نبات الرعد

> عبدالقوي الأشول:

> قال الشاعر:ولقد جنيتك أكمؤاً وعساقلاً ولقد نهيت عن نبات الأوبرا...هو الفقع عند بعض سكان الجزيرة العربية أو كما سمي (الكمأ) لاختفائه أو استتاره عن الأعين تحت الأرض، نبات لا أوراق له ولا ساق كما أن الإنسان لا يبذل جهداً في سبيل زراعته.. نبات تنميه أمطار الربيع تسميه العرب نبات الرعد.. أما أجوده فما كانت رمال زراعته قليلة الماء.. استخدمه العرب غذاء ودواء إذ يجلو ظلمة البصر إذا قطر ماؤه ووضع على العين، كما أن (الكمأ) من المن.. ويقال إن المن الذي نزل على بني إسرائيل أنواع كثيرة.. وهو كل نبات ينبت من غير حرث، هكذا كان غذاؤهم في التيه (الكمأ) والسلوى كما جعل حلواهم الطل، ندى ينزل على الشجر حلو المذاق أو هو (الترنجبين) كما يسمونه.

ما دعاني لذكر الكمأ .. هو الأستاذ الدكتور أحمد الربعي عاشق نبات (الكمأ) في محيط مدينة الكويت، الذي كنت ضيفاً في ديوانيته قبل سنوات.. علاقة لم تنفصل من ذلك الحين رغم أنها المرة اليتيمة التي قابلته فيها وجهاً لوجه.. وكان لحديثه العذب عن اليمن وذكرياته العزيزة عنها وقع في النفس.

علاقتي بالأستاذ الربعي متجددة من خلال كتاباته المميزة.. عن أوضاعنا العربية.. وما يحيط بواقعنا من أخطار.

فالدكتور الربعي شديد الالتصاق بقضايا أمته العربية، أكثر استشعاراً للخطر.. بل الأقدر تعبيراً عن واقع يدعو إلى تغييره.

هو المعارض الشجاع تارة .. ثم النائب المشاكس غير القادر أصلاً على المداهنة، هو الوزير الذي يأمل أن يجد لأفكاره صدى في واقع يسعى بكل طاقاته لتغييره.

بل تمتد إساهاماته الفكرية للإدلاء برأيه الصريح في قضايا الشعوب العربية والإسلامية. حدثني في ديوانيته عن قضايا الواقع اليمني ومخاطر الفقر والبطالة والنزاعات السياسية التي لا طائل منها لأهل اليمن..عن القات الذي اكتسحت مساحاته المزروعة منتوج بن اليمن ذائع الشهرة.

عن التعليم ومشكلاته العميقة في الوطن العربي.. البحث العلمي وغياب الإبداعات في الساحة العربية.

ثم دعاني لمعرفة نبات (الكمأ) في محيط صحراء الكويت لافحة الحرارة.. التي تكون باريسية الهوى في ربيع (الكمأ)، مضيفاً أن بحثي عن الكمأ يختلف كلية عن حكاية بحثه عن أشجار البن في محيط أراضي العاصمة اليمنية صنعاء.. حين تعذر عليه وزملاء رحلته أن يجدوا شجرة بنّ واحدة في مساحات أرض اكتسح القات أرجاءها.

على كل حال نبدو هكذا يا دكتور في زمن تيهنا غير آبهين لمصالحنا ولا جادين في معالجة أوضاعنا التي تشهد تداعيات عارمة من كل حدب وصوب، رحلة تيهنا غير محددة بزمن كما أنه تيه نسبر أغواره صوب المجهول، في حين تخلو مثل هذه الرحلة التيهية من نزول المن والسلوى علينا بعد أن انقطع الوحي برسالة السماء الخالدة ورسالة سيدنا محمد [ إلى البشرية بسماحة تعاليمها الصالحة لكل زمان ومكان.

قطر (الكمأ) لم يعد يجدي في إزاحة عمى البصر والبصيرة عن واقع ندفع ثمنه غالياً ويضعنا خارج نطاق العصر وتقنياته.

فهل تجدي تحذيراتك النابعة من مستوى الحرص لديك على هذه الأمة.. التي تخوض في أغوار سيرها صوب السراب والمجهول؟

آمل أن يكون الحال كذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى