«الأيام» تستطلع دور الجهات الصحية بحضرموت في التعامل مع حمى الضنك:130 حالة إجمالي المشتبه فيها بالحامي.. منها 31 حالة إيجابية

> «الأيام» وليد محمود التميمي:

> لم يدر بخلد المواطن الرازح تحت خط الفقر أن مكابدة الظروف المعيشية الصعبة، والتعاطي مع مسلسل تراجيديا غلاء الأسعار، سيتطلب منه إهدار طاقته وقواه في تعلم دروس الصبر وتحمل الفاقة والتجاسر على المعاناة والألم.. والنتيجة المنطقية جسد منهك أو بقايا جسد أرهقه الإعياء، يعاني سوء التغذية، ويكون عرضة أكثر من أي وقت مضى للتداعي في أول مواجهة مباشرة مع الأمراض والأوبئة والعلل.. وحمى الضنك التي انتشرت في عدد من محافظات الجمهورية مؤخراً، من نوعية تلك الأمراض التي ساهمت في شيوع مظاهر من القلق والرعب والفزع.. كيف لا والمرض في أخطر أشكاله قد يكون سبباً مباشراً في وفاة الشخص المصاب بالداء.. وكم من الأرواح البريئة التي تساقطت من جراء وقوعها بين براثن هذا المرض.. وهكذا كان لزاماً علينا تحمل المسؤولية الصحفية الملقاة على عاتقنا بغية تسليط مزيد من الضوء حول طبيعة المرض ومضاعفاته وأسباب انتشاره.. هذه المرة عبر تحقيق أجرينا خلاله سلسلة من الزيارات الميدانية لثلاث منشآت أو دوائر صحية في محافظة حضرموت (مكتب وزارة الصحة، برنامج مكافحة الملاريا ومختبر الصحة المركزي) زيارات لم نكتف من خلالها بتعريف المرض فحسب، بقدر ما حرصنا على الاطلاع على الإجراءات التي تمت للتعامل مع المرض (المكافحة والوقاية والعلاج) ودور مختلف شرائح المجتمع في المشاركة في هذه العملية.. والتحقق من إجمالي عدد الحالات المصابة والوفيات.. هذه الأسئلة وغيرها سنتكفل بالإجابة عنها في سياق الأسطر التالية.

د. باموسى: للمرض شكلان سريريان أخطرهما النزيف المفاجئ الذي قد يؤدي إلى الوفاة
في مكتب وزارة الصحة والسكان محافظة حضرموت التقينا بالدكتور العبد ربيع باموسى، مدير عام مكتب الوزارة بالمحافظة، فحدثنا عن حمى الضنك وأسباب الإصابة بالمرض ومضاعفاته قائلاً: «حمى الضنك مرض تسببه مجموعة من الفيروسات تسمى (الضنك)، تنتقل عن طريق البعوض المسمى (أيديس ايجبتياي) وتتكاثر هذه البعوضة في المياه المخزونة لأغراض الشرب، أو السباحة أو مياه الأمطار المحجوزة للزراعة، أو المتجمعة في الشوارع والطرقات، أو الراكدة والمتبقية في الصفائح الفارغة والبراميل والإطارات ...إلخ.

ولحمى الضنك شكلان سريريان:

1- شكل بسيط هو الغالب حيث نسبة الزكمة الفيروسية في بداياته.. ثم تشتد الحمى، وقد تصل لـ 40 درجة مئوية، وقد تسبب الاختلاجات أو التشنجات في الأطفال، وتكون غالباً مترافقة مع الصداع، وخاصة في الجبهة أو خلف العينين، ثم تظهر الأعراض الأخرى فيما بعد، مثل آلام الظهر والمفاصل والعضلات، وفقدان الشهية والذوق والغثيان والقيء والكسل العام والطفح الجلدي الذي ينتشر في جميع أنحاء الجسم ما عدا الكفين والقدمين.. ثم تسبب الوهن العام أو الكآبة.

2- أما الشكل الثاني فهو الشكل النزفي، وهو مرض خطير وربما قاتل، ويحدث عندما يتعرض المريض لإصابات متكررة من الفيروس.. حيث يحدث لدى المريض صدمة، ونزف بشكل سريع ومفاجئ مما قد يسبب الوفاة.. أو التحسن والشفاء إذ كُتب له لـذلك، وأُعطي العناية الكافية واللازمة في الوقت المناسب.

طرق وقاية ومكافحة المرض
1- إزالة أماكن توالد البعوض الناقل، من خلال التغطية المحكمة لخزانات المياه، وعدم تخزين المياه في أوعية مكشوفة، وإزالة بؤر تراكم المياه، مثل الإطارات القديمة وأوعية تخزين المياه.

2- وضع شبك ضيق المسام على الأبواب للحماية من لدغات البعوض نهاراً.

3- استخدام الناموسيات في حالة النوم خارج المنزل.

4- استخدام طارد الحشرات.

5- تبليغ السلطات المحلية عن أي حالة فوراً.

6 - رش المنازل المصابة والمجاورة، ومكافحة البعوض.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المرض قد انتشر بشكل وبائي في تهامة والحديدة وما حولها بداية هذا العام، ثم أخذ بالانتشار من منطقة لأخرى، وفي حضرموت سجلت أول حالات المرض في منطقة «الحامي» بمديرية الشحر في مارس 2005م، عندما كانت المحافظة تستعد لعرسها الكبير واحتفالاتها بالعيد الوطني للوحدة المباركة 22 مايو، وعندها كان التحرك السريع من قبل كافة الأطر المعنية في المحافظة، ووزارة الصحة، ومنظمة الصحة العالمية.. حيث تم التحقق من المرض، واتخذت الإجراءات المناسبة لمكافحته والحد من انتشاره، وبالتالي الوقاية من الإصابة بالحمى».

د. سهيل: الترصد الوبائي والمسح الحشري والتثقيف الصحي إجراءات متبعة لمكافحة المرض
وعن طبيعة الاجراءات المتبعة حدثنا الدكتور عمر محفوظ سهيل، مير الخدمات الطبية بالمحافظة، مؤكداً أنه في هذا السياق تم اتخاذ الخطوات والتدابير التالية:

1- تم إنزال فريق الترصد الوبائي لإجراء عملية الترصد والتحري عن المرض، وسحب عينات من الدم لإجراء الفحوص اللازمة في المختبر المركزي بالمكلا وصنعاء.

2- تم إنزال خبراء في المسح الحشري للتقصي حول كثافة وتواجد البعوض الناقل للمرض، وإجراء المسح الشامل في المدينة لتحديد أماكن التوالد لمكافحتها.

3- تمت معالجة الحالات في المركز الصحي بالحامي، وإحالة المستعصي منها إلى مستشفى ابن سينا بالمكلا.

4- تم القيام بأعمال التثقيف الصحي وتوعية المواطنين حول كيفية المكافحة والدور الذي يضطلعون به.. شارك في ذلك أئمة المساجد، وطلاب المدارس، والشخصيات الاجتماعية في المدينة.

5- قام مشروع مكافحة الملاريا بالنزول والرش بالمبيدات من بيت إلى بيت، ولمدة أربعة أسابيع، مما أعطى نتيجة إيجابية في مكافحة المرض.

6- تم تشكيل غرفة عمليات لمتابعة ومراقبة الحالات بمكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة، والإبلاغ عنها للجهات المعنية واتخاذ التدابير للازمة في حينها.

7- عقدت عدة لقاءات مع كافة الجهات ذات العلاقة بالمحافظة برئاسة الأخ المحافظ عبدالقادر علي هلال، الذي أولى هذه العملية عنايته الخاصة، وتكفل بتقديم الدعم اللازم لإنجاح حملات الرش وكافة أعمال المكافحة.

هذا وقد بلغ عدد الحالات المشتبه بها التي تمت معاينتها من الحامي مئة وثلاثين حالة مشتبهة، وأثبت الفحص وجود حمى الضنك في عدد 31 حالة إيجابية للمرض.. وجميعها تماثلت للشفاء، ولم تسجل أية حالة وفاة في مدينة الحامي.

كما أخذ المرض في الانتشار في مدن أخرى مثل الشحر والمكلا بمختلف أحيائها.. ولكن بشكل متفرق، ولم يكن بشكل وبائي، واستمرت إجراءات المكافحة بنفس المنوال والوتيرة في مدينة المكلا.. غير أن عمليات الرش من بيت إلى بيت لم تتم لعدم تجمع الحالات في أماكن محددة، وإنما كانت موزعة هنا وهناك في روكب وشعب البادية والبقرين وأحياء المكلا المختلفة وفوه .. ومازالت تأتي بعض الحالات المتشبهة، ولكن بالفحص المخبري تكون نتيجتها سالبة.. أي أنها حمى فيروسية خفيفة وليست حمى الضنك.. وقد بلغ إجمالي الحالات المشتبهة منذ بداية الوباء في مارس حتى الآن 398 حالة مشتبهة.. منها 96 حالة إيجابية أي بحوالي 25% من الحالات المشتبهة، وقد تمت معالجتها جميعاً، ولم تسجل إلا حالة وفاة مصاب واحد في المستشفى بعد أن نُقل إليه متأخرا، ورقد حينها في غرفة العناية المركزة لإصابته بأمراض أخرى. كما ترامى إلى أسماعنا أن هناك حالتين توفيتا في منزليهما، وكانتا تعانيان من نفس أعراض حمى الضنك لكنهما لم تحضرا إلى المستشفى».

د.بن غوث: الوقاية من المرض تحتاج لتفاعل كافة شرائح المجتمع
كما كان لنا لقاء بالدكتور عبدالله سالم بن غوث، مدير برنامج مكافحة الملاريا محور حضرموت، الذي بدوره أكد لنا أن: «عملية التحقق والتأكد من الإصابة تتم عبر المؤشرات الوبائية، ومنها ما يتعلق بالتشخيص السريري والمخبري للحالات المتشتبهة، وما تؤكده الفحوصات المخبرية الخاصة بفيروس الضنك، ومنها نتيجة التحري الحشري داخل المنازل للتأكد من توالد يرقات الايديس داخل الأواني المنزلية، ونعتبر نسبة 20% من الأواني الإيجابية لتوالد بعوضه الايديس مؤشراً ينذر بحدوث الوباء. بالنسبة للإجراءات المتخذة لمكافحة المرض تجعلنا نتحدث عن المدن التي شهدت حالات إصابة بالمرض.. منها مدينة الحامي التي ظهرت فيها حمى الضنك بشكل وباء ابتداءً من 1/3/2005 وانتهت بتاريخ 1/5/2005م وظهرت حالات متفرقة في مديريات المكلا، بروم، أرياف المكلا .. الإجراءات تركزت أساساً على التثقيف الصحي، الرش الضبابي، التفتيش الصحي على المنازل، وكذلك التحري الحشري لتقييم الوضع الوبائى في مدينة الحامي، واستمر الرش الضبابي داخل المنازل نهاراً من بيت إلى بيت لمدة 4 أسابيع، حتى تم التأكد من خلو المنطقة من الحالات المرضية، ومن بعوضة الايديس، ويبقى الإجراء الأكثر فعالية هو التوعية الصحية المستمرة لتفادي توالد بعوض الايديس داخل المنازل.

على كل حال أعراض المرض عامة مثل حمى، صداع، ألم حول العينين، آلام بالمفاصل والعضلات، ويظهر أحياناً طفح جلدي، ومن مضاعفاته النزيف حينها تسمى حمى الضنك النزفية، وهي حالات تحتاج إلى المعالجة.

أما الأسباب والعوامل المحفزة على انتشار المرض فتتمثل في فيروس يسمى فيروس الضنك Dengu Virns، وهو من نوع فلا فيروس Flavivirs، وينتقل بواسطة لدغة أثنى بعوض الايديس، ونوع البعوض الأكثر انتشاراً هو الزاعجة المصرية Aidies Eqypti والعوامل التي تساعد على توالد هذا البعوض خزن المياه داخل الأواني المنزلية، وقلة وعي الناس بخطورة خزن المياه لفترات طويلة.

بالنسبة لعدد الحالات المصابة بالمرض والوفيات دعونا في البدء نقول إن المرض انتشر في عدد من محافظات الجمهورية، وقد سجل بداية في محافظة شبوة عامي 2002-2003م، وفي الحديدة بداية عام 2005م، وظهرت حالات في محافظة حضرموت متفرقة في عدد من المديريات وبعضها منقولة من محافظات أخرى، وقد سجلت مديريات ساحل حضرموت خلال أشهر مارس، أبريل، مايو 2005م ما يقارب 390 حالة مشتبهة، منها 95 حالة مؤكدة، ومن هذه الحالات ظهر المرض بشكل وبائي في الحامي حيث سجلت 31 حالة مؤكدة، وتمت معالجة أغلب الحالات بمركز الحامي الصحي، ولم تسجل أي وفيات بالحامي بحمى الضنك.

أما سبل الوقاية من المرض فنحتاج إلى تفاعل كل شرائح المجتمع، لأنها تعتمد أساساً على تغيير سلوكيات المواطنين تجاه خزن المياه، وذلك من خلال تفعيل ومساهمة كل الأشكال التوعوية من صحافة، إذاعة، مدارس، جمعيات وغيرها في توعية الناس، والرسالة التي يجب أن تصل للناس بوضوح أن فيروس حمى الضنك ينتقل عبر بعوضة الإيديس التي تتوالد في المياه المخزونة داخل البيوت، ومكافحتها تتم بعدم خزن المياه لأكثر من أسبوع، وتجديد الماء، وترك الأواني حتى تجف قبل خزن ماء جديد».

د. حاج الشعيبي: إجمالي العينات التي تم فحصها 523 منها 108 حالات ايجابية
وفي لقائنا بالدكتور حاج الشعيبي، مدير مختبر الصحة العامة المركزي بالمحافظة، لخص حديثه في الآلية المعتمدة عند تشخيص حالات حمى الضنك، حيث أشار في مستهل حديثه: «حقيقة مختبر الصحة العامة المركزي إحد ى المنشآت الصحية التابعة لمكتب الوزارة بالمحافظة، وهو أحد فروع المختبر المركزي - صنعاء، مناط به مهام الفحوصات التشخيصية، وفحص المواد الغذائية والمياه وخدمات نقل الدم. وفي حالات الطوارئ وانتشار بعض الأمراض الوبائية لا قدر الله تقع على المختبر المركزي مسؤولية تشخيص الحالات مختبرياً، ومنها حمى الضنك، وكان للمختبر المركزي دور فعال في بداية ظهور المرض، حيث تجمع العينات عبر قسم التحري الوبائي، ويتم إرسالها في بداية الأمر إلى المركز- صنعاء لفحصها. وعند زيادة الحالات تم تطوير قسم الفيروسات، وإجراء فحوصات حمى الضنك في المحافظة لوجود كادر متخصص في مجال الفيروسات، وتم ذلك بمساعدة مدير عام مختبر الصحة العامة المركزي د. سعيد محمد الشيباني، الذي وجه بتوفير المحاليل وما يلزم لإجراء الفحوصات في المحافظة، مما ساعد في التشخيص والإبلاغ السريع عن الحالات، وتحديد مواقع الحالات الإيجابية، ومن ثم المكافحة السريعة، وقد تم استلام جميع الحالات المحولة من المستشفيات العامة والخاصة والعيادات الخاصة، وتجرى هذه الفحوصات للمرضى مجاناً .. هذا وقد بلغ إجمالي العينات المفحوصة حوالي 523 منها 108 حالات إيجابية من بداية أبريل حتى منتصف يوليو، والمختبر المركزي يمارس مهامه في استلام العينات وإجراء الفحص».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى