وداعاً أبا فيصل..رجل الأيادي البيضاء على كل الصعد وداعاً جارانج.. الزعيم الجنوبي الذي أحبه الشماليون

> نجيب محمد يابلي:

> تجلل الإثنين المنصرم، الموافق للفاتح من أغسطس 2005م بوشاح أسود، تعبيراً عن الحزن بوفاة الملك فهد بن عبدالعزيز- يرحمه الله- بعد مشوار حياتي حافل بالمآثر. الملك الراحل من مواليد 1921م وترتيبه الحادي عشر بين أبناء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (1879-1953م). كسائر إخوته عرك الملك الراحل فهد المسؤولية وهو في شرخ الشباب، إذعاناً لأسلوب والده الصارم في تربية أبنائه أياً كان الحال، سلماً أو حرباً.

كان العام 1953م عام توليه وزارة التربية والتعليم (المعارف) وحمل تلك الحقيبة حتى عام 1960م، وخلال الفترة 62/1964م تولى وزارة الداخلية. أصبح نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء عام 1967م، وأصبح في العام 1969م نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء.

عين الراحل الكبير ولياً للعهد عام 1975م، بعد ما أصبح خالد بن عبدالعزيز، يرحمه الله، ملكاً للمملكة، وبدت براجماتية فهد في تلك الفترة، وكانت له فلسفته في الإدارة، وهي الجمع بين الوفاء للالتزام تجاه الديار المقدسة والمراكز والجوامع الإسلامية في مختلف أرجاء المعمورة وإنشاء مطبعة خاصة بالقرآن الكريم وترجمة معانيه بعدة لغات وإنشاء مصنع خاص بكسوة الكعبة، والالتزام تجاه الأشقاء العرب والمسلمين بمساعدات سخية وقروض ميسرة لأغراض التنمية، وفي الجانب الآخر التزم سياسة خارجية مرنة بدلاً من دفع الإسلام والمسلمين إلى الهلاك.

أثناء ولايته للعهد، قدم مشروع خطة للسلام إلى الجامعة العربية في أغسطس 1981م، التي قدمتها لقمة فاس في سبتمبر 1982م (وقد أصبح ملكاً بعد وفاة شقيقه خالد في يونيو 1982م)، كما لعب دوراً كبيراً أثناء ولايته للعهد في تأسيس مجلس التعاون الخليجي في 26 مايو 1981م إثر قمة أبوظبي.

أما على صعيد البناء في الداخل، فقد شهدت المملكة تحولاً كبيراً في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي مجال البنية التحتية، حيث ارتبطت مناطق المملكة المترامية بشبكة طرقات عصرية، وأنفقت مليارات الدولارات (آخرها ستة مليارات دولار) لإنشاء محطات تحلية مياه البحر على ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي وارتبطت مناطق المملكة بخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية، والإنجازات كثيرة وأرقام الإنفاق عليها فلكية.

فهد يوسع قاعدة الملكية
يحسب للملك الراحل عمله الجبار، عندما وسع قاعدة الملكية العامة والخاصة وفتحها للاكتتاب العام، حتى يوظف أبناء شعبه مدخراتهم، بعيداً عن الربا، وعن استئثار خاصة القوم بالثروة العامة، التي أصبح أبناء الشعب شركاء فيها.

تشير بيانات «صندوق النقد العربي» المتعلقة بقاعدة بيانات أسواق المال العربية، للربع الأول 2005م، أن القيمة السوقية الإجمالية لـ «سوق الأسهم السعودي» بلغت في الربع الأول 2004م حوالي 185 ملياراً و 175 مليون دولار، وارتفعت في الربع الأول 2005م إلى 393 ملياراً و322 مليون دولار، فيما أشارت البيانات المتعلقة بأوزان السوق المدرجة في مؤشر صندوق النقد العربي للربع الأول 2005م أن عدد الشركات السعودية المدرجة في المؤشر بلغ 62 شركة قيمتها السوقية 254 ملياراً و918 مليون دولار، وبلغ وزنها في مؤشر الصندوق نسبة قدرها 86.44% من إجمالي قيم الأسواق العربية.

2- جون جارانج
جون جارانج ديما فيور، الزعيم السوداني الجنوبي، زعيم من العيار الثقيل، وهو من نفس عيار باتريس لومومبا، الزعيم الكونغولي، ونيلسون مانديلا، الزعيم الجنوب أفريقي، وسامورا ماشيل، الزعيم الموزمبيقي، وجومو كينياتا، الزعيم الكيني، وجوليوس نيريري، الزعيم التنزاني، وأحمد سيكوتوري، الزعيم الغيني، وكوامي نكروما، الزعيم الغاني.

جون جارانج من مواليد عام 1945م في قبائل دينكا الجنوبية المعروفة بعبادة السماء وعزف الموسيقى باستخدام قرون الكباش وحبها للحوم المشوية، وجارانج من عائلة مسيحية. أرسلته عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي الدراسة، فدرس في كلية جرنيل، أيووا. جارانج حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، كما تلقى تدريباً عسكرياً في فورت بينينج بولاية جورجيا.

خبر حرب العصابات عام 1962م في بداية الحرب الأهلية مع حركة آنيا آنيا الجنوبية، وبعد عشر سنوات وقعت الحكومة المركزية اتفاقاً مع الحركة، لينعم الجنوب بالحكم الذاتي. اندلعت الحرب الأهلية مرة ثانية بعد خمس سنوات من اكتشاف البترول في الجنوب السوداني عام 1978م.

قاد جارانج حرب تحرير شعبية دامت 22 عاماً، ودخلت التاريخ كأقوى حرب أهلية في القارة الأفريقية، والتي تسببت بمقتل مليون شخص وتهجير أربعة ملايين، وانتهت بتوقيع اتفاق للسلام استضافته نيروبي في 9 يناير الماضي ووقعه الزعيمان البشير وجارانج.

عاد جارانج إلى الخرطوم، وخرج مئات الآلاف من السودانيين لاستقبال جارانج، استبشاراً بقدومه ليعم الاستقرار والأمن والتوزيع العادل للثروة، وإقامة الحكم الرشيد، بعيداً عن الاستعلاء والاستبداد ونهب حقوق السكان، إلا أن جارانج استطرد في حب السلام عندما قال: «لن يكون السلام تاماً، طالما بقيت حرب في دارفور وشرق السودان».

اهتزت السودان عن بكرة أبيها فور سماع وفاة جارانج في كارثة جوية مؤلمة وهو في طريق عودته من أوغندا إلى جوبا عاصمة جنوب السودان مساء الأحد الموافق 31 يوليو 2005م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى