ذويزن عزعزي النابغة المفترى عليه

> نجيب محمد يابلي:

> عندما ندير ظهورنا لطلابنا النوابغ نكون قد كشفنا عن وجود خلل جسيم في أجهزتنا الرسمية، وعلينا تقصي الأسباب التي أنتجت ذلك الخلل المستفحل وتبعاته الوخيمة على حقوق المواطنة والرغبة الملحة في تبني القدرات المتفوقة والمتميزة التي يتحلى بها واعدون سيصبحون أرقاماً يشار لها بالبنان ويندرج ضمن تلك التبعات تعميق الشرخ القائم في النفوس.

أكتفي بهذه المقدمة لتناول قضية الشاب النابغة ذويزن محمد علي عثمان عزعزي، الذي تبوأ المركز الأول على مستوى محافظة عدن في امتحانات المرحلة الأساسية عام 2001م ثم تبوأ المركز الأول في امتحانات شهادة الثانوية العامة، للقسم العلمي على مستوى الجمهورية اليمنية عام 2004م وبلغ معدل نجاحه 97.62%.

لقد مثل هذا النابغة الجمهورية اليمنية كواحد من أعضاء منتخب الفيزياء في أولمبياد الفيزياء التاسع الذي نظمه مكتب التربية العربية لدول مجلس التعاون الخليجي، وحصل فيها ذويزن على الميدالية البرونزية وحل في المرتبة الثالثة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وساهم بذلك في تحسين صورة بلاده.

فور إعلان نتائج الثانوية العامة، بادر الأخ الدكتور يحيى محمد الشعيبي، محافظ عدن، بزيارة الطالب النابغة ذويزن في بيته مشاركة منه للأسرة البهجة بفوز ولدها على ذلك النحو المتميز، وقطع المحافظ وعداً بتسهيل حصول ذي يزن على منحة دراسية إلى إحدى جامعات العالم.

شمر ذو يزن عن ساعديه استعداداً للمعترك العلمي القادم وكانت الخطوة الأولى أن التحق بمعهد أمديست، فرع عدن، لدراسة اللغة الانجليزية لمدة عام كامل، وكان خلالها من أبرز الطلاب المتفوقين وقد كرمته الحكومة الأمريكية بإعفائه من رسوم الدراسة تقديراً لمركزه المتفوق.

أصدر فخامة رئيس الجمهورية توجيهاً لوزير التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 9 مارس 2005 هذا نصه:

«يتم التوجيه باعتماد منحة دراسية كاملة في بريطانيا أو كندا للطالب ذو يزن محمد علي عثمان وبصورة استثنائية».

فور صدور التوجيهات الرئاسية حررت وزارة التعليم العالي، ممثلة بمدير عام البعثات والمنح الدراسية مذكرة وجهتها لوكيل الوزارة لقطاع البعثات والتعاون الدولي، والذي بدوره حرر مذكرة وجهها لسفير بلادنا في بريطانيا. السفارة لم تكترث للموضوع، فبادر الدكتور يحيى الشعيبي، محافظ عدن مشكوراً بتوجيه مذكرة رسمية إلى سفيرنا في بريطانيا، وآلت تلك المذكرة إلى نفس مصير سابقتها من التعليم العالي.

قيل لذي يزن: «ما عليك إلا أن تبحث عن المقعد ونحن سندفع» استجاب ذو يزن للطلب ودخل على موقع جامعة لندن في شبكة الانترنت وقدم طلبه لدراسة «علم الجينات الوراثية البشرية» الشديد الندرة في بلادنا وقام بسحب استمارات التقديم. اشترطت عليه الجامعة الجلوس اولاً للامتحان في اللغة الإنجليزية والكيمياء والأحياء. بعد موافقته أرسلت الجامعة بأوراق الامتحانات إلى المدرسة الدولية للمهاتما غاندي في عدن، التي تعمل بالنظام البريطاني.

وافت الجامعة المتقدم «ذو يزن» بنتائج فوزه وقبوله للدراسة، وأرفقت بذلك بروشوراً بتكاليف الدراسة والإقامة والسكن وإرسالها على وجه السرعة لضمان الحصول على مقعد والإقامة وذلك ليتسنى للجامعة إرسال الفيزا قبل موعد الدارسة في 26 سبتمبر 2005م.

التعليم العالي نفذ مهمته الرامية إلى إحباط وتحطيم النابغة ذي يزن، حيث زعمت عدم وجود منح دراسية للحكومة في الجامعات البريطانية وإذا ركب عقله وقرر الدراسة هناك فإن السقف المحدد هو (7) آلاف دولار، مع أن رسوم الدراسة في بريطانيا حسبما حددته الجامعة تبلغ(11.950) جنيها استرلينيا يضاف لها (7.500) جنيه استرليني مقابل الإقامة والسكن.

ملاحظاتنا على تلك العربدة نحصرها في الآتي:1) إن العربدة جاءت بالمخالفة مع التوجيهات الرئاسية الصريحة التي لا لبس فيها.

2) إن حكاية «ما عليك إلا أن تبحث المقعد ونحن سندفع» تعكس واقعاً متبذلاً وغير مؤسسي، لأن التواصل مع مؤسسات التعليم العالي في الخارج من صلب مهام الوزارة وهي مهمة كانت إدارة البعثات في عدن تؤديها بانسيابية رائعة قبل أكثر من (55) عاماً، فما بالكم اليوم ونحن في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات؟

3) إن حكاية سقف المنحة هي الأخرى حكاية مردود عليها لأن الصحف قد كشفت أسماء أولاد وبنات مسؤولين من عيار ثقيل يتلقون دراساتهم في جامعات الغرب بسقف أو بدون سقف ولم تورد الصحف إلا النزر اليسير من أسماء الأبناء والبنات في جامعات الغرب.

4) إن تنتهي التوجيهات الرئاسية بهذه الصورة التراجيدية لن يعود عليكم باحترام أصحاب الأقلام وسيتمادون في مهاجمتكم ولهم عذرهم.

مسك ختام مقالي: ما تبقى من أيام معدودات حتى الـ 26 من سبتمبر يعتبر بساطاً مفروشاً بالجمر، فهل سيزاح ذلك البساط لتستبدل بجمراته ورودا لتنسجم مع سمو التوجيهات الرئاسية؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى