صحة القياس السياسي

> أحمد محسن أحمد:

> نسمع ونقرأ بين الحين والآخر الإعلان عن توجه السلطة الانفتاحي لإصلاح الدولة.. تعلن السلطة فيما تعلن ، وعبر أداتها السياسية وأركانها السلطوية عن نيتها لإفساح المجال وإتاحة الفرصة أمام الأطراف السياسية أو بعبارة أدق القوى السياسية المعتمدة والفاعلة (بدرجات متفاوتة) للمشاركة في العملية السياسية وإدارة شؤون الدولة اليمنية، رغم ملاحظاتنا الخاصة حول فعالية هذه القوى السياسية ودورها كمعارضة (أصحاب عمل مشترك) أو لقاء مشترك، فنحن نعرف أن قوة تأثير هذه القوى الوطنية لا ترتقي ولا تصل إلى المستوى المطلوب في التأثير والفعالية السياسية في مجرى الحياة ونشاط الأمة في بلادنا الغالية اليمن.. وأعترف بأنني لم آت بجديد بذلك.. لأن معظم الأحزاب اليمنية تقر وتعترف صراحة بأنها دون المستوى المطلوب كأحزاب معارضة ومواجهة لاختلالات السلطة وأداة تقويم لاعوجاج أجهزة الدولة بمختلف اتجاهاتها، ومع ذلك تعلن السلطة عبر أداتها السياسية وأركان عملها عن النية والرغبة في الانفتاح وإفساح المجال أمام الآخرين للمشاركة في إدارة دفة الحكم، لكن ما يلفت النظر ويثير العديد من الاستفسارات والاستنتاجات.. أن هناك شيئا من الغموض حول النية الأكيدة والصادقة والهدف الحقيقي من هذه الدعوة.. فالتلون والتغير المفاجئ في الطريقة والأسلوب المتبع في النداءات المتكررة هو الذي يثير الشك حول مصداقية السلطة في هذا المسار، حيث نلمس ذلك التلون والتغير في الدعوة الموجهة لحزب معين وفي ظروف معينة.

لكن فجأة تنقلب الدعوة وتدير ظهرها للمدعو الأول وتتجه في دعوة جديدة لحزب آخر! فمثلاً دعوة الاشتراكي إلى طاولة الحوار للوصول إلى اتفاق حول حجم ومساحة مشاركته.. لكن هذه الدعوة لا يدوم عمرها لأكثر من أسابيع محدودة لا تتعدى الشهر الواحد لنجد دعوة جديدة (منفردة) لحزب الإصلاح وللغرض نفسه! وكأن الأمر لا يعدو كونه حسب نبض هذه الأحزاب وما جديدها وما استجد من أمور على إثر أحداث الدنيا وتقلبات أوضاعها.. أو أننا نصل في استنتاجنا حول هذه الدعوات وتقلباتها بأنها تهدف إلى تطبيب النفوس وتهدئة أعصاب صقور الأحزاب (التي لم يعد لها مخالب) وذر الرماد في العيون! إذن.

وبعد كل ذلك لماذا لا تتوسع الدعوة لتشمل كل القوى السياسية المعتمدة في الساحة السياسية؟! بل لماذا لا تتجه السلطة نحو الناس الذين لا يحبون الأحزاب ولا يؤمنون بأن قناعاتهم وأفكارهم ستكون ذات جدوى وفائدة إذا هي وصلت للسلطة عبر الأحزاب.. ونقصد بهم فئة وشريحة المثقفين والكفاءات العلمية والمعرفية، الذين يتعففون ويتجنبون الانزلاق في متاهات الأحزاب والتوءات أركان السلطة؟! أعتقد أن السلطة إن هي في موقف صادق ومقنع لإفساح المجال للآخرين من خارج دوائرها وأركانها للمشاركة الفاعلة في إدارة شؤون البلاد فإن عليها (على السلطة) أن تفتح الباب على مصراعيه وأمام الجميع.. أحزابا.. عناصر مستقلة.. مؤسسات المجتمع المدني ليأتوا جميعاً إلى طاولة الحوار الفاعل مع السلطة لوضع المعالجات المسؤولة والمخارج العملية لبناء مجتمع مدني متطور مبني على أسس وقواعد تضع مصلحة البلد والشعب فوق كل المصالح والنوازع والنزاعات الضيقة، التي عانى ولا يزال يعاني منها شعبنا وبلدنا الغالي طوال السنوات الماضية (العجاف) وأوصلتنا جميعاً هذه الأمراض الخبيثة إلى مفترق طرق صعب على السلطة وأداتها وأركانها اختيار وتحديد الطريق الصحيح للخلاص.

فمن نقطة الانطلاق التي هي أساس قناعاتنا وآرائنا التي (قد تعجب) و( قد لا تعجب) نحن نأخذ على عاتقنا وبمسؤولية كاملة الحرص والقلق والخوف على هذا البلد الغالي من الانسحاب والانزلاق نحو المجهول و(النفق المظلم) الذي نحن في جوفه وأعجزنا ظلامه الدامس عن تحقق هويات من يقف بصدق مع البلد ومصالح الناس الحقيقية ومن يقف ضد هذا البلد الطيب وأهله الأكثر طيبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى