيل المعالجة الإصلاحية الجادة، سواء عاد النازحون والمبعدون أم لم يعودوا، لذلك فلا جدوى حقيقية من ذلك النهج الذي يمعن في إنتاج الإجراءات الشكلية الدعائية التي تروم ذر الرماد في العيون، بل على العكس من ذلك، فمثل هذا النهج يؤجج الأزمات ويهدر فرص النجاة من عواقبها، ومن هنا يغدو ضرورياً الإسراع في امتلاك الإرادة التغييرية الفعالة، التي تنطلق بجراءة واقتدار لمعالجة منابع الأزمات وجذورها ومسبباتها وملهباتها، وذلك من خلال منظومة إصلاحات سياسية شاملة ومتكاملة، تضع حداً مانعاً للأزمات والمآزق والتشظيات، وتجتث مسببات الإقصاء والنفي والإبعاد، وتوطد دعائم الاستقرار والنماء والوئام، وتخصب مقومات انطلاقة وطنية نهضوية طال أمد انتظارها.. ذاك هو السبيل الأسلم والأنجع للانتصار لحاجات الوطن وأبنائه، وذاك هو المضمار الذي ينبغي على القيادات النازحة العودة إلى الوطن على أساس تفعيله، أما ما عدا ذلك فلا يُرجى منه غير الخواء والتردي ومضاعفة الانكسار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى