عروس البحر العنفلوصية!

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
أقبل علينا الأستاذ أحمد الصاري ولد سيدي البنجصاري على غير عادته يمشي الهوينا من خلفنا فوق الفوتبات المرمر المليح اللي صلـَّحنـُّه المحافظه الله يزيدنا من خيراتها واجي من ناحية دكان باصم اللي بركن الحافة.. وكان أول من لمحه هو الأخ أحمد العرشي لأنه هو المزكن وما على المزكن ملامة يا بوي على قولة الأغنية.. قال العرشي: هي هو ذا الأستاذ صاري أقبل.. وكان من الطبيعي أن نلتفت لفتة رجل واحد إلى حيث أشار العرشي.. وجلسنا هكذا بايجي نص دقيقة نردد هو.. وإلا مش هو.. إلا هو يا أخواني هذي مشيته.. لأ مش هو لأنه في مشيته يمشي دلا ويتهركلا.. مله تمام لكن دي المرة الله يعلم أيش حامل بيداته رزّن عله وماعاد قدرش يتهركلا.. تقولوا أيش هذا اللي حاضن له بين يداته؟ ما يكونش حنش من الكبار؟ لأ يا شيخ أيش من حنش أنته كمان شوفوا با أرجع أقوم اروَّح لي أنا موتي الحناش.. بس هس بلا حنش ومحناشة سكتة الرجال وصل.

قال الأستاذ أحمد الصاري وقد وقف وسطنا وقفة راسخة كالنصب التذكاري للحرمة الحاملة أو بالأصح الحادفة للجاهل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما عدى هذا الشخص.. وأشار بأصبع من يده نحو حسن فرور!

قال حسن مستغرباً: ليش أبه أيش بيني وبينك؟ قال الصاري: ليش ما أجيتش تغير عليا وتحمل معي وأنت قدك تشوف كيف حالتي؟ أجابه حسن: لأ.. أبه كله إلا الحناش.. أنا شوف الحناش موتي.. قال الأستاذ أحمد: أيش من حناش؟ وأيش اللي جاب سيرة الحناش؟ قلنا بانتدخل قبل ما تختبص الليلة. فقلت: لا ما فيش شيء إلا سمعنا من بعض الناس أنهم شافوا حنش كبير جداً جداً يجزع من هنا ويزرق إلى داخل الجللي.. مش كذه يا عرشي وإلا لأ؟ مالك اتكلم. قال العرشي: إلا صحيح ونحنا قد شمينا بس ما حبيناش نتحاكى! قال الصاري وهو لا يزال على وقفته مثل تمثال المرأة الحادفة للجاهل: طيب ما عندكمش دم؟ ما فيش حد بايستحي على نفسه وبايمد لي كرسي أرتاح عليه من حملي وزملي وأريـّح جثتي؟ الله المستعان يا أستاذ كرسي وأبو الكرسي ياعيباه حالاً فوراً.. وفي غمضة عين كان الكل قد بادر بالمجاملة لإجلاس الأستاذ.. وبعد جلوسه انتهز الفرصة بطلب حبة سجارة وحصل عليها طبعاً لأن الظرف ما يحتملش أنه الواحد يقرفه ببيستين.. قال حسن فرور اللي قتله الشجن: أيش هذا اللي بحدفك يا أستاذ؟ أجاب الأستاذ جواباً واحداً قاطعاً بقوله: مش شغلك.. مالك فضول.. قال العرشي: ياجماعة هذا صيد من البحر أيش ما تعرفوش الصيد؟ سألت أيوه هذا مخلوق بحري بس أيش من نوع من الصيد.. حنش البحر وإلا فرس البحر وإلا أيش مالك يا أستاذ أحمد؟ قال برنّة غضب بليطة: لأ.. هذا (..) البحر.. عيب عليك يا أستاذ..هذي الألفاظ ما تليقش بمكانتك الأكاديمية.. قال: إلا هي هذي الأكاديمية بكلِّه.. بعد استراحة صمت شربنا فيها ليمون وشاي منشان نروق أعصابنا كما يقول إخواننا المصريين عدت للأستاذ بطريقة ديبلوماسية فهو يشتي محايلة زي أي جاهل لأن عقله وعقل (....) سوأ على قوله البكري مليط.. ذلحين قل لنا أيش الحكاية هذه يا أستاذ الله يرضى عليك؟ بعدما افتهن وشل حبة سجارة ثانية قال إنه طلب من واحد صديق عزيز عليه يشتغل مع شركة أسماك في الحديدة أن يجيب له حوت صيد من أفضل وأغلى الأنواع ولما جاءت سيارة الشركة إلى عدن تسلم الأستاذ أحمد الصاري طلبه.. حوت صيد من أفضل الأنواع.. ولأنه ثلاجة بيته لم تتسع للحوت اضطر ينزل به إلى ثلاجة دكان باصم لما يشوف له بصر.. هذي هي القصة كلها.. ودلحين هو حاوش حوشة ما يعلم بها إلا الله. قلت له: بس يا أستاذ أنا عمري ما قد شفت زي هذا الصيد لا هو ديرك ولا زينوب أو ثمد ولا عمفلوص أو عمفروص كما يقال ولا قـُد الصابات العملاق قال العرشي: مابه إلا هو فرس البحر.. قال فرور لا هذا كلب البحر قال الصاري انته مش شغلك تسكت ساكت ضحك حسن فرور ولم يسكت بل جلس يسعل لما شل منه أحمد الصاري حبة سجارة فوقفت سعلته.

قولوا لحل هذه المعضلة استدعينا واحد صياد من الجيران.. صياد من جيل إبراهيم ابو رأس وعوض باغة وجلسنا نهدر قال لك بالك على ما يجي الخبير السمكي.. قال لي الأستاذ أحمد أقرب با أقول لك على كلام سر.. فخافسني بحذر شديد وكأنه ينقل لي خبر تجارب اليمن لتخصيب اليورانيوم.. قال: هل تعرف أنه المحافظ بجلالة قدره يسلـِّم كراء مقابل استعماله هو والموظفين حقه لمبنى وزارة التجارة والتموين؟

قلت له: قديمة .. هذا الخبر بالي لأنه المحافظ من يوم ما انتقل هو وإدارته من مبنى وزارة التخطيط بالتواهي قبل حوالي خمس أوست أو سبع سنين إلى مبنى وزارة التجارة والتخطيط وهو يسلـِّم إيجار على ما سمعت هذيك الأيام يتراوح ما بين ميتين وسبعين ألف ريال إلى ثلاثمائة ألف ريال شهرياً كاش موني كل شهر بشهره ويمكن يكون المبلغ زاد الآن الله أعلم.

قال الأستاذ: بس هذا غلط كيف يستوي انه المبنى اللي هو ملك للدولة والمحافظ الذي هو يمثل الدولة يصير بيناتهم مثل هذي الخبابير؟ قلت له : يا أستاذ انته في بلاد العجائب والمعجزات فلا تسأل على شيء وخليك في حقك الحوت الصيد.

أخيراً أجا الخبير السمكي وكشف على الحوث الصيد وكلما شافه أكثر كان يردد: لا لا لا.. مش ممكن.. لا يمكن أبداً مش معقول.. وبعدما كانت يداتنا على قلوبنا نطق: تشخيصي أن هذا الحوت هو عروسة البحر من الفصيلة العنفلوصية.. وقال للأستاذ: ما معك يا أستاذ إلا إنك تشتري ثلاجة فريزر كبيرة حتى نستدعي الجهات المختصة في الأسماك والأحياء المائية وأصحاب الآثار والمتاحف.. وإن شاء الله بايقع خير.. لم يسمع الأستاذ كلمة واحدة لأنه من ساعة ذكر الثلاجة الفريزر راح في غيبوبة تامة عامة وشاملة!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى