انضمام عدن إلى اتحاد الجنوب العربي الرسائل المتبادلة بين وزراء الاتحاد بعدن ووزير الدولة لشؤون المستعمرات

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

> إعادة قراءة التاريخ السياسي لفترة معينة لا تعني العودة لحقبة منتهية من زمن، ولكنها عملية استشراف للمستقبل وبالذات إن كان هذا الماضي من فعل السياسة البريطانية التي لا تترك أبواب الاحتمالات مفتوحة لأطول المسافات الزمنية، حيث تعود نقطة بما كان يعرف بالخروج عن المسار البريطاني إلى نفس الدائرة لسياسة بريطانيا وعند ذلك يصبح التاريخ صناعة مستقبلية وحتمية تطرح من أهدافها ما رُفض بالأمس.

هذه الرسائل عرضها على البرلمان البريطاني وزير الدولة لشؤون المستعمرات البريطانية بأمر صاحبة الجلالة في أغسطس عام 1926م ونحن نختار في هذه المادة بعضاً مما جاء فيها لمعرفة الرؤية السياسية التي صاحبت فكرة انضمام عدن إلى اتحاد الجنوب العربي بتاريخ 1 مارس 1963م وبهذا الانتقال السياسي لوضع عدن في فترة الحكم البريطاني تدخل هذه المدينة تجربة جديدة في تعاملها مع الآخر جغرافياً وسكانياً ومستوى التقارب والاختلاف في الأفكار والعادات والتقاليد، لأن التوسع الجغرافي القائم على أهداف سياسية دون شك يحدث تغيرات وتصادم في خاصية كل منطقة، غير أن الرؤية القيادية في هذا العمل تكون الدافع إلى الغرض الأهم.

في تلك الحقبة التاريخية اتفقت حكومة المملكة المتحدة لبريطانيا وكذلك إيرلندا الشمالية المشار إليها بالمملكة المتحدة وحكومة اتحاد الجنوب العربي، والذي عرف قبل ذلك باتحاد إمارات الجنوب العربي على النقاط التالية: المادة الأولى: تعتبر هذه المعاهدة ملحقاً وجزءاً من معاهدة الصداقة والحماية بين المملكة المتحدة والاتحاد المؤرخة في 11 فبراير 1959م المشار إليها فيما يلي بمعاهدة 1959م.

المادة الثانية: لاشيء في هذه المعاهدة يمس السيادة البريطانية على عدن.

المادة الثالثة: عرضة لنصوص هذه المعاهدة سوف تصبح مستعمرة عدن ولاية في الاتحاد تعرف باسم عدن، وذلك في أول مارس 1963م أو في ميعاد قبل ذلك التاريخ يعين بمقتضى أمر في المجلس ويشار إليه فيما يلي بتاريخ الانضمام".

المادة الرابعة: تستثنى ميون وجزر كوريا موريا من الاتحاد.

المادة الخامسة: ستضمن حكومة الاتحاد تعديل دستور الاتحاد ابتداءً من تاريخ الانضمام بالطريقة المتفق عليها بين حكومة الاتحاد وحكومة عدن والمصادق عليها من قبل حكومة المملكة المتحدة.

المادة السادسة: سترتب حكومة المملكة المتحدة إعطاء دستور الاتحاد كيفما يعدل بمقتضى المادة الخامسة فعالية القانون في عدن في تاريخ الانضمام شريطة النصوص الخاصة المتفق عليها بين حكومة الاتحاد وحكومة عدن والمصادق عليها من قبل حكومة المملكة المتحدة.

المادة السابعة: عرضه لنصوص هذه المعاهدة فإن معاهدة 1959م بداية من تاريخ الانضمام ستطبق على عدن كولاية تشكل جزءاً من الاتحاد.

المادة الثامنة: بصرف النظر عن المادة الثانية تتعهد حكومة المملكة المتحدة بعدم ممارسة سلطاتها الخاصة بالسيادة لسحب عدن من الاتحاد خلال فترة سريان هذه المعاهدة عدا بمقتضى المادتين التاسعة والعاشرة.

المادة التاسعة: يجوز لحكومة المملكة المتحدة أن تبعد أو تسحب في أي وقت من الاتحاد أي منطقة أو مناطق داخل عدن إذا رأت ذلك مرغوباً فيه لأغراض مسؤولياتها العالمية للدفاع.

المادة العاشرة: بصرف النظر عن أي شيء في دستور الاتحاد وفي خلال الاثنى عشر شهراً التي تلي نهاية العام السادس بعد تاريخ دخول عدن في الاتحاد إذا ما أجاز مجلس عدن التشريعي قراراً بأغلبية ثلثي أعضائه يسجل شكوى بأن الاتحاد قد عمل بطريقة تضر بصورة غير عادلة بمصالح عدن، فعندئذ تتعهد حكومة المملكة المتحدة بعقد مؤتمر برئاسة وزير تابع للمملكة المتحدة لممثلي الاتحاد وعدن من أجل محاولة حسم المسألة بالاتفاق وأن لم يك بالإمكان التوصل بأن الاتحاد قد عمل بطريقة تضر بصورة غير عادلة بمصالح عدن، فستطلب من حكومة الاتحاد اتخاد أي عمل لايتضمن تعديل دستور الاتحاد يكون في نظر حكومة المملكة المتحدة ضرورياً لمعالجة الوضع، وفيما لو عجز الاتحاد عن اتخاذ ذلك العمل فسيجوز لحكومة المملكة المتحدة أن تسحب عدن من الاتحاد.

المادة الحادية عشر: يسري مفعول المعاهدة الحالية عند توقيعها.

في عام 1945م قدم السير هارولد انكرمس المقيم البريطاني في حضرموت مقترح حكومة لندن على دمج كل الإمارات في اتحاد أو اتحادين فيدراليين يكون على صلة قوية بالمملكة المتحدة وكانت الرؤية التي انطلقت منها فكرة الاتحاد هي أنه من الصعب أن تقوم أية إصلاحات سياسية واجتماعية خارج إطار الاتحاد وكذلك للتطورالاقتصادي، الأمر الذي دفع حاكم عدن الس توم هيكنغ بوتام 1951-1956 والذي يعد محرك المرحلة الفيدرالية من مشروع الاتحاد إلى القول :"لن تملك دول المحمية قوة كافية لكي تلعب دورها في العالم الحديث من دون الوحدة وكانت بريطانيا تهدف سياسياً واقتصادياً إلى جمع الإمارات حول المصفاة التي توجد في عدن حتى تضع حقول البترول الممتدة من الكويت إلى كينيا تحت إشرافها.

وحول العلاقة بين أهمية عدن كميناء ومصفاة وثروات الجنوب العربي ومكانة كل هذا في الاتحاد نعود إلى ما كتبه محمود الشرقاوي عام 1959 في كتابه (جنوب الجزيرة العربية)، قائلاً:"تهتم بريطانيا اهتماماً كبيراً بجنوب الجزيرة العربية لأسباب عدة في هذه المناطق الجنوبية قد دلت على وجود آبار من البترول تجعله في الرعيل الأول من البلاد التي تنتج البترول في العالم، بل إن البترول يكاد يطفو على سطح الأرض في منطقة شبوة وهناك أيضا خمسة حقول غنية بالبترول في مناطق ثمود وحيروت وزمخ التي تبعد عن منطقة العبر بنحو 100 كيلو متر ومنوخ التي تقع بين العبر وثمود وبالساحل في منطقة حجر.

وتقوم بالبحث في هذه المناطق شركة البترول والتنقيب المحدودة وهي شركة أمريكية انجليزية، وقد أرسلت حكومة عدن وفداً برئاسة عبدالله السليمان العراقي، الذي يعمل مستشاراً في الشؤون البدوية للمستشار البريطاني ليقدم عرضاً إلى شيخ قبيلة المناهيل التي تسكن منطقة ثمود وهو عيضة بن طناف ويقدر العرض بثلاثين ألف شلن، وذلك للبحث عن البترول.

وكان العرض شبه إجباري بيد أن عيضة بن طناف رفضه وطالب بعقد اتفاقية تشبه الاتفاقيات بين شركات البترول وحكومات الخليج العربي.

وقد أدركت بريطانيا أهمية هذا العامل الجديد، فأقامت معملاً لتكرير البترول في عدن ويقوم بتكرير فائض البترول الإيراني وبترول المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والبحرين وعندما تتم أعمال التنقيب في جنوب الجزيرة، فسيقتصر عمله على تكرير بتروله فقط.

أما بالنسبة للاستراتيجية الغربية، فإن عدن ومحمياتها تبدوأهميتها في أنه إذا حدث هجوم من الشمال، فسيكون الخليج العربي أحد أهدافه ومنه يمكن النزول إلى شواطئ شبه الجزيرة العربية وعزلها والالتفاف حولها وجعلها قاعدة للهجوم على أفريقيا".

في المجلس التشريعي العدني صادق على انضمام عدن إلى الاتحاد 15 صوت ضد 8 أصوات وفي مجلس العموم البريطاني صادق على دمج عدن في الاتحاد 253 صوتاً ضد 181 صوتاً وكان سبق أن رفض بأكثرية 259 صوتاً ضد 185 صوتاً، وقد طالبت المعارضة في مجلس العموم البريطاني بإجراء انتخابات قبل ضم عدن إلى اتحاد الجنوب العربي (راجع كتاب الدكتور محمد عمر الحبشي اليمن الجنوبي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً منذ 1937م وحتى قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية صادر عن دار الطليعة بيروت الطبعة الأولى مارس 1968م ترجمة الدكتور إلياس فرح والدكتور خليل أحمد خليل).

في شهر إبريل من عام 1961م زار السير ماكلويد، وزير المستعمرات البريطاني عدن والمناطق الجنوب العربي وعقد عدة اجتماعات مع موظفي وزارة المستعمرات في عدن ومع وزراء حكومة عدن وأعضاء المجلس التشريعي العدني ومع الوزراء والسلاطين في حكومة الاتحاد الفيدرالي وكان الهدف من هذه التحركات توضيح فكرة الاتحاد بين عدن ومناطق الجنوب العربي في حكومة واحدة وفي 12 يناير 1962م ألقى حاكم عدن السير تشارلس جونسون 1960-1962م خطاباً بمناسبة افتتاحه لدورة المجلس التشريعي العدني وقد أعلن رسمياً أن سياسية بريطانيا تهدف إلى الجمع بين عدن والإمارات الجنوبية وبعد انضمام عدن للاتحاد تم تغيير اسم حاكم عدن البريطاني إلى اسم المندوب السامي وفيما يتعلق بكل مهامه في عدن والاتحاد لن يؤثر تغيير الاسم على سلطاته بأي حال من الأحوال. ونعود الآن إلى نصوص تلك الرسائل التي تعد من الوثائق التاريخية الهامة في قراءة مشروع اتحاد الجنوب العربي.

الملحق "د"
مقترحات بشأن المسؤولية عن الأمن الداخلي في عدن

يجب أن يكون الأمن الداخلي عرضة وبدون المساس بسلطات الوالي بعد دخول عدن إلى الاتحاد مسؤولية اتحادية ويجب أن تكون الشروط التي ستعارض بموجبها تلك المسؤولية من قبل الحكومة الاتحادية في عدن عرضة على الدوام لاحتفاظ الوالي بالسلطات المذكورة أعلاه كما يلي :

1- يجب أن تحول سلطات الاتحاد في عدن إلى حكومة عدن بنفس الطريقة ونفس المدى اللذين منحت بموجبها الولايات في الاتحاد السلطات بشأن الأمن الداخلي بواسطة التحويل الاتحاد.

2- يجب أن تنقل شرطة عدن المسلحة إلى الاتحاد كما يجب أن يعتمد لها في الميزانية، الميزانية الاتحادية إلا أنها يجب ألا تكون معرضة للخدمة خارج عدن في الاتحاد.

3- يجب أن يحول المجلس الأعلى الاتحادي سلطاته بشأن شرطة عدن المسلحة إلى حكومة عدن نفس تحويل سلطاته إلى الولايات الاتحادية فيما يتعلق بالحرس الاتحادي الثاني ويجب ألا يستعيد هذه السلطات المخولة بدون موافقة الحاكم، كما يجب ألا يسعى المجلس الأعلى الاتحادي من خلال مدة سنتين من تاريخ دخول عدن إلى الاتحاد للحصول على موافقة الحاكم لاستعادة تلك السلطات.

4- ستظل شرطة عدن المدنية من مسؤوليات عدن ويجب أن يعتمد لها في ميزانية عدن ويجب ألا تكون معرضة للعمل خارج عدن إلا أنه يجب إعادة النظر بعد الانتهاء فترة ثلاث سنوات من تاريخ دخول عدن إلى الاتحاد في مسألة ما إذا كان يجب أن تظل شرطة عدن المدنية من مسؤولية عدن أو تنقل إلى الاتحاد وبالتالي يجب أيضاً إعادة النظر في موضع قوات الشرطة المدنية التابعة للولايات ككل.

الملحق "ب"
مقترحات لتعديل دستور الاتحاد وتطبيقه في عدن

1- تتضمن هذه المذكرة خلاصة للمقترحات الرئيسية من أجل تعديل دستور اتحاد الجنوب العربي فيما يتعلق بانضمام عدن إلى الاتحاد.

2- ستجرى التعديلات في دستور الاتحاد بواسطة قانون اتحادي وسيعطي الدستور فعالية في عدن بواسطة أمر صاحبة الجلالة في المجلس عرضة للنصوص الخصوصية الواردة في الفقرة 35.

3- سيكون انضمام عدن إلى اتحاد الجنوب العربي موضوع معاهدة بين حكومة صاحبة الجلالة وحكومة الاتحاد وتتضمن هذه المعاهدة شروطاً عمومية معنية بشأن انضمام عدن وليتسنى الاعتراف بهذه الترتيبات بانضمام عدن يتحتم أن يتضمن القانون المعدل للدستور من أجل انضمام عدن على مقدمة تشير إلى المعاهدة انضمام عدن.

4- يحتوي الدستور الحالي على اجراءات لانضمام ولايات عضوة جديدة ليست مناسبة لانضمام جزء من أقاليم صاحبة الجلالة وعليه يجب تعديل الدستور لينص بصورة مباشرة على أن تكون عدن عضواً في الاتحاد وعليه لن تغير اجراءات الانضمام الحالية ولسوف يوضح أيضاً أن الدستور عند تطبيقه في عدن كان عرضة لنصوص خصوصية ينص عليها الأمر في المجلس المشار إليه في الفقرة 12 أعلاه.

تشكيل المجلس الأعلى 5: يجب تعديل الدستور كما يلي : (أ) يجب أن تمنح كل ولاية في الاتحاد فيما لو رغبت في ذلك وظائف وزارية في المجلس الأعلى بنسبة واحدة لكل سنة من الأعضاء الممثلين للولاية في المجلس الاتحادي وعرضة لذلك يجب أن يستمر تحديد عدد الوزراء بمقتضى قانون اتحادي.

(ب) يجب أن يكون عدد أعضاء المجلس الأعلى الذين يمكن أن يعينهم الوزراء بموافقة المجلس الاتحادي محدداً بثلاثة.

(ج) يجب أن يكون الوزراء عند تعيين أعضاء المجلس الأعلى مخولين بسلطة فرض شروط على التعيين ويجب أن يكون المجلس الاتحادي عند موافقته على التعيين مخولاً بسلطة المصادقة على أو تعديل هذه الشروط.

التمثيل في المجلس الاتحادي 7: يجب تعديل الدستور لينص على تمثيل عدن بأربعة وعشرين عضواً في المجلس الاتحادي ويجب أن تظل العضوية الحالية للولايات الأخرى دون تغيير.

نصاب المجلس الاتحادي 8: يجب تعديل الدستور لينص على أن يشكل نصف عدد كافة أعضاء المجلس النصاب القانوني للمجلس بدلاً من النصاب الحالي بثلثين.

امتيازات المجلس الاتحادي 9: يجب تخويل المجلس بسلطة سن القوانين لضمان حصانته وامتيازاته.

عرض مشاريع القوانين 10: لا يجوز بمقتضى الدستور الحالي عرض مشاريع القوانين على المجلس الاتحادي إلا من قبل المجلس الأعلى.

11- يجب تعديل الدستور لتمكين أي عضو في المجلس الاتحادي من عرض مسودة قوانين على المجلس عرضة للشروط التالية :

(أ) حظرعرض مسودة قوانين حول مسائل خارجة عن نطاق اختصاص الاتحاد أو متعارضة مع التزامات معاهدة الاتحاد أو قانون حقوق الإنسان الأساسية المبنية في دستور أي ولاية.

(ب) عدم عرض مسودة قوانين لتعديل الدستور أو لغرض الضرائب أو مصروفات من الايرادات الاتحادية بدون موافقة المجلس الأعلى.

حكومة الاتحاد
يقول الأستاذ صلاح البكري في كتابه اتحاد الجنوب العربي الصادر في عام 1965م :"بعد انضمام مشيخة العقارب إلى حكومة الاتحاد استأجرت الحكومة منها الأرض المقامة عليها اليوم مدينة الاتحاد بموجب عقد مشترك مؤرخ في 30 آذار (مارس) 1959/ وقد كلفت الحكومة شركة ويلسون ميسون وضع تخطيط شامل لتلك الأرض التي تبلغ مساحتها 2360.7 فداناً، أو حوالي أربعة أميال مربعة وقسم ذلك التخطيط كالآتي :

1- المنطقة السكنية.

2- المنطقة التجارية.

3- المنطقة الصناعية.

وتقع مدينة الاتحاد على الحدود الشمالية لمدينة عدن بالقرب من الحسوة وعلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى عدن الصغرى وقد اختير هذا المكان بالذات لتكون العاصمة على اتصال مباشر لعدن وأبرمت وزارة الداخلية في اليوم السابع عشر من آب (أغسطس) 1959م أول اتفاقية لتشييد أولى البنايات في مدينة الاتحاد مع المقاول السيد محمد عثمان وعشرة منازل لكبار الموظفين بناء سكرتارية الاتحاد وعشرة منازل لكبار الموظفين وصغارهم".

هذه محاولة لمعرفة وقراءة مرحلة من تاريخ عدن والجنوب العربي والاقتراب من الرؤية البريطانية في العمل السياسي وفتح باب الاستشراف من هذا الاتجاه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى