مدير المصحة النفسية بتعز لـ «الأيام»:( 1 - 2 ) بدأنا نؤسس للصحة النفسية في تعز بعد عدن و المريض العقلي مثله مثل مريض السكر

> تعز «الأيام» عبد الهادي ناجي علي:

>
أحد مباني المصحة النفسية بتعز المبني على نفقة بيت هائل
أحد مباني المصحة النفسية بتعز المبني على نفقة بيت هائل
عندما كنا صغاراً كان يتردد على مسامعنا اسم (مستشفى المجانين) أو ما كانت تعرف بـ (الشبكة) فكان كل واحد يفقد عقله أو لم يعد طبيعيا في الحياة وفي تعامله مع الآخرين كانت نهايته إلى أحد المكانين، وأتذكر أنه في فترة من الفترات تم سحب كل (فاقد عقله) إلى الشبكة بسبب واحد منهم عمل عملته ضد مواطن فكسر رأسه وألحق الأذى به، وآخر يظل يخيف المارة، وثالث يبث الرعب في الطرقات والأماكن العامة، حتى وقت قريب عرفنا مصطلحا جديدا هو (المصحة النفسية) تقوم بنفس الدور الذي يقوم به كل من المصطلحين المذكورين، ولكن فرق بين مصطلح وواقع كفرق الشمس عن الأرض، فالاسم اسم وكما يقال اسم دون مسمى ولذلك أسباب كثيرة. «الأيام» من منطلقها الإنساني الدائم الذي تحمله نزلت إلى (المصحة النفسية) والتقت المسؤولين عنها ووجدنا الترحيب منهم، فالواقع يستدعي أن يتداعى الجميع إلى مد يد العون إلى هذه المصحة ويستدعي الحال أن يبادر رجال المال لتوقيف جزء من ثرواتهم الضخمة لصالح المصحة، التي لو وفرت لها الإمكانات لكان حالها أفضل مما هو واقع اليوم، ويتطلب الوضع في المصحة أن تتحرك منظمات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب التي تقدم التنظير فقط للشعب بما فيه الفاقدين للعقل.

الزيارة حملت أسئلة ووجدنا أن من فيها يسألوننا: ماذا يجدي الكلام؟ فقلنا لهم لا يأس فرب كلمة حركت مشاعر وأحاسيس من لديه قلب يفقه ويحس ويشعر بأنه ربما سيكون في يوم من الأيام نزيل المصحة - أجارنا الله وإياكم من ذلك .

المصحة تستقبل من كل شرائح المجتمع: الطبيب، المعلم، الموظف، المهندس، الضابط، الجندي ...إلخ.

الاستقلالية
ولمعرفة المزيد فقد كان الحديث في البداية مع الدكتور عبد الحق محمد ناشر مدير المصحة .. والذي تحدث إلينا بقوله : بالنسبة للمصحة الآن في اتجاه أن تكون مستشفى للأمراض النفسية، لأنها كانت سابقاً قسماً تابعاً لمستشفى الثورة، وكنا مجموعة مقسمين للعمل ثلاثة أيام هنا وثلاثة أيام هناك في مستشفى الثورة .. وقبل سنة ونصف تقريباً أصدر المحافظ ومدير مكتب الصحة قراراً أن تأخذ المصحة الاستقلالية، حيث إن كل المرضى يحضرون إلى هنا، فعملنا عيادة صغيرة فقط للضرورة في مستشفى الثورة .. لكن الأساس هنا بالنسبة للمرضى .. وكان لدينا هنا في الأعلى قسم للنساء ، وكنا نستقبل عددا كبيرا من النساء، لكن في فترة اقفل بسبب الإشكال الذي حصل عندما تم نقل مرضى مجمع هائل فيما كان يسمى (الشبكة)، فأخذوا علينا القسم، ثم بنى لنا بيت هائل هذا المبنى، وجاء الصندوق الاجتماعي للتنمية وشيد مبنى وكأنهم كانوا يدرسون المستقبل بأن المرضى هؤلاء سيزيد عددهم.

أجهزة وأثاث على حساب الصندوق الاجتماعي غير مطابقة للمواصفات
أجهزة وأثاث على حساب الصندوق الاجتماعي غير مطابقة للمواصفات
مرض نفسي وعقلي
ويقول: لدينا نوعان من المرضى: المرضى النفسيون، والمرضى العقليون، والعقليون هم المضطربون عقلياً الذين عادة ما يكونون خطرين على أنفسهم أو على المجتمع أو على أفراد الأسرة، وهؤلاء هم الذين تحضرهم الأسرة أو عن طريق الشرطة ونتحفظ عليهم عادة للعلاج، ويقوم العلاج على عدة محاور فهناك علاج بالعقاقير، وعلاج نفسي وعلاج اجتماعي .. والمريض العقلي ببساطة هو ذلك الغير مستبصر بحالته، ولما يكون في البيت يكون حاجة ثاني يتحول إلى عدواني، أما المريض النفسي فيحضر بنفسه يقول لك أنا أعاني وتعبان أريد أن أتعالج، ويحضر إلى هنا لأننا بدأنا العمل في أواخر الثمانينات في قسم الأمراض النفسية، وكان خبير منظمة الصحة العالمية د. محمد حسن توفيق من السودان، وبدأنا نؤسس للصحة النفسية في تعز طبعاً بعد عدن حيث كانت في المقدمة من سنة 67م أو ما قبل ذلك، لكن كان بالنسبة للمحافظات الشمالية تعز كانت السباقة في تقديم الخدمات، حيث تم الاستقرار هنا في أواخر عام 2003م بدون أي ميزانية، لأننا كنا نأمل من وزارة الصحة أن تتكفل بالميزانية أسوة بمستشفى الأمراض النفسية بعدن، حيث يصرف شهرياً له أكثر من مليون ريال، لكن نحن الآن التغذية تمولها المجالس المحلية هنا، والعلاجات من صندوق الدواء و عبر وكيل وزارة الصحة د. عبد الوكيل شيبان الذي أصدر قرارا بأن يوفر لنا علاج شهرياً بحوالي خمسين ألف ريال، طبعاً هذه العلاجات التي نستلمها من صندوق الدواء نوزعها مجانا لأن معظم المرضى فقراء .. الأمراض العقلية لها تقسيمات كثيرة ومرض الفصام هو الأكثر انتشاراً بين أوساط المجتمع اليمني. وقال: إن معظم الشعب اليمني يخزن وأكثره يعاني اضطراب النوم فيكون الواحد عنده استعداد للإصابة بالمرض العقلي، ومن الأعراض الرئيسية للمرض العقلي عدم النوم الناتج عن تعاطي القات .. وأكثر الحالات التي تصل إلينا المرض العقلي الفصام - والهوس ( الذهان الوجداني ) من الأمراض الرئيسية.

تعز مشهورة بالطب النفسي
ويقول: نحن كنا نحجز المرافقين هنا عندنا كي يعرفوا طبيعة المرض ويعرفوا كيف يتعاملون معه بدل أن يذهبوا إلى المشعوذين، وعندما يجلسون هنا يكتسبون معرفة بطبيعة المرض والأعراض التي تحصل، وكنا متعاونين خاصة في السنين الأولى، لكن الآن في السنين الأخيرة لا ندري ما الذي جرى للناس؟ لا يريدون أن يتعلموا ولا أن يفهموا، يعني إما أنهم يريدون التخلص من مريضهم، وإما أنهم غير مبالين .. لكن الخمسة عشرة سنة الأولى كان الناس متعاونين ويأتون من حجة ومن صعدة، وفاهمين، وهل تصدق أن المرافق كان يمكث طوال فترة من 15 يوماً إلى 20 يوماً، ويجلس مع المريض ويرقد في نفس المكان وبعد أن يتحسن يخرج وعنده معرفة بمرض المرافق له .. وأصبحت تعز مشهورة بالطب النفسي، ولم يكن هناك صحف تكتب عنا .. وكان التعاون كبيراً، والآن أصبحت الأسر لا تريد أن تفهم، المهم أنت تشتغل مع الحكومة خذ المريض هذا الذي من الشارع لأنهم هم يرمونهم إلى الشوارع، ونحن نعطيهم كروتاً شهرياً يراجعونا بها لنعطيهم علاجاً مجانياً .. ويوجد عندنا الموظف والعسكري والمدرس، وهم لديهم رواتب أحيانا كما أن هناك مريضا معه وريثة ...إلخ لا يريد أهله أن يُعالج ويخافون أن يطالب بحقه إن شُفي .

مبنى تم إنشاؤه على حساب الصندوق الاجتماعي للتنمية
مبنى تم إنشاؤه على حساب الصندوق الاجتماعي للتنمية
دعم شعبي
وقال: إن المريض العقلي مثله مثل مريض السكر يحتاج إلى العلاج باستمرار .. هذه الانتكاسات التي تحدث للمرضى أولا المشكلة الرئيسية فيها أن الأسرة مهملة لهم، الشيء الثاني عدم توفير ميزانية خاصة بالمصحة ونحن الآن معنا دعم شعبي مائة ريال مقابل المعاينة و700 ريال للترقيد، هذه تحل لنا مشاكل داخلية مثل توفير الماء فكما ترى نشتري الماء شراء من السيارات. طبعاً لدينا بعض الممرضات متعاقدات من 4000- 5000ريال كمكافأة فقط وليس كرواتب لأنهن لسن ممرضات، ولكنهن ممن أخذن دورات تدريبية قصيرة مع الهلال الأحمر، وبالتالي بسب عدم وجود الإمكانات نتعاقد معهن بهذه المبالغ الضئيلة كمكافآت .. والأطباء متفرغون هنا للعمل ورواتبهم عبر مكتب الصحة .. كانوا خمسة أطباء ولكن ثلاثة خرجوا وعملوا في عياداتهم الخاصة بسبب الرواتب، ويوجد طبيب له 25 سنة راتبه 19 ألف ريال، وأقصى حد يمكن أن يصل إليه الراتب 24 - 25 ألف ريال، ولهذا الاتجاه كيف يطورون أنفسهم ويدرسون في الجامعة .

من اجل راتب ممتاز .. إمكانات متوفرة
وعن الإمكانات المتوفرة قال: التغذية نحن نطبخها ونعطيها لهم .. التغذية مصروفة من السجن لعشرين مريضاً ولازم يأكل معهم البقية (45 مريضاً) .. وألزمنا الشركة الخاصة بالتغذية (500 ريال للوجبات الثلاث للمريض الواحد) على حساب المجلس .. ونخاف أن يأتي يوم وتنقطع الأدوية، فصندوق الدواء يوفر لنا بالسنة 600 ألف ريال، ونحن مضطرون أن نصرفه مجانياً، ونحتاج إلى ملابس وأدوات النظافة، الفُرُش، الدعم المالي للمرضى، ففي بعض الأحيان نوفر لهم حق مواصلات عندما يعودون إلى أهلهم. ويقول: العلاجات التي نأخذها من الوزارة الحمد لله إلى الآن تغطي، وليس كل أنواع العلاجات موجودة، وهناك أجيال جديدة من العلاجات، على فكرة في كمان الجمعية الخيرية لدعم المرضى النفسيين التي أنشئت قبل ثلاث سنوات يرأسها أحمد هائل، الجمعية كجهة مساهمة وليست داعمة لأن الجهة الداعمة هي الدولة وما ينقص هو على الجمعية، وهم الآن مستمرون في الدعم لنا ونحن منتظرون دعم الدولة .. ودورها في توفير بعض الموظفين والرواتب والكهرباء والماء .. فقد كان هناك دعم يعطونه لمستشفى الثورة .

كجانب إنساني
وعن السعة السريرية يقول: أول ما أنشئت كانت 30 سريراً للرجال و30 سريراً للنساء، لكن الآن زاد العدد بسبب ظروف المرض .

والموجودون الآن 20 مريضاً والقسم الذي فوق به 65 مريضاً وهو لا يزال تابعاً للأمن، وتدخلنا نحن كجانب إنساني في أنهم يحتاجون إلى علاج، ومرضى الشوارع يحضرونهم إلى هنا وهم عندهم أسر، وتصدق يمكن أن يدفع للحارس من أجل أن يبقى أطول فترة ممكنة .. و22 من القتلة وهم ليس لنا دخل بهم .. و 10 من المعاقين أحضروهم من الشوارع والبقية بحدود 35 .. وعملنا اتفاقاً مع الأمن أنه في حالة إحضار أي مريض لا بد من أن يعرّجوا به علينا لنتبين حالته .. والمريض هنا في هذا المبنى حر يدخل ويخرج، وفي المبنى فوق المريض في القيود.

أهم المطالب الأساسية
يقول: الآن نحن محبطون من كل الجهات، لأنه ليس لنا ميزانية نشتغل بها، ولأنه لا يوجد تشجيع لهذا العمل، وهناك تدخلات أيضا كل واحد قدم لي بطانية أو عشر بطانيات لازم يتصل للمحافظ ويقول ما لا يجب أن يقال في عمل إنساني لفئة مثل هؤلاء .. والجمعية تحصلت في فترة على دعم من الرئيس (مليونين ونصف) وتم إيداعه في حسابات الجمعية، وطلبنا أنهم هم اللي يصرفوا لنا، ووفرنا جهاز كمبيوتر لتوثيق المعلومات عن المرضى بحيث إذا أتي أحدهم يسال عن مريض يكون المرجع السكرتارية.وأكد في النهاية على أهم المطالب الأساسية: الملابس، العلاجات، التغذية، أدوات النظافة، عدم التدخل في العمل، والاهتمام بالكوادر وتدريبها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى