بين الرقم الأصغر والأكبر

> أحمد محسن أحمد:

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
في الندوة المخصصة لمناقشة موارد محافظة عدن والميزانية المستقبلية لنشاطها.. تلك الندوة المهمة التي احتضنها منتدى «الأيام» الذي عـُرف أنه الأكثر اهتماماً بقضايا الوطن وعدن بالذات كان لحضور الأخ محافظ عدن أثره وجدواه، كما شارك في الندوة بعض أعضاء المجلس المحلي وبعض مدراء عموم المرافق المختصة بموضوع الندوة وشمل الحضور العديد من الكوادر والأساتذة من ذوي الاختصاص والفهم بالأمور المالية.

طبعاً تناولت الندوة أهم القضايا التي فندت عناصر المشكلة وأسهب المختصون في شرح أبعاد المشكلة التي تعاني منها عدن في جانب الميزانية المعتمدة مركزياً والموادر المحلية، لكن هناك العديد من الملاحظات التي لم يكف زمن الندوة لطرحها، فالإخوة الذين شاركوا في وضع المعالجات (رغم اختصارهم لملاحظاتهم وتركيزهم على أهم النقاط) إلا أن المساحة الزمنية لم تتح الفرصة لآخرين للإدلاء بدلوهم في هذه القضية المهمة والحيوية لحياة الناس في عدن ولكي لا ندخل في تفاصيل دقيقة تخص هذه القضية - ويضيع الجوهر- سوف نحاول الإشارة بتركيز إلى أهم الجوانب التي لم يتطرق إليها الإخوة في هذه الندوة وأهمها ما يلي :

أولاً: قانون السلطة المحلية : لم يتحدث أحد حول قانون السلطة المحلية وإن كان البعض قد أشار إلى ضعف المكاتب التنفيذية في تنفيذ خطة التنمية وهناك مشاريع عديدة مرصودة للمرافق لم يتم استغلال مخصصاتها حيث بلغت حتى الآن نسبة تنفيذ الخطة 20% فقط والقانون واضح فيه حـُددت حقوق وواجبات كل الأطراف، مجالس محلية ومكاتب تنفيذية لكن ما يـُلاحظ أننا لانعود في تعاملاتنا إلى نصوص هذا القانون والتباين البارز بين صلاحيات المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية سببها الرئيسي جهل كل ما ورد في القانون لان المكاتب التنفيذية لا تخضع (حسب اعتقادها) للمجالس المحلية بقدر ما هي خاضعة وتابعة للمركز (صنعاء) حيث توجد الوزارات (السيادية).

للعلم.. الندوات وورش العمل التي تـُنظم للمجالس المحلية في المديريات (ولا يشارك فيها أعضاء المكاتب التنفيذية) يطرح أعضاء المجالس المحلية المشاكل التي يواجهونها والخلاف في تطبيق القانون فيما يخص المجالس والمكاتب، والخبراء الذين يشرحون نصوص القانون يأتون من صنعاء .. وهم الذين يحرضّون أعضاء المجالس المحلية على اللجوء إلى القانون فالقانون سلطة بأيدي أعضاء المجالس المحلية بل إن بعض الخبراء من صنعاء يقولون لأعضاء المجالس المحلية «الساكت عن حقه (الحق) شيطان أخرس» ثم وهو الأهم هؤلاء الخبراء يقولون إن كافة القوانين التي تخص الوزارات وغيرها سيتم تعديل بنودها بما يتفق وقانون السلطة المحلية بل إنهم في إحدى الورش أعلنوا أنه قد تم تعديل كذا قانون حتى تاريخ تلك الورشة. أعضاء المجالس المحلية يشكون من أن أعضاء المكاتب التنفيذية لا يعيرونهم أي اهتمام واهتمامهم الكامل ينصب نحو المركز (الوزارة في صنعاء) فالمجالس المحلية محلية، وفي حدود المدينة والمحافظة لكن الوزارات مركزية وفي إطار المدينة التاريخية صنعاء!! وهنا الخلل بعينه حـتى أن بعض أعضاء المجالس المحلية قـالوا يظهـر أننا (كمجالس محليـة) ديكور !

ثانياً: أثيرت نقطة جوهرية في الندوة تتعلق بالسقوف، سقف الميزانية.. والتوجيه المركزي من صنعاء بأن على فروع وزارة المالية الالتزام بالسقوف المحددة لكل محافظة. هنا أثـمّن تثميناً عالياً ما طرحه الأستاذ القدير عبدالله عبدن وتعليقه البديع حول السقوف لكن كنت أريد الإشارة إلى ما كان زمان عندنا هنا في عدن وبالتحديد أيام الحكم الشمولي في جنوب الوطن، كان هناك خبراء ماليون ليسوا أعضاء في الحزب الاشتراكي لكنهم كانوا يقولون رأيهم في السياسة المالية المركزية التي يـُحدد اتجاهها (صولجان) الحكم الشمولي آنذاك. كان هناك المرحوم (طيب الذكر) عمر هادي الذي لن أنسى ابتسامته المرحة وهو يناقش معنا ميزانيات مرافقنا ، كانت لديه جملة واحدة مصحوبة بابتسامته الساخرة واللطيفة يقول (رحمه الله): «كم يا ابني باتنقص» من منا لا يذكر هذه الجملة، لكن لمن كان المرحوم عمر هادي يقول هذه الجملة؟ كان يقولها للذين يبالغون في تحديد خطط مرافقهم المستقبلية والسقف هنا لعبة ذكية لرجال المال والموازنات فالسقف ليس سيفا قاطعا للرؤوس لكنه مساحة حرة لحركة المخطط الذكي الذي يدرس مستويات التنفيذ للخطط المالية، لكن أن تأتي لتضع سقفا لمرفق حيوي يرتبط بحياة الناس فإن هذا الأمر جور شديد وصحيح ما قاله بعض الإخوة في الندوة من أن التخفيض الذي تسعى إليه الجهات المسؤولة العليا غير مدروس ولا توجد مساحات لاحتمال الزيادة والنقصان.

ولا أريد هنا أن أوجه اللوم لأحد ولكن طرأت زيادة معينة في مادة النفط (مثلاً) الناس كلهم وليس الأستاذ محمد عبدالله باشراحيل وحده الذي قال .. أين سارت فلوس الارتفاع المفاجئ في سعر النفط لأن الناس كلهم يقولون هذا الكلام وبدون زعل؟!

ثالثاً : الخزانة العامة : المغفور له بإذن الله الرئيس السابق لليمن القاضي عبدالرحمن الإرياني قال مقولة شائعة وذات مغزى «جربوا المجرب»

لماذا لانعيد نظام الخزانة العامة الذي كان سائداً أيام الاشتراكي وما قبله ؟! هل لا نريد إعادة كل جميل أو كل شيء مفيد ينسب للاشتراكي أو الاستعمار البغيض حتى ولو كان في ذلك فائدة للناس.

عندما تحدث رجل مالي من زمن الخزانة العامة في هذه الندوة ورجل مالي من هذا الزمن وجدنا أن هناك فرقا، زمان كانت أيام والزمن الفائت ربى كوادر وعلـّم كوادر لازالت على مستوى عالٍ جداً من القدرة على العطاء رغم أن الزمن الحالي وتحديداً أمور هذا الزمن الإدارية والمالية لا يعرف الناس رأسهم من أرجلهم فيها إلا أن الكوادر التي تربت وتعلمت في زمن النظام والقانون لازالت هي القادرة على العطاء رغم معاناتها الشديدة في التعامل مع نظام هذا الزمن الذي يشبه إلى حد بعيد (الصنفور) المقلوب الذي بلا رأس .. ما يدري الدكتور من فين يجي له!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى