الصورة لازم تطلع صح

> جلال عبده محسن:

> التاريخ لا يقبل إلا حقائق وأحداثا معينة حدثت في زمن ماض، قد تكون تلك الحقائق على شكل أعمال تفتخر بها الأجيال اللاحقة كمفخرة الحضارات والاستكشافات العلمية والاختراعات والثورات وغيرها من الأعمال التي تخلد وتستفيد منها البشرية لاحقاً، أو قد تكون بشكل نكسات مرت بها الشعوب نتجت عنها وقائع مأساوية وأحداث محزنة شكلت علامة سوداء في سجل تاريخها.

وأياً كانت الأحداث ونوعيتها فالتاريخ لا يعتمد إلا على عنصر الحقيقة التي هي من صنع الإنسان أساساً لتصبح في مجموعها حقائق تغدو مصدراً مهماً ومرجعاً أساسياً للأجيال المتعاقبة، يستفاد منها في معرفة تاريخها الماضي والاعتزاز بها والاستناد إليها كمرجعية للمعلومات.

وتختلف الوقائع بطبيعتها من حيث إثباتها وتدوينها في سجلات التاريخ، فهناك حقائق لا يختلف عليها اثنان يسهل على المؤرخ بلورتها وتدوينها، وهناك وقائع قد تكون محل جدل ونقاش، قد يتم حسمها والاتفاق عليها في حينها، ولكن هناك أحداث يصعب بلورتها وتدوينها، قد تستغرق وقتا طويلا لحسمها واعتمادها كحقائق نظراً لعدة عوامل منها السلطة السياسية التي في ظلها قد تتعرض بعض الحقائق للتشويه الجزئي أو الكلي، لسبب أو لآخر كغياب المصدر نفسه أو مجموعة المصادر الأساسية للحقيقة، أو قد تعمد السلطة السياسية نفسها إلى التشويه لحقائق معينة بحجة عدم اتفاقها مع تلك الحقائق ومصالحها الخاصة، الأمر الذي قد يسمح للبعض باستغلال مواقف معينة في العبث بها أو نسبها إليهم أو لغيرهم ممن تربطهم بهم مصالح مشتركة في ظل ظروف اجتماعية وسياسية معينة.

وما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو ما نسمعه من وقت لآخر حول صياغة تاريخ الثورة اليمنية بحيادية وشفافية، وقبلها تذكرت تلك الصورة يوم إعلان الوحدة في 22 مايو 90م وهي صورة الرئيس علي عبدالله صالح وهو يرفع علم الوحدة وإلى جانبه المناضل علي سالم البيض، وهي التي شاهدتها أيضاً ملايين الجماهير العربية والدولية كشهود عيان لتلك اللحظة التاريخية مع ما حصل لها من فبركة منذ يوليو 94م بحجة أن ذلك لا يتناسب مع مصلحة السلطة، غير مدركين أن التاريخ لا يقبل إلا الحقيقة، أياً كانت الحجج والمبررات، وإعادة الصورة الحقيقية برهان على نوايا السلطة وحرصها على كتابة تاريخ الثورة بكل شفافية، لأنها تحمل عنواناً لمرحلة بكاملها قبل أن تكتشفها الأجيال ويجدوا أنفسهم قد تلقوا حقيقة مخالفة لتلك التي علقت في أذهانهم ولسنوات طويلة، الأمر الذي قد يفقدهم معها الثقة والمصداقية بحقائق أخرى قد تكون الحقيقة بعينها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى