الهجمات على المدنيين تفرض العزلة على بعض "الجهاديين"

> لندن «الأيام» رويترز :

>
دروية للجيش الامريكي
دروية للجيش الامريكي
من بغداد إلى بالي تحدث الهجمات الانتحارية التي تستهدف المدنيين انقساما بين منظري الجهاد الذين يخشى بعضهم أن تفضي الهجمات الى عزل "الجهاديين" حتى عن المسلمين الذين تعاطفوا من قبل مع المتشددين.

وأدت مواقف متشددين مثل ابو مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة في العراق الذي أعلن حربا شاملة على الشيعة وقتل عراقيين مدنيين باسم الجهاد الى استياء حتى لدى بعض رجال الدين الذين كانوا مؤيدين لهم.

ويؤيد معظم الجهاديين الهجمات الانتحارية على القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق. ولكن بالنسبة للبعض فإن تأييد الهجمات التي تستهدف العراقيين المتعاونين مع القوات الاجنبية والحكومة العراقية ليس أمرا مفروغا منه.

ولدى البعض الاخر شكوك عميقة بالنسبة للهجمات التي تستهدف المدنيين في العراق وخارجه.

وقال منتصر الزيات الذي مثل الاسلاميين المتشدد في عدة قضايا "ممكن حدوث انقسام بحسب نوع العملية."

وأضاف "في فلسطين والعراق لا خلاف على العمليات الاستشهادية,وخارج هاتين الجبهتين عليها خلاف.

"في العراق هناك حرب وبلد محتل. هناك كر وفر بين عراقيين وسلطات الاحتلال,وهنا تثور شبهات كثيرة تتعلق بالموقف من سلطات الاحتلال والمتعاونين مع سلطات الاحتلال."

وقال الزيات "حين تتعلق العمليات الاستشهادية بمدنيين أيا كانت جنسياتهم يمكن أن تسبب انقساما كبيرا أو قل إنها لا تحظى بقبول الأغلبية في الجماعات الاسلامية والجهادية."

ولا يوجد جدل كهذا بين الجهاديين في مختلف انحاء العالم فيما يتصل بالهجمات الانتحارية الفلسطينية ضد مدنيين اسرائيليين.

قال كمال حبيب الخبير المصري في شؤون الحركات الاسلامية "في فلسطين هناك اجماع تقريبا على أن المشروع الصهيوني مشروع عسكري وأن كل المدنيين الاسرائيليين هم عسكريون بصورة أو بأخرى. وبالتالي لا يوجد انقسام في الرأي حول العمليات الاستشهادية. هذه العمليات لا تحدث انقساما يذكر داخل الحركات الاسلامية أو حتى بين عموم الناس."

وارتفعت في الاشهر الاخيرة أصوات بعض رجال الدين الجهاديين لتدين من يحتمل أنهم انطلقوا أصلا من الأفكار الجهادية لرجال الدين هؤلاء. وقوبلت تلك الاصوات بانتقاد حاد من الجناح الاكثر تشددا من رجال الدين.

وأدان رجل الدين الاندونيسي السجين أبو بكر باعشير التفجيرات الانتحارية التي وقعت في جزيرة بالي يوم السبت. وقال باعشير المعتقد أنه الزعيم الروحي لشبكة الجماعة الاسلامية التي ربط كثيرون بينها وبين القاعدة في بيان "يؤسفني ضرب الضحايا الذين لا يكادون يعرفون عن الأمر شيئا وخاصة المسلمين."

ويقول محققون اندونيسيون انهم يشتبهون في أن الجماعة الاسلامية مسؤولة عن التفجيرات التي سقط فيها 22 قتيلا. وباعشير مسجون بتهمة التآمر لتنفيذ التفجيرات التي وقعت في نواد ليلية في بالي في عام 2002.

جنود امريكيين انتشروا في احد المداخل
جنود امريكيين انتشروا في احد المداخل
وبعد يومين من تفجيرات لندن في السابع من يوليو تموز وصف فقيه جهادي سوري بارز مقيم في لندن واسمه أبو بصير الطرطوسي الهجمات التي قتل فيها 52 شخصا بأنها "عمل مشين ومخز لا رجولة فيه ولا شجاعة ولا أخلاق."

واثار تأكيده أنه لا مكان في الاسلام لما سماه "الجزاء من جنس العمل" هجوما مضادا من فقيه اصدر كتيبا لا يحمل اسما دفع فيه بأن الغرب قتل الألوف من المدنيين المسلمين ومن ثم يحل للمسلمين قتل المدنيين الغربيين.

وشن منظر اسلامي آخر هو ابو محمد المقدسي هجوما على الزرقاوي متهما إياه بأنه يشوه صورة الجهاد رغم أن الزرقاوي كان قد تأثر أصلا بأفكار المقدسي عندما كان الاثنان في سجن في الأردن في التسعينيات.

وانتقد المقدسي الزرقاوي في يوليو تموز بسبب اعمال العنف التي لا تميز بين المدنيين والقوات الامريكية والتي استهدفت مساجد ومقدسات للشيعة وكنائس.

وقال المقدسي وهو أردني من اصل فلسطيني وقابل الزرقاوي للمرة الاولى في أفغانستان في 1991 "مثل هذا العمل في العراق أو اي بلد مسلم آخر يشوه صورة الجهاد المقدس. ويجب على المجاهدين ألا يوجهوا حروبهم ومتفجراتهم الى المسلمين."

وتجاهل الزرقاوي وهو أيضا أردني نصيحة المقدسي وضاعف هجماته على المدنيين العراقيين وقوات الامن.

ولكن في المملكة العربية السعودية يبدو أن المتشددين لم يواصلوا أعمالهم بالاسلوب ذاته بعد الرفض واسع النطاق الذي أثارته هجمات القاعدة الانتحارية على مجمعات سكنية في الرياض في مايو ايار ونوفمبر تشرين الثاني 2003 والتي كان كثير من ضحاياها مسلمين.

فكثير من رجال الدين السعوديين الذين كانوا يعتبرون مقربين الى الجهاديين يدينون الآن العنف سواء استهدف مدنيين مسلمين أو غير مسلمين.

وكتب الشيخ سلمان العودة في موقعه على الانترنت أن الاسلام يحرم استهداف الابرياء حتى في حال وجود حرب بين المسلمين والكفار. واضاف أن الكفر لا يبرر قتل الكافر.

وقال بيرنارد هيكل وهو استاذ أمريكي لبناني الاصل في جامعة نيويورك ان ابحاثه تبين أن الهجمات الانتحارية تجعل كثيرا من المسلمين حتى السلفيين ينقلبون على الجهاديين.

وكتب هيكل في دراسة للمعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن "لا يشكل السلفيون جماعة دينية متجانسة بل هم منقسمون بشأن قضايا سياسية وقضايا تتصل بالعمل الجهادي. وليس جميع السلفيين مؤيدين لجهاد القاعدة المتشدد,وأغلبهم يلزمون الصمت بشأن القضايا السياسية."

ويقول هيكل إن بعض زعماء القاعدة حثوا الجهاديين على أن يقللوا من تركيزهم على العراق حيث كان أغلب الضحايا من الشيعة وليس الامريكيين وأن يركزوا بدلا من ذلك على شن هجمات مثيرة على الغرب على غرار هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة.

وقال عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي ومقرها لندن انه رغم اعتراف اسامة بن لادن بالزرقاوي ممثلا للقاعدة في العراق فإن ابن لادن قد لا تكون له سيطرة واضحة على الزرقاوي.

واضاف عطوان "عندما أصدر بن لادن في 1998 فتواه بقتل الصليبيين واليهود كانت هناك اعتراضات حتى داخل القاعدة من جانب البعض الذين قالوا..ما هذا.. لا يمكن لنا أن نقتل الجميع."

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى