مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول القريب المجيب سبحانه في الآية 186 من سورة البقرة :{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.

من الملاحظ أن هذه الآية الحبيبة تأتي وسط الآيات التي تحدثت عن الصيام وكأن في ذلك بشارة للصائمين توحي بأن دعاءهم مستجاب .. ومما يؤكد ذلك الأحاديث الجمة الوفيرة التي أكدت أن دعاء الصائم مستجاب، فقد قال صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة لا ترد لهم دعوة : الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم» رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي.

إن إقبالنا على الله القريب المجيب في هذا الشهر المبارك الحبيب بصنوف الطاعات ومختلف العبادات: صياماً وصلاة وصدقة وزكاة وخشوعاً وخضوعاً ودعاء وابتهالاً .. كل ذلك يصور يقيننا الراسخ الثابت بالله إلهاً ورباً وخالقاًً ومالكاً ومعطياً ووهاباً .. والذي يطلب من ربه كل حاجاته ويذكره ويدعوه في كل أوقاته هو مؤمن راسخ الإيمان، حسن المعرفة بالله .. وثيق الصلة بمولاه وهذا كله دليل على عمق التوحيد لله وحده لا شريك له.

ولأهمية الدعاء وفضله ينادينا ربنا كل ليلة يبحث عنا وكأنه يفتقد ابتهالاتنا الخاشعة وأدعيتنا الصادعة ويدعونا لندعوه فيقول: أنا الملك .. أنا الملك .. من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فاغفر له .. ونبينا الأعظم [ يؤكد لنا استجابة الله دعاء من يدعوه فيقول : «إن الله يستحي إذا رفع الرجل يديه أن يردهما صفراً خائبتين» رواه أبو داؤود والترمذي وحسنه.. والدعاء قُربة- بضم القاف- عظمى تزكو بها النفس والروح لأنه استجابة لدعوة الله إذ دعا عباده إليه وحثهم على المثول بين يديه فقال- في الحديث القدسي : «يا عبادي .. كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي .. كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم .. ياعبادي.. كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم .. يا عبادي .. إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفرلكم .. ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته مانقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ..» رواه مسلم .. يقول خالد محمد خالد - رحمه الله- في كتابه (كما تحدث الرسول صفخة 248) معلقا على هذا الحديث القدسي: «إن الله يقرع أبوابنا .. أجل هو لا نحن .. هو الكبير المتعال ينادينا كي نسأله ويدعونا أن ندعوه ويفتح لنا أبواب رحمته وفضله بغير حساب، وبهذا الحنان الغامر من ذي الجلال والإكرام تعثر علاقتنا بالله على شربها العذب المورد .. فهنا الرجاء الذي لا منتهى له في رحمة الله وعطائه وهنا اليقين لكل صاحب يقين بقبول ضراعته واستجابة دعائه .. إن مزية الدعاء الأول أنه يجعل علاقتنا بالله سبحانه في حركة ربانية مستمرة وفي تبادل خفي بين الله وعبده».

وفي كتاب (المدرسة الرمضانية والموائد الإيمانية للداعية أبي بكر بن أحمد الهدار .. فصل نفيس قيم ومحاور طيبة جيدة تناولت الآيات والأحاديث وأقول السلف حول الدعاء ثم آداب الدعاء وأركانه وأوقات الإجابة وأماكن الإجابة وعلامات استجابة الدعاء .. اللهم استجب دعاءنا ولا تخيب رجاءنا وأرحم أمهاتنا وآباءنا وثبت على التوحيد رجالنا ونساءنا وأبناءنا..آمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى