مأساة نيو اورلينز تكشف عن جراح اميركا العميقة وعمليات انتحار في صفوف رجال الشرطة والاطفاء في نيو اورلينز

> نيواورلينز «الأيام» ا.ف.ب:

>
صورة لقبر سيدة دفنت في احد اركان شارع في نيواورلينز بعد مصرعها في اعصار كاترينا وبعد ان تعذر دفنها في مقبرة المدينة التي هي الاخرى غمرتها المياه.
صورة لقبر سيدة دفنت في احد اركان شارع في نيواورلينز بعد مصرعها في اعصار كاترينا وبعد ان تعذر دفنها في مقبرة المدينة التي هي الاخرى غمرتها المياه.
اقدم عدد من رجال الشرطة والاطفاء على الانتحار متأثرين بصدمات اصيبوا بها بسبب الفوضى العارمة التي اعقبت مرور الاعصار كاترينا في نيو اورلينز، كما اعلن امس الأول الاحد عمدة المدينة راي ناجن.

وقال العمدة للتلفزيون الاميركي سي. ان. ان "ان بعض رجال الاطفاء والشرطة اصيبوا بصدمات قوية واقدموا على الانتحار".

ومنذ مساء الثلاثاء الماضي، اجتاح اصحاب النهب الذين فقدوا كل مقومات البقاء على قيد الحياة، شوارع المدينة حيث كان يسمع اطلاق عيارات نارية.

وذكر ناجن ان بعض رجال الشرطة وقد انغلبوا على امرهم، نزعوا شاراتهم اشمئزازا من الوضع". واضاف "لقد حموا المدينة ثلاثة او اربعة ايام وحدهم وبذلوا جهودهم قدر المستطاع، وقال انه يجب اجلاؤهم على وجه السرعة وانهم "بحاجة الى فحوصات طبية ونفسية".

واشار عمدة المدينة الى ان الاولوية المقبلة "تتمثل بإخلاء جثث العديد من الضحايا". واضاف "يجب ان نسحب المياه من المدينة وان نخرج الجثث". مشيرا الى امكانية العثور على جثث "آلاف" الضحايا. وكان العمدة احد اول المسؤولين المحليين الذين انتقدوا ادارة الرئيس جورج بوش لبطء تحرك السلطات الفدرالية لمواجهة الكارثة التي تسبب بها الاعصار كاترينا الذي غمر 80% من المدينة بالمياه.

واعلنت عدة دول تبرعها لصالح ضحايا الاعصار وهي كالتالي حتى يوم امس: الكويت 500 مليون دولار، قطر 100 مليون دولار، استراليا 7,7 مليون دولار، البحرين 5 مليون دولار، بنجلاديش مليون دولار، اليابان 500 الف دولار، اليمن مائة الف دولار، سريلانكا 25 الف دولار، وقدمت دول اخرى مساعدات عينية.

وكشفت المأساة التي حلت بمدينة نيو اورلينز بعد عبور الاعصار كاترينا وبشكل صارخ عن الجراح التي تعاني منها اميركا من معازل وفقر واجرام وتوترات عرقية وجغرافية.

وكتبت صحيفة نيويورك تايمز امس الاول الاحد "ما شاهده العالم المصدوم في نيو اورلينز الاسبوع الماضي لم يكن مجرد سد انهار، بل كان انقساما عرقيا وطبقيا، مألوفا وجديدا بشكل مريع في آن، وقد انكشف في بيئة بات فيها الناس بين الحياة والموت".

وازاء مشاهد الجثث العائمة فوق مياه موحلة وحشود السود المكدسين في ملعب ينتظرون يائسين اغاثة لا تصل، انتفضت الصحافة العالمية منددة بالعالم الثالث القائم داخل هذا البلد الثري.

وكتب كريستوفر جينكس استاذ العلوم الاجتماعية في جامعة هارفرد في صحيفة نيويورك تايمز "انه تصوير دقيق للمهمشين في هذا المجتمع".

وما يزيد من وطأة المشاهد ان 67% من سكان المدينة من السود وان ولاية لويزيانا تعتبر من افقر الولايات الاميركية.

وبحسب الاحصاءات الفدرالية حول الفقر المنشورة في 30 اب/اغسطس غداة عبور الاعصار كاترينا، فان 17% من سكان لويزيانا كانوا يعيشون ما دون مستوى الفقر عام 2004، مقابل معدل 5،12% على المستوى الوطني، ما يضع لويزيانا في اسفل ترتيب الولايات الاميركية الفقيرة، قبل اركنسو والميسيسيبي ونيو مكسيكو.

وقال ستيفن كوكران مدير شركة الاستشارات "ايكونومي دوت كوم" ان "الصحافة تتحدث كثيرا عن الفقر في نيو اورلينز، وهو امر صحيح. فالمدارس في وضع مزر والمدينة قلما تجتذب ارباب عمل".

واشار القس جيسي جاكسون الى ان مدينة نيو اورلينز وحدها تحوي "120 الف شخص فقير اجورهم تقل عن ثمانية الاف دولار في السنة" ومعظمهم لا يملكون سيارات ما منعهم من مغادرة المدينة قبل وقوع الكارثة.

جندي من الفريق الجوي التابع للحرس الوطني الأميركي يراقب شوارع نيواولينز السبت الماضي استعدادا لهبوط فريقه للانضمام لجهود الإغاثة
جندي من الفريق الجوي التابع للحرس الوطني الأميركي يراقب شوارع نيواولينز السبت الماضي استعدادا لهبوط فريقه للانضمام لجهود الإغاثة
كما ان الجحيم الذي وصفه بعض اللاجئين في ملعب "سوبردوم" ومركز المؤتمرات في المدينة، من اعمال اغتصاب واطلاق نار من اسلحة نارية على فرق الاغاثة، تشير الى ظاهرة اخرى معروفة عن المدينة وهي الاجرام.

وفي 2002 بلغ معدل الاجرام في نيو اورلينز بحسب احصاءات مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) 5180 جريمة لكل مئة الف نسمة من السكان، بالمقارنة مع معدل 2973 جريمة في نيويورك في السنة نفسها.

وقال فرنسوا مانسيبو استاذ التخطيط المديني والبيئة في جامعة السوربون في باريس لوكالة فرانس برس ان اعادة الاعمار ينبغي ان تأخذ بعين الاعتبار كون هؤلاء السكان "في وضع ضعيف للغاية" في جنوب اميركي ما زال يعاني من "ترسبات مشكلات عرقية" تجعل هذه المسألة متفجرة الى حد انها "لا تطرح ابدا في العلن".

ومن المشكلات الاخرى المستعصية التي كشفها اجلاء مئات الاف السكان بشكل مفاجئ، التوترات الاقتصادية القائمة بين الولايات المتجاورة.

واوضح الاستاذ الجامعي ان "ولاية لويزيانا طلبت منذ فترة طويلة مشاركة الولايات التي يعبرها نهر الميسيسيبي والتي تصب مياهها المبتذلة فيه، في تمويل معالجة مشكلات المياه، لكن المشكلة لم تسو ابدا".

وذكر ان ولاية تكساس المجاورة "التي لطالما اثارت +ظاهرة استقطاب+ لجيرانها الجنوبيين ستواجه بدورها على الارجح مشكلات سكانية يتوجب حلها" بعد نزوح اعداد من "اللاجئين" غربا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى