وتلــك الأيــام...ميثاق الشرف الصحفي

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
الصحافة المصرية في حالة مخاضية لا أقول عسيرة، ومصر المحروسة ولادة دائماً، بقدر ما هي انعكاس لحالة الشارع السياسي الذي يشهد تحركاً جماهيرياً غير مسبوق عشية الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وعلى هامش الجدل القانوني والسياسي المحتدم بين مختلف أطراف اللعبة السياسية في مصر، التي تسقط على أوضاع اقتصادية بحاجة لعلاج ناجع في بلدٍ مكتظ بالسكان، وتسكنه أوجاع العرب والقارة الأفريقية، وليس بمنأى عن الرياح الخارجية التي تهب عليه من كل الاتجاهات.. كان الله بعون المحروسة. ولعل من المعالجات - ونحن بصدد الحديث عن الصحافة القومية في مصر- إدخال جيل جديد من الشباب المصري لدفة القيادة الصحفية لكبريات الصحف كـ «الأهرام» و«أخبار اليوم».. وغيرهما مع تأدية تعظيم سلام للأسماء الكبيرة التي ارتبطت أسماؤها بهذه الصحف، وتدني الأداء الصحفي في ملكوت صاحبة الجلالة في الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى عوامل أخرى جعلت من اللازم إجراء تعديلات وضخ دماء جديدة تواكب المرحلة، مع أنه في تقديرنا جعل الاستفادة من مناخ الإفساح الديمقراطي السائد مترافقاً مع أكبر قدر من الحريات الحقيقية الممنوحة للكلمة المقروءة على طريق تحرير الإعلام المصري كاملاً، هو أقل المطلوب مصرياً في الوقت الراهن.

وفي اليمن السعيد بصحافته، فإن الأمر بحاجة لمراجعة بعد أن تردت لغة التخاطب الصحفي إلى حد لم يصن الأعراض من القذف، كالذي وصمت به صحيفة «البلاد» عددها الصفر التجريبي ماسة بصورة يأباها العرف والتقاليد والأخلاق في هذا البلد ناهيك عن الدين والقانون، الأخت الزميلة رحمة حجيرة والزميل حافظ البكاري، قبل أن يتطور القذف بالكلمات إلى قذف بالأحذية من قبل الزميلة رشيدة القيلي في حرم النيابة العامة للأخ رئيس تحرير الصحيفة المذكورة.

وإذا كنا بحاجة ماسة لأعراف صحفية ترسخ قيم التخاطب والنقد والرأي الآخر، فإننا نربأ بصحافتنا أن تنزلق إلى أساليب الإسفاف وتردي اللغة والمناكفة السياسية والترصد الشخصي، وندعو الجميع إلى ميثاق شرف للصحافة اليمنية يضع أرباب الأقلام الحرة إزاء مهامهم الوطنية بعيداً عن روح الضغينة والأحقاد والتأجيج، وبما يحافظ على هامش الكلمة الحرة ويعززه باضطراد، بحيث لا يكون «ميثاق الشرف الصحفي» رديفاً لمشروع قانون الصحافة السيئ الصيت والمقيد للحريات. لقد أعجبت بما كتبه بوعي وطني الزميل الأستاذ إبرهيم حسين في عموده الأسبوعي بصحيفة «الثوري» عدد يوم 23/6/2005م بعنوان «رئيس الجمهورية» إذ أن: الحديث عن رئيس الجمهورية لا بد أن يكون حصيفاً لا لأنه مقدس ولا يجوز نقد أقواله وممارساته، ولكن لأن القانون الذي نحتكم إليه جميعاً قد أجاز ذلك ووضع ضوابط للكتابة ونقد أداء رئيس الدولة - حسب إبراهيم حسين - فليس من الحكمة في شيء أن نشخصن الكتابة والنقد بتلك الطريقة التي يلجأ إليها البعض من الزملاء وكأن فخامة الأخ الرئيس طرف مباشر في ثنائية الكاتب والرئيس، بينما من الممكن جداً تناول السياسات العامة بالنقد والتحليل والدراسة وتشخيص الأوجاع ووضع المعالجات والآراء التي تمكنا من تجاوز عثراتنا. ولعلي أتذكر بهذا الصدد نصيحة كان قد أسداها لي الأستاذ الكبير عمر الجاوي، عند عودتي من الدراسة وبداية انخراطي في السير كتابةً على بساط صاحبة الجلالة.

يستطيع العقل أن يتجاوز مثالب شتى حين تكون الريادة له، وعلينا أن ندعو الأقلام الخيرة من مختلف دوائر الطيف السياسي في الوطن إلى كلمة سواء، ترسي أسساً شريفة للعمل الصحفي دون قيود على الحرية الممنوحة والمرجوة، ودون إسفاف ونزق وخروج عن الأخلاق.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى