ملامح كابوس الامتحانات وظاهرة انتشار الغش..تلاميذ: لماذا اختلفت أسئلة الامتحانات وأصبح لكل محافظة نموذج؟أساتذة: مراقبون يسهلون الغش وتلاميذ يهددون المعلمين بالضرب!

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
طالبات في قاعات الامتحانات
طالبات في قاعات الامتحانات
الامتحانات .. ذلك الهم السنوي الذي يعاني منه أبناؤنا في مرحلتي التعليم الاساسي والثانوي، والتي يقرر فيهما مصير الطلاب حيث يصدق المثل القائل: يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان، وعلى مر 15 عاما خلت عانى طلابنا في مختلف محافظات الجمهورية وضعا تعليميا سيئا ترك أثره على مخرجات التعليم بشكل عام، وذلك بإيصال الطالب الى الاعتماد على الغش كوسيلة للنجاح بطريقته الخاصة أو بمساعدة من بعض مراقبي الامتحانات ومباركة من أولياء الأمور، وصار الطلاب يجهزون (البراشيم) التي تطورت الى كتب مدرسية مصغرة، والتي بلغت قيمة الواحد منها 2500 ريال تغنيه عن المراجعة الجادة أمام أنظار أسرته وبمساعدتهم .. فمن المسؤال؟ وأين الرقابة؟ ومامصير هذا الطالب؟ وكثيرة هي الاسئلة عن المستقبل المجهول لجيل الغد.

«الأيام» نزلت في جولة لرصد سير الامتحانات بمحافظة عدن منذ اليوم الأول، وكانت حصيلة اليومين الاول والثاني ملامسة اختفاء ظاهرة الغش بتأكيد المشرفين والطلاب، ولكن عقب انتهاء امتحاني مادتي اللغه العربية والتربية الاسلامية عادت رائحة الغش لتفوح بقوة في أغلب المراكز الامتحانية، وما إيقاف عدد من المشرفين والملاحظين إلا تأكيد قوي على انتشار هذه الظاهرة.

رأي المختصين
الاستاذة إيمان زبيدي، نائبة مدير ادارة التربية والتعليم بمديرية التواهي ومراقبة في مركز الجلاء بمديرية خور مكسر، تقول: «يعاني طلابنا مستوى شديد التدني في التحصيل العلمي سواء أكان في القسم الأدبي أو العلمي، خاصة في مواد اللغة العربية والانجليزية والرياضيات، ولا ندري أين يكمن الخلل».

وتضيف: «كثافة المناهج مشكلة يعانيها طلابنا ونحن طرحناها في أكثر من اجتماع، ورفعنا تقارير بها، وخاصة مادة الاجتماعيات التي تضم ثلاث مواد، أيضا يعاني طلاب التاسع الابتدائي من مادة العلوم التي تضم ثلاثة كتب .. وبعض أسئلة الامتحانات خاصة في اللغة العربية والتربية الاسلامية جاءت من خارج الكتاب المدرسي، وأسئلة غير مباشرة، والحمد لله هذه السنة ظاهرة الغش خفت ونقدر نقول انها شبه منعدمة، حيت تمت محاربة المجاميع المتواجدة في الخارج وإن وجدت فبشكل بسيط، فهناك بعض الطلاب يحاولون الغش ولكن يتم ضبطهم ونحن كمشرفين نحاول أن نوفر الجو النفسي المناسب للطالب من خلال الابتسامة والكلام الطيب والرقابة، وليس بالصوت العالي أو الصراخ بغضب».

أسئلة ثقافية
أما الاستاذة مهجبين عبدالملك مان فتقول: «تسير الامتحانات سير طبيعي، ولكن صادف الطلاب في مادة اللغة العربية بعض الصعوبات حيت كانت الاسئلة تعتمد على التثقيف الذاتي والمعلومات العامة، وكنا نتمنى من طاقم الشرطة المسؤول عن الحراسة أن يكون خارج أسوار المدرسة، ولكن للأسف تمركزوا داخل الحرم المدرسي ونحن حاولنا أن نحد بتعاون من طاقم العسكر من حالة الغش الواصلة من خارج سور المدرسة».

ازدياد الغش
وبدورها تقول الاستاذة راقية عائض، مديرة مدرسة 30 نوفمبر ومشرفة في مركز البازرعة للتعليم الاساسي: «الطالبات هادئات بحكم صغر السن، وكما ترون المركز صغير ولهذا استطعنا ان نضبط العملية، أما أسئلة الامتحانات فلم تراع الفوارق الفردية لدى الطلاب، فالمستويات متفاوتة».

وتضيف الاستاذة راقية: «إن الوضع الحالي اختلف عن الماضي وازدادت ظاهرة الغش بشكل كبير، ولا توجد رقابة على مراكز التصوير، تصوري نحن في مركز امتحاني وعلى مقربة منا مركز تصوير متخصص في (البراشيم)، فأين دور الرقابة والمحافظة وإدارة التربية؟ طالب الأمس كان يدخل الامتحان وهو مسلح بالمعلومات وقد استذكر بشكل جيد، ولكن الآن يدخل الطالب وهو معتمد على الغش اعتمادا كليا، ونحن كمشرفين أو مراقبين وملاحظين لا نستطيع ضبط الظاهرة 100% لأن هناك بعض المراكز تعمل على تسهيل الغش حسب قول الطلاب وأهاليهم.. فهل الغش نوع من التسهيلات؟».

جانب من البراشيم التي ضبطت
جانب من البراشيم التي ضبطت
ملاحظون في دائرة الاتهام
في ظل توقيف عدد من المشرفين في عدد من مراكز الامتحانات، والذين بلغ عددهم العشرات طرحت «الأيام» الموضوع على الأستاذة هدى محمد عبدالله عبيد، ملاحظة في مركز الجرادي بمديرية التواهي، والتي علقت قائلة: «نحن نريد أن نعرف سبب توقيفنا عن عملية المراقبة، فمشرف المركز سبب الرعب ليس للتلاميذ فحسب بل أيضاً للملاحظين والمراقبين، فلا يوجد أي تعاون بيننا حيث أصبح هو الحاكم والجلاد في المركز، وإدارة التربية استغنت عن الملاحظين ولم تعمل شيئا للمشرفين، والعام المقبل لن يقدم مدرس على العمل كملاحظ أو مراقب، فلا يوجد إنصاف، الملاحظ الذي يعد دوره الأكبر من المشرف،حيث يتعامل مع كم كبير من الطلاب، ونطالب بضرورة معرفة سبب التوقيف؟ فإذا قالوا إننا - الموقوفين -غششنا الطلاب فهذا الكلام كذب وغير صحيح، بل الصحيح ان مشرف المركز طلب منا في الاجتماع ان يكون التشديد في مادتي اللغة العربية والتربية الاسلامية ويتم التسهيل في باقي المواد من الألف وحتى الياء».

وعن سبب توقيفها تقول: «لأننا قلنا كلمة حق بأننا سوف نتعامل مع الطلاب بنفس الطريقة من أول يوم الى آخر يوم، وطالبت بضرورة رفع تقرير رسمي بسبب التوقيف كما طالبت بالبعد عن السياسيات والتحزبات في الادارات المدرسية.. هل توفير الجو النفسي الصحي للطلاب يعتبر جريمة يوقف بسببها الملاحظ عن العمل؟».

ترك الطلاب يغشون
ومن مركز 22 مايو الامتحاني، والذي تم فيه إيقاف 7 ملاحظين، يقول الاستاذ أحمد الفودي، مشرف المركز: «يعود سبب التوقيف الى تساهل الملاحظين في عملهم، وذلك بترك الطلاب يغشون والمشرفون موجودون داخل القاعة، فبعض الملاحظين يعتبرون التغشيش نوعا من الرحمة والشفقة بالطلاب، والغش لا يعتبر شفقة أو رحمة، وقد تم ضبط عدد من حالات الغش ولكن ذلك قبل أن يستفيد منها الطالب، وأتعبتنا المجاميع المتواجدة خارج سور المدرسة، ولكن تم تعزيز القوة الأمنية داخل المركزلتصل الى عشرة جنود».

تهديدات بضرب المشرفين
الاستاذه ندى عقربي، مساعدة المشرف في مركز 22 مايو، تقول: «نطالب بضرورة التدقيق والتشديد في التصحيح كما تم التشديد في المراقبة وخاصة مركز 22 مايو، حتى يأخذ كل طالب حقه، فالمدرسة تعاني من مشاكل عديده أهمها
عدم توفر المدرس الجيد إضافة الى وجود مشاكل متعلقة بمديرة المدرسة، وهو ما أوضحه اولياء امور الطلاب، إضافة الى غياب المدرس لنصف عام، ومن المشاكل التي يصادفها المشرفون تعند الطلاب والتهديد بالضرب يوميا، وبعد انتهاء الامتحان نخرج من المركز بحراسة الأمن حتى منازلنا، ونطالب جميع الجهات المسؤولة بالتشديد على الطلاب في كل عام للحد من ظاهرة الغش التي تضر بالطالب، حيت ينتقل من مرحلة إلى أخرى دون أن يكون لدية قاعدة معلوماتية مما يؤثر سلباً على المجتمع».

الاستاذة نوال جواد سالم، مشرفة مركز 14 أكتوبر الامتحاني للتعليم الثانوي، طرحت العديد من السلبيات اهمها اختلاف أسئلة الامتحانات في كل محافظة عن الأخرى فهذا يؤدي الى عدم التعادل والتكافؤ في عملية اختيار العشرة الأوائل في الجمهورية.

وتقول: «طالما وهو امتحان وزاري كان من المفروض تساوي الاسئلة في عموم محافظات الجمهورية، كما لم يتساو العدد المسجل على غلافات مضاريف الامتحانات التي تحتوي على أوراق أسئلة الامتحان مع العدد الفعلي لها، وهذا صادفناه في امتحان اللغة الانجليزية، وطالبنا المسؤولين مراعاة الدقة في العدد حتى لا تتسرب الورق إضافة الى وجود ملاحظين شباب في مدارس للبنات والعكس».

رأي التلاميذ
طالب متفوق يقول: «نحن نراجع ونتعب في المراجعة من اجل الحصول على معدل، ولكن بعض الملاحظين لا يراعون الله في مهمتهم، حيت يقومون بتغشيش بعض الطلاب مما يسبب الفوضى بين الطلاب وفي نهاية العام يتساوى الطالب المجتهد، الذي يقضي العام بأكمله في المراجعة والدراسة الجادة، بالطالب المستهتر طوال العام.. أليس هذا حراماً؟».

تغشيش غير عادل
طالب آخر يقول: «والله حرام يخلوا طلاب في قاعة يغشوا عشان فيها عيال مسائيل والقاعة الثانية يشددوا على الطلاب ليش مش كلنا عيال تسعة؟».

15 سنة غش
طالب من ثانوية لطفي يقول:«أرجو يا أصحاب «الأيام» لا تكتبوا عن الغش، الدنيا كلها غش في غش وفساد، إلا عندنا سيمنعون الغش، 15 سنة الكل يغش سيبونا في حالنا كفاية علينا المراقبين».

وكأننا في سجن
طالب آخر من نفس الثانوية يقول: «اسئلة الامتحانات اتعبتنا خاصة في اللغة العربية، وكانت أسئلة غير مباشرة ليس لها وجود في الكتاب المدرسي حرام تضييع وقتنا في القراءة والمراجعة في شيء محدد ثم يأتون بما لا وجود له في المنهج، وجو الامتحان غير ملائم وكأننا في سجن كل النوافذ مغلقة، ويشعرونك كانك في سجن وليس في امتحان».

إجابات على السبورة
طالب في السنة التاسعة من مديرية المنصورة يقول ضاحكا: «لا تصدقي، كله كذب، الغش على ودنه بس لما يشوفوا مسؤول يمر يشددوا علينا، بعض المراقبين في الصف في مدراس أخرى يكتبون الإجابات على السبورة أو يملونها على الطلاب، لهذا ادارة التربية كل مرة تغير المشرفين والمراقبين فبعضهم يسمحون للطلاب بالغش بينهم البين».

ضياع في ضياع
طالب يتمنى من «الأيام» أن لا تفتح موضوع الغش حتى انتهاء الامتحانات وعن السبب يقول: «حتى لا نضيع.. ونحن في كلا الحالتين ضائعون، فاذا نجحنا بالغش نضيع لأننا لا نمتلك أي معرفة أو معلومات، وإذا منعوا الغش فشلنا وضعنا مرتين».

اعتصام مدرسي
وفي عز الامتحانات كان طلاب مدرسة ثانوية البيحاني النموذجية يعتصمون في ساحة المدرسة احتجاجاً على تسهيل عملية الغش في المدارس الاخرى، وتشديد الرقابة عليهم ويقولون «كلنا طلاب ومتساوون في الحقوق، فكيف يسمحون لمدارس بالغش ويمنعون مدرستنا» ولكن إدارة المدرسة أقنعت الطلاب بدخول الامتحان بشكل ودي وراق.

إطلاق نار
وفي مدرسة الغرباني حيت يخوض المنتسبون امتحانات شهادة الثانوية العامة سمع إطلاق النار وفوضى عمت الساحة بين مجاميع وادراة المركز مما سبب القلق للممتحنين.

رجال الأمن
يقول الجندي علي الدنة : «مهمتنا محددة وهي ملاحقة المجاميع التي تأتي من خارج المدرسة، وقد تم ضبط حالات كثيرة وارسلناها الى مراكز الشرطة، والوضع هادئ نوعا ما، خاصة في مرحلة التعليم الاساس، ولكن مرحلة التعليم الثانوي اتعبونا كثيراً». وشاطره الرأي في ذلك الجندي صلاح عبدالجبار، مشيرا الى ان المشكلة في اهالي الطلاب الذين يحاولون تسلق السور لإيصال (البراشيم) لأبنائهم داخل الفصول ولا يدرون أنهم بهذا يساعدون أطفالهم على الاعتماد على الغش.

أولياء أمور
ولي أمر طالب يقول: «رافقت الامتحانات هذا العام اجواء من الترهيب والخوف نتيجة لوجود الجنود بالزي الرسمي داخل الحرم المدرسي، فاذا كان لابد من وجودهم، فالمفروض أن يكونوا خارج السور، وأولادي كلهم أستطيع أن أقول إنهم ونجحوا بجهودهم وخرجوا من مراحل التعليم بحصيلة وافرة من المعلومات، ولكن احفادي أبصم بالعشرة انهم لا يفقهون شيئاً في التعليم، وذلك بسبب الاعتماد الكلي على الغش ولكثافة المنهج وانعدام الضمير لبعض المشرفين والمراقبين، اضافة الى التفرقة بين الطلاب، فاذا كنت ابن مدرس او مدير مدرسة من الواجب أن تطلع الاول حتى لو لم تعرف كتابة اسمك».

تساؤلات
وفي ختام هذا الاستطلاع جمعنا عددا من الاسئلة لمعرفة أسباب تدهور المستوى التعليمي عند تلاميذ المدراس في كافة المرحل، والتي يرغب الكثير في معرفة إجابتها من قبل الجهات المسؤولة عن التربية والتعليم، وهي: هل المشكلة في عدم وجود المدرس المتخصص والجيد؟ أم كثافة المنهج الدراسي؟ أم اتجاه بعض المعلمين الى المدارس الخاصة التي اثرت على عطائهم في المدارس الحكومية؟ أم استعار ظاهرة الدروس الخصوصية؟ وبدورنا نقول التعليم ليس المباني أو الاثاث المدرسي الحديث إنما مدرس كفء ومنهج جيد وضمير تربوي بهم نحصل على الجيل الذي نبغي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى