حصيلة 15 عاما من اعادة توحيد المانيا: نجاح ممزوج بالخيبة

> برلين «الأيام» ا.ف.ب :

> بعد مرور 15 عاما على اعادة توحيد المانيا في 3 كانون الاول/اكتوبر 1990، ما زال تقييم العملية يتراوح ما بين النجاح وخيبة الامل في المناطق الشرقية حيث تجاور الورش المهملة المعالم التاريخية المرممة وتمتزج مشاعر الحنين الى جمهورية المانيا الديموقراطية بتهميش المواطنين المتحدرين منها.

وتعيش "الولايات الجديدة" الشرقية وضعا يتباين بشدة مع الازدهار الذي وعد به المستشار السابق هلموت كول حيث يتفاوت معدل اجمالي الدخل الشهري ما بين 28958 يورو في الشرق و40986 يورو في الغرب فيما تتراوح نسبة البطالة بين 6،4% في فرايزينغ (بافاريا) و6،32% في انكلام (شمال شرق).

وخلفت اعادة التوحيد التي استوجبت جهودا هائلة خيبات امل من جانبي الستار الحديدي السابق.

ومن انجازات هذه العملية ان العديد من مدن الشرق استعادت قسما من رونقها السابق واقيمت فيها مصانع متطورة وحديثة. ومن ابرز الامثلة على هذه النجاحات القبة الذهبية لكنيسة فراونكيرشي التي عادت تشع فوق درسدن.

غير ان هذه الصورة المزدهرة تقابلها صورة قاتمة تتمثل في الورش المهجورة والمشاريع المعطلة بعد ان كانت تحمل وعودا بانشاء وظائف واعمال. وباتت بلدات كثيرة مهجورة لعدم توافر البنى التحتية فيها.

ويتجلى هذا التفاوت في الطريق العام الذي يربط بين برلين وشتيتن على الحدود البولندية، حيث يظهر عليه الاهمال كلما توغل شرقا الى ان تكسوه الاعشاب البرية كليا في جزئه الاخير قبل الحدود.

ويستمر هذا التفاوت بالرغم من المساعدات التي تم ضخها الى المناطق الشرقية والتي بلغ حجمها الاجمالي 1240 مليار يورو بين 1991 و2003 فيما يتوقع بحسب تقرير حكومي منحها 156 مليار يورو من المساعدات العامة بين 2005 و2019، حتى انه يخيل لبعض المواطنين المتواضعي الدخل في الغرب الذي يعاني بدوره من البطالة واعادة الهيكلة ان اموالهم تذهب في هوة بلا قاع.

وانتجت هذه الظروف افكارا مسبقة عن الالمان الشرقيين الذين ينظر اليهم على انهم "مثيرون للكآبة" بحسب تعبير الزعيم المحافظ البافاري ادموند شتويبر الذي اثار فضيحة هذا الصيف او "ريفيين خجولين يعتمدون على الغير" بحسب ما اورد ايمانويل درويت الباحث في معهد مارك بلوخ,وفي المقابل، قال الباحث ان "الالمان الشرقيين ينظرون بدورهم الى سكان الغرب على انهم متعجرفون وانانيون وجشعون".

واوضح ان "الالمان الغربيين لم يعترفوا يوما لالمانيا الشرقية بالحق في الوجود ما ولد توجها ثابتا الى ممارسة حق الاشراف" على هذه المناطق وهذا ما يبرر موجة الحنين الى الحقبة السوفياتية والتضامن الاجتماعي الذي سادها، الامر الذي صوره ببراعة فيلم "وداعا لينين" للمخرج فولفغانغ بيكر.

وتعتبر البطالة المقرونة بهذا الحنين مبررا للفوز الذي حققه الشيوعيون السابقون في الانتخابات في مناطق المانيا الشرقية سابقا حيث حصلوا على 25% من الاصوات والتاييد الذي يحظون به بين بعض الشبان اليائسين من النازيين الجدد.

غير ان سكان الشرق ما زالوا منجذبين الى الغرب ووعوده بحياة افضل حيث خسرت "الولايات الجديدة" 900 الف من سكانها ما بين 1991 و2004 حيث هاجر 18،2 مليون نسمة من سكانها الى الغرب فيما لم يتجاوز عدد الوافدين اليها من الغرب 28،1 مليون نسمة.

وان كانت وتيرة هذا النزيف تتراجع، الا انه يطاول القوى العاملة من السكان حيث شكل الشبان 54% من الذين غادروا المانيا الشرقية السابقة عام 2004 والذين بلغ عددهم 146400 نسمة.

وبالرغم من هذه الاوضاع، فان المواطنين الالمان من الطرفين يؤيدون بغالبيتهم الساحقة اعادة التوحيد ولا تتعدى نسبة المؤيدين للعودة الى دولتين مجددا 6% من الالمان,واظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة "از دي اف" التلفزيونية العامة ان 82% من الغربيين و91% من الشرقيين يعتبرون اعادة التوحيد ايجابية.

كما عكست دراسة اجريت على المستهلكين في الشرق والغرب وعرضتها دار "باور اند شبرينغر" للنشر الاثنين تقاربا بين شطري المانيا في القيم والتطلعات.

لكن بالرغم من ذلك، فان الشرقيين ما زالوا يبحثون عن "مستقبل آمن" و"استقلال مالي" و"اداء" جيد فيما باتت هذه المطالب الاولية مؤمنة بالنسبة لمعظم الغربيين الذين يبحثون بدلا من ذلك عن "مزيد من وقت الفراغ" ومن "الالتزام الاجتماعي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى