الفل في لحج الخضيرة..جاء به القمندان ورعاه السلاطين

> «الأيام» انتصار سعيد زربة:

>
شجرة الفل
شجرة الفل
تشتٍٍهر محافظة لحج بزراعة الفل ، فهي أرض زراعية خصبة وصالحة لزراعة هذه الشجرة ، فقد أتى بها الأمير أحمد فضل القمندان من الهند وتم غرسها في بستان الحسيني,كانت زراعة الفل في ذلك الوقت تحظى برعاية السلاطين، السلطان فضل بن علي وأخيه السلطان عبدالله بن علي اللذين أتاحا الفرصة للفلاحين لزراعة شجرة الفل.

وللفل اللحجي ميزته الخاصة ورائحته العطرة، ويصل إلى بعض مناطق في شرق آسيا والدول المجاورة، ويحملونه كهدايا للأصدقاء والأهل في المهجر.

وتشكل زراعة شجرة الفل لقمة العيش بالنسبة للمزارع في محافظة لحج، ولقد تركت الروائح العطرة للفل آثارها على الشعراء وعلى المرأة بالأخص، حيث يمثل الزينة للمرأة وبالذات في لحج، أبين وعدن. ولتسليط الضوء على هذه الشجرة الزكية نزلنا إلى مناطق الفل في محافظة لحج وأجرينا الاستطلاع التالي.

الموطن الأصلي لشجرة الفل
كان لقاؤنا الأول بالأخ آدم نابت صاحب إحدى مزارع الفل في الحاسكي بلحج الذي قال: تعود البدايات الأولى لزراعة شجرة الفل في محافظة لحج إلى الأمير أحمد فضل القمندان، الذي أتى بها من الهند وتم غرسها في الحسيني.

وكانت شجرة الفل في بداية زراعتها محصورة على السلاطين أنفسهم في الحسيني، ولكن بعد أن جاء السلطان فضل بن علي وأخوه عبدالله بن علي أتيحت الفرصة للفلاحين لزراعة الفل في بقية قرى المحافظة.

ويضيف آدم حول مناخ شجرة الفل: تحتاج شجرة الفل إلى مناخ معتدل لا حر شديد ولا برودة شديدة، وتحتاج أيضا إلى مياه غزيرة وأسمدة ومبيدات قاتلة للحشرات الضارة، بالإضافة إلى أشعة الشمس لكي تستمر في النمو.

موسم الفل
المزارع محمد عبدالله العبد، صاحب إحدى مزارع الفل في قرية الحبيل قال: الفل عبارة عن غرسة تحت الأرض تنمو تدريجياً إلى أن تنضج بين السنة أو السنتين، حيث تبدأ تنمو فيها حبات تسمى بالفل.

يبدأ موسم الفل في شهر أبريل ويستمر لمدة 6 أشهر حتى ينتهي في شهر سبتمبر.

تمر شجرة الفل بعدة أطوار لكي تثمر وتنتج، تقوم العاملات في البداية بخريط الورق ثم تربيط الشجرة وتصفية الحشائش الموجودة حول الشجرة والتي تحمل الحشرات الضارة بالفل. ثم هزج تحت الشجرة، بعد ذلك نقوم بتسقية الشجرة مرتين أو ثلاثاً حتى تنمو، ثم نقوم برش الشجرة بالمبيدات لتثمر.

وقال المزارع خالد الشيخ علي، صاحب إحدى مزارع الفل في قرية الشقعة:

بعد 20 يوماً تبدأ جنوة الفل والتبشيرة الأولى، حيث تكون كثيرة وتستمر لمدة عشرة أيام ثم تتوقف 20 يوماً، وبعد ذلك نقوم بإضافة المزيد من الأسمدة والمبيدات حتى نهاية شهر 9.

المبيدات المستخدمة للفل
تختلف أنواع الأدوية القاتلة للحشرات الضارة بالفل، فهناك نوع سام يسمى «سموس دين». أما النوع الذي يجعل الفل يستمر طول الموسم ويجعل (الحبة) شديدة البياض فيسمى «نفكرون» وهو نوع يباع بـ 2600 ريال (لتر واحد). وهناك عدة أنواع من الأسمدة، منها أسمدة سائلة وكيميائية. ويعتبر النوع المفضل في الرش هو النوع الكيماوي.

جانيات الفل
في الساعة الخامسة والنصف صباحا تتجمع العاملات في مكان، حيث ينقسمن إلى مجموعات بعد ذلك، كل مجموعة تتجه إلى المزرعة العاملة فيها.

تصل العاملات في الساعة السادسة صباحاً إلى المزرعة بحكم بعد المزارع عن قرى العاملات، ويختلف التوقيت بحسب بُعد المزرعة. وعند وصولهن إلى المزرعة في الساعة السادسة تربط كل عاملة قطعة من القماش على خصرها، ثم تبدأ بجني الفل داخل تلك القطعة.

وفي الساعة السابعة يأتي صاحب المزرعة ويتم تجميع الفل من العاملات ووضعه داخل السلال.

وهكذا تتم العملية بعد كل نصف ساعة إلى أن تنتهي العاملات من جني الفل.

يختلف وقت الانتهاء من جني الفل من مزرعة إلى أخرى بحسب حجم المزرعة وبحسب كمية الفل (كثير أو قليل) وهكذا نرى أن الانتهاء من جني الفل ليس مرتبطا بوقت محدد فبينما بعض المزارع تنتهي من جني الفل في الساعة التاسعة، نجد أن مزارع أخرى قد تنتهي منه الساعة الحادية عشرة.

وهذا أيضاً ينطبق على عدد العاملات، فبينما بعض المزارع قد تأخذ عشرين عاملة ومزارع أخرى قد تأخذ أكثر من ذلك حسب ظروف مزرعة الفل وموسمه.

قالت إحدى العاملات: على الرغم من أننا نتعب كثيراًَ ونتحصل على أجور زهيدة مقابل عملنا في مزرعة الفل إلا أننا نستمتع بعملنا، حيث يمر الوقت دون أن نحس به.

ونحمد الله على شجرة الفل لأنها تساعد في شراء بعض متطلبات الأسرة.

الفائدة من الفل
المزارع مرشد سيف راجح، صاحب إحدى مزارع الفل في بستان الحبيل:

يمثل الفل الدخل اليومي بالنسبة للمزارع، ومنها تتحصل الأسرة على لقمة العيش. ولكن لا يستفيد المزارع طول الموسم من هذه الشجرة، حيث في شهري 6-7 يكون المردود ضعيفا، وما بعد شهر 8 يستفيد المزارع لأنه يبدأ يخف الإنتاج، بعد ذلك هناك أيام محددة يستفيد منها المزارع هي: الأربعاء، الخميس، الجمعة، لأنها أيام عطل بالإضافة إلى أن هناك مشترون كثر يأتون من أماكن متعددة حيث يعتبر الفل من ضمن «هدايا اليمن».

العوامل المؤثرة في زراعة الفل
إن أهم الأضرار التي تلحق بالشجرة هو نقص المياه حيث يؤدي إلى دمارها وانتهائها أو نقص في إنتاجها. وعدم تصفية الحشائش التي حولها والتي تحمل الحشرات الضارة يؤدي إلى انقراض الشجرة.

إلى جانب فالإسراف في استخدام المبيدات يؤدي إلى إفقادها الرائحة العطرة بالإضافة الى وجود الشجر الكثيف بجانب شجرة الفل مما يحجب أشعة الشمس التي تحتاجها شجرة الفل.

وتنتشر زراعة الفل في معظم قرى محافظة لحج منها: الحبيل، الصرواح، الحاسكي (غرة العين سابقاً)، بالإضافة إلى الخداد، الكدام، الهجل، القريشي، الزيادي، النوبة، عبر لسلوم، بيت عياض، الثعلب، الحمراء، الزايدة، الشقعة.. الخ. حيث تعتبر الحبيل والصرواح والخداد والحسيني أكثر القرى إنتاجاً للفل في محافظة لحج.

تسويق الفل
يتم نقل الفل عبر الدراجات النارية بحكم أنها أسرع وسيلة إلى الحوطة بلحج. ويتم تجميع الفل من قرى المحافظة في سوق الحراج، وينقل الفل من الحقول إلى سوق الحراج ويباع على تجار التجزئة والباعة الذين يقومون بتسويقه من لحج إلى بعض المحافظات مثل عدن، أبين، تعز، شبوة، بحكم أنهم يتعاملون في تسويق مثل هذه الزهرة وبحكم أنها شجرة موسمية وهذا يساعدهم على توصيلها إلى بعض المناطق القريبة التي لا تكلفهم العناء بعكس عندما يتم أخذها إلى الخارج تكون مكلفة حيث لا بد أن توضع في أماكن خاصة بها حتى لا تتلف. تبدأ عملية البيع والشراء في سوق الحراج من الساعة الثامنة والنصف وحتى العاشرة والنصف.

عندما يكون الفل قليلا يكون غالي الثمن داخل السوق ويصل سعر السلة الى 5000 ريال، وأيام الإنتاج الكبير تباع بـ 300 ريال.

علاقة النساء والشعراء بالفل
تقبل النساء بشغف على شراء الفل سواء في الأعراس أو غير ذلك، حيث يعتبر الفل للمرأة نوعا من الزينة التي تجمل به نفسها.

وقد تغنى كثير من الشعراء بالفل، مثل القمندان الذي قال فيها:

يا فل يا عود يا ماء وردي

يا فل يا ند من عرف الخداد

وهناك العديد من الشعراء ممن تغنوا بشجرة الفل منهم من وصف الفل أمثال الشاعر عبدالكريم العبدلي، حسن أفندي، العراشة، عبدالخالق مفتاح وكثيرون.

علاقة المزارع بالفل
آدم نابت يرى أن الفل مثل البقرة الحلوب، أي أنه كلما اعتنيت بالبقرة أعطتك المزيد من الحليب، وهكذا بالنسبة لشجرة الفل فكلما اهتممت بها تعطيك المزيد من الإنتاج.

لاحظنا كيف أن شجرة الفل لها مكانة خاصة بالنسبة للكل، وأنها تمثل لقمة عيش المزارع، ولكن هذه الشجرة باعتبارها منتوجا كأي منتوج زراعي آخر تحتاج الى الاهتمام والرعاية من قبل الجهات المختصة، حيث إن حقول الفل تعاني من قلة المياة، وهو العامل المؤثرعلى شجرة الفل، مما يعني تدهور إنتاج زراعة هذه الشجرة.

ولذا يأمل مزارعو الفل من الجهات المختصة التشجيع والاهتمام بهذه الشجرة، من خلال إمدادهم بالأنابيب البلاستيكية لكي تستمر هذه الشجرة الزكية بالنمو ويزداد الإنتاج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى