الانسحاب من غزة مقامرة شديدة الخطورة لشارون

> القدس «الأيام» رويترز :

>
رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون
رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون
مثل غيرها من الكثيرين من المستوطنين الإسرائيليين طالما نظرت تيكفا اوديم الى ارييل شارون بتبجيل باعتباره الرجل الذي قادهم إلى"أرض المعاد",أما الآن فهي تحتقره وتعتبره خائنا بسبب خطته لاجلاء نحو تسعة آلاف من المستوطنين من الأراضي المحتلة.

واعتاد السياسي اليساري المخضرم يوسي بيلين على بذل كل ما بوسعه لمعارضة سياسات شارون,لكنه الان يكتب رسائل بالصحف تبرر دعمه لخصمه اليميني العجوز.

وبعد عمل دام على مدى التاريخ الحديث للدولة اليهودية قلب شارون السياسات الاسرائيلية رأسا على عقب حين خاطر بكل شيء لصالح خطته لاجلاء المستوطنين عن قطاع غزة وجزء من شمال الضفة الغربية.

ويمثل ذلك تغيرا مذهلا لنهج شارون الذي كان على مدى عقود القوة الدافعة وراء بناء المستوطنات على أراض احتلتها اسرائيل في عام 1967.

وابلغ رئيس الوزراء الاسرائيلي البالغ من العمر 77 عاما الصحفيين مؤخرا "كان لدينا حلم... لو كنا قد وطنا مليون يهودي (في الاراضي المحتلة) بدلا من ربع مليون.. لكان الموقف مختلفا اليوم. لكن ذلك لم يحدث."

ولم يسبق أن اقدم زعيم اسرائيلي منذ اتفاقات اوسلو للسلام التي وقعت مع الفلسطينيين في التسعينات على مقامرة شديد الخطورة بهذا الحجم أو أحدث انقساما بين شعبه كما هو الحال حاليا.

وتثير خطة شارون لفك الارتباط المقرر البدء في تنفيذها في 17 أغسطس اب معاول ازالة اسرائيلية لمستوطنات من أراض يريد الفلسطينيون اقامة دولة عليها يهودا ضد يهود وعلمانيين ضد متدينين ومتشددين ضد دعاة سلام.

ويبقى الفلسطينون قلقين. فهم يشكون في ان شارون يريد مبادلة غزة المحدودة مقابل سيطرة دائمة على معظم الضفة الغربية الأكبر حجما وتجميد جهود السلام.

لكن أعنف الانتقادات تأتي من الحلفاء اليمينيين السابقين لشارون. فهم يتهمونه بأنه يكافيء العنف الفلسطيني ويخون حق إسرائيل التوراتي في الأرض حتى أن احدى الجماعات القومية المتطرفة أحلت عليه لعنة قديمة بالموت.

وباستقالة وزير المالية بنيامين نتنياهو احتجاجا على الانسحاب من غزة يواجه شارون حاليا معركة على الزعامة داخل حزب الليكود المنقسم الذي يقوده كما أن انتخابات مبكرة متوقعة في عام 2006.

ورحبت واشنطن من جانبها بخطة شارون باعتبارها نقطة انطلاق محتملة لتجديد صنع السلام عقب وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

لكن لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كان الانسحاب من غزة سيكون له بالفعل اثر قوي على احتمالات السلام وما اذا كان شارون يستعد لانسحابات اوسع وتساؤلات أخرى حول ما اذا كان سيتمكن من البقاء سياسيا عقب الانسحاب,ومنذ فترة غير بعيدة كانت فكرة أن "جرافة" مشروع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية سوف تحطم جزء من أساسه امرا لا يمكن التفكير فيه.وصنع الجنرال السابق اسمه في الحرب والسياسة بأنه لن يترك بوصة واحدة.

واثار عداوة العرب لادارته الغزو الاسرائيلي للبنان في عام 1982 الذي ارتكبت خلاله ميليشيا مسيحية حليفة مذبحة بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات صابرا وشاتيلا كما اثار غضبهم فيما بعد لردوده القمعية على انتفاضة فلسطينية اندلعت عقب زيارته للحرم القدسي في عام 2000.

لكن شارون فاجأ الجميع في عام 2003 عندما قال ان إسرائيل سوف تخلي بعض المستوطنات لتقليل الصراع مع الفلسطينيين وتأمين تركيبتها السكانية كدولة يهودية.

وقال عوزي بنزيمان كاتب سيرة "شارون: قيصر إسرائيلي" ان "شارون هو الزعيم الوحيد الذي يتمتع بشعبية وعملية وصلابة كافية... لتنفيذ مثل هذه الخطة."

ومن دون تردد في خوض المخاطر قاد شارون الدبابات عبر قناة السويس متحديا الأوامر في حرب اكتوبر تشرين الاول في عام 1973 وهي الضربة الجريئة التي يرجع لها الفضل في عكس اتجاه الحرب ضد القوات المصرية.

ويقول مساعدون ان تلك المقامرة الأخيرة لشارون أثارها بشكل جزئي الحنق الشعبي المتصاعد بسبب تكلفة البقاء في غزة وبسبب المخاوف من احتمالية فرض حل دولي للصراع.

وشارون مقتنع حاليا بأن إسرائيل بمباركة الولايات المتحدة ستكون قادرة على الاحتفاظ بمستوطنات الضفة الغربية الكبرى حيث يعيش أغلب المستوطنين البالغ عددهم 240 ألفا ومن بينها مستوطنات حول القدس.

لكن مثل هذه الاستراتيجية بالنسبة للمستوطنين المتشددين تعد انتهاكا للمقدسات. وقالت اوديم (44 عاما) في منزلها بمستوطنة نتساريم المعزولة في غزة "هو الذي جعلنا نشاهد تلك الأرض المقدسة... الآن هو يخوننا."

ومن جانب اليسار تعجب بيلين مهندس اتفاقات اوسلو التي عارضها شارون من سخرية الاقدار التي جعلت معسكر السلام في اسرائيل يجد نفسه يدعم الرجل الذي كان الكثيرون منهم يبغضونه.

لكنه قال ان حزبه سيعمل من مقاعد المعارضة على دعم تحالف شارون حتى يستكمل الانسحاب.

ويعتقد بيلين ان شارون جاد في اصراره على أنه لن تكون هناك انسحابات أخرى بعد الانسحاب من غزة لكنه يقول انها لا تزال نقطة تحول تاريخية يمكن أن تبني عليها حكومة تتبنى السلام في المستقبل.

وقال بيلين "ان ذلك لا يعني أنه يتحول إلى الدالاي لاما" واصفا شارون بأنه أحجم عن كسب ثقة الاعداء العرب القدامي الذين حاربهم على مدى عقود. واضاف "انه ليس مستعدا لاتفاق دائم."

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى