يحيى محمد فضل لـ «الأيام»:نعم..أغنية (صدفة) ليست لأيوب طارش

> «الأيام» مختار مقطري:

> هذا حوار آثرت تقديمه للقارئ الكريم بشكل مختلف لأني أجريته مع فنان شامل، رأسماله فنه وتواضعه، وتاريخه حافل بالإنجازات الفنية الكبيرة منذ بدايته مطلع الستينات من القرن الماضي .. مع الشاعر والملحن والعازف ومدرس الموسيقى الفنان يحيى محمد فضل، أجريت هذا الحوار.

في قبيلة (العقارب) العريقة وفي أسرة مشيختها، التي تناقلت جيلاً بعد جيل، الحكمة والسداد في الرأي والموقف برجاحة العقل ونبل الخلق و صدق العزم والقول والنية، وفي ظل سلطنة لحج العبدلية التي رفدتها بمؤثرات وازنت بين القديم والجديد ونزعت الى الإصلاح والتحديث في مجالات مختلفة فارقفى الأدب والفن، مما مكن المشيخة من المحافظة على كيانها ووجودها كوحدة اجتماعية تاريخية واحدة حتى في ظل ظروف سياسية ألغت نظام المشيخة والمشايخ من قاموسها وفشلت في إلغائه من الوجود.

وفي محيط أسري وادع ومحب للإبداع نشأ فناننا القدير يحيى محمد فضل ، لكن موهبته الفنية والأدبية لم يرثها عن (المشيخة) كما يقول، مضيفاً أن الموهبة لا يمنحها رئيس أو وزير أو أمير بل هي هبة ونعمة من الله، وفي الخمسينات بدأت موهبته تعلن عن نفسها من خلال صوته العذب في مدرسة (بير أحمد) الابتدائية، ويأتي البرنامج الإذاعي (جولة الميكرفون) الشهير حينذاك في المدرسة ليتيح له الإعلامي الكبير الراحل حسين الصافي فرصة ليسمع الجمهور صوته العذب لأول مرة وهو يتلو القرآن الكريم عبر ميكرفون إذاعة عدن.

وتمضي سنوات قليلة ليكتشف الفتى أن موهبته تميل للتلحين أكثر من الغناء بعد فترة استماع متذوق لأساطين الموسيقى والطرب آنذاك من عدن ولحج تحديداً .. وتجاوزت اهتماماته التلحين وكتابة الشعر لتشمل مجالات أخرى منها اهتمامه بتدريب المواهب الصغيرة على العزف على مختلف الآلات الموسيقية الوترية، ومنهم اليوم موسيقيون بارزون، وفي الستينات قام بتأسيس فرقة (بير أحمد) الموسيقية وضمت أسماء كبيرة من العازفين وعزفت لملحنين ومطربين كبار، ثم يلتحق هذا الفنان الدؤوب على الفن بالفرقة (العربية) للموسيقى عازفاً على آلة العود ويشارك معها في الحفلات التي كانت تحييها في الشطر الجنوبي سابقاً وفي مدينة تعز تحديداً من المحافظات الشمالية، فعزف لكبار المطربين في عدن وللمطربين من المحافظات الشمالية الوافدين إلى عدن حتى بداية الثمانينات لتعزف لهم فرق عدن الموسيقية لعدم وجود نظير لها هناك.

ويمضي الحوار مع الفنان القدير يحيى محمد فضل، لأعرف منه أنه في السبعينات التحق بالفرقة الموسيقية التابعة لمكتب الثقافة بعدن حينها، فهي واحدة من فرقتين ضمت كبار العازفين، وارتقى مستواها في العزف إلى مستوى لم تصل إليه فرقة أخرى على مستوى اليمن والجزيرة والخليج، وفي هذه الفرقة تعلم النوتة على يد أساتذة كبار في الموسيقى، وكان أحد آعضاء لجنة القبول في معهد جميل غانم للفنون الجميلة عند افتتاحه في السبعينيات، واستمر يقدم ألحانه لمطربين كبار وفرق الإنشاد والمواهب الشابة، كما لحن الأوبريت. ولحن للفنانين مثل فيصل علوي وكرامة مرسال وحسن المهنى وعبود الخواجة وبشير ناصر وكفى عراقي ومنى همشري وزين الراجل وإيمان ابراهيم وفضل مسعود وفؤاد الكبسي وغيرهم، ومحمد صالح حمدون الذي شكل معه ثنائيا فنيا بعد عودته للغناء في السبعينيات، كما لحن من كلمات صالح نصيب، محمود السلامي، سالم علي حجيري، أحمد بومهدي، د. محمد عبود العمودي، احمد سعيد الدبا، أحمد سيف ثابت، أحمد صالح عيسى، عبدالله الشريف، محمد الدرزي وعمر باسعد من تريم وغيرهم.

لكنه لم يهمل رسالته الفنية في تدريب المواهب على العزف والغناء وفي تأسيس الفرق الموسيقية، ففي عام 1995م قام بتأسيس فرقة (الغدير) الموسيقية بمدينة البريقة التي قدمت إلى اليوم نحو (100) أغنية وعمل فني، ومعظم عازفيها فنانون مؤهلون منذ عام 1980م تقريباً وحاصلون على شهادات فنية من فنانين كبار يمنيين وعرب، كما توج مشواره في تدريب المواهب الصغيرة والشابة أصول العزف على آلة العود ودروسا في علم الأنغام والأصوات بفوز ثلاثة من تلامذته بميداليات ذهبية في مهرجانات عربية وهم نصر دحمان (المركز الثاني) في مهرجان جامعة الدول العربية، عماد السلامي (المركز الأول) في مهرجان الرواد العرب في القاهرة عا م 1999م ورمزي محمد حسين (المركز الأول) وميداليتان ذهبيتان في المهرجان ذاته.

كما شارك الفنان يحيى محمد فضل في عدة مهرجانات موسيقية في الجزائر وليبيا وسوريا. وله آراء قيمة في الفن والساحة الفنية، فهو يرى أن (المخادر) أصبحت مجالاً رحباً لأنصاف المواهب الذين يقلدون ولا يبدعون، وللأسف فإن تقليدهم للغناء الأصيل وإبداعات الكبار تقليد مشوه، ورغم اهتمام فخامة رئيس الجمهورية بالمبدعين من خلال جائزة رئيس الجمهورية السنوية للإبداع إلا أن الإبداع الحقيقي أصبح مرفوضاً من قبل أجهزة الإعلام، وصار توثيق أغنية جميلة في القناة الثانية من رابع المستحيلات بحجة عدم توفر الميزانية، أما الإبداع غير الحقيقي فهو المرحب به، ولكن أيضا مقابل تنازلات وامتهان كرامة الفنان بالسفر إلى صنعاء للحصول على الميزانية، وهذا ليس من مهام الفنان، ولكنه يدعو المبدعين الشباب إلى التخلص من شعورهم بالإحباط، فالفنان الحقيقي هو من يصبر على المعاناة ويتحدى الصعاب واثقاً من فنه وموهبته.

وعن النقد قال الفنان يحيى محمد فضل إنه يهتم بالنقد الذي يوجهه ويوضح له خطأه مهما كان قاسياً، ويكره المديح المبالغ فيه، وعند هذه النقطة جرنا الحديث إلى مقال نشرته صحيفة «الثقافية» الصادرة بتاريخ 18/8، لكاتبه زكريا الكمالي تحت عنوان (فن بلا أدب) وهو تعقيب على ما ورد في حوار أجرته «22 مايو» مع يحيى محمد فضل، قال فيه إن أغنية (صدفة من الصبح) من ألحانه وليست من ألحان أيوب طارش، وفي رأيي أن المقال تجاوز التعقيب إلى حد السخرية والشتم المقذع والتحقير من قيمة هذا المبدع القدير، واصفاً إياه بـ (الملحم) وليس (الملحن) وواصفاً الحوار بأنه «الحوار الأصفر مع الفنان ذي الوجه الأصفر والأسنان الصفراء»، مما يدل على أن حب وإعجاب أبناء تعز لأيوب طارش بلغ حد التعصب وصار أيوب لديهم فوق النقد، كما يدل على أن بعض الصحف الصادرة في المحافظات الشمالية وبعض ممن يكتبون في الفن والأدب والإبداع عموماً على صفحاتها لا يعرفون كثيراً أو لا يعرفون شيئاً عن المبدعين الكبار والمقتدرين في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى، وربما كان تجاهلاً مقصوداً تمليه عليهم أهواؤهم السياسية أو المناطقية وربما جهلا لثقافتهم الفنية المحدودة، وأمامي حاول يحيى محمد فضل إخفاء ألمه، ففضحته عيناه، ثم قال:«لا يهمني ما جاء في المقال، ولكني أعجب كيف تسمح صحيفة اسمها «الثقافية» بنشر مقال كهذا لا يتسم بالموضوعية» وأضاف أنه يستغرب كذلك ما جاء في المقال على لسان أيوب طارش بأنه لا يعرفه ولم يسمع باسمه وهذا غير حقيقي، فقد التقى الاثنان منذ الستينات في كثير من المناسبات والحفلات، وفي عام 1967م زاره هو والشاعر الكبير صالح فقيه في بيته بتعز، وفي تلك الزيارات أسمعه لحن أغنيته (صدفة) وبعد سنوات قليلة سمعها من الإذاعة على أنها من ألحان أيوب طارش، فلم يفكر في الاعتراض لأن لحن الأغنية، كما قال، لحن عادي المستوى وأنه قدم ومازال يقدم ألحانا أكبر وأجمل منه، ولذلك لم يشأ حينها أن يدخل في خلاف مع فنان زميل له، الا أنه وبعد نشر صحيفة «الثقافية» لمقال سيء و(غير مؤدب) مضموناً وألفاظاً وعنواناً (يجهل) صاحبه أو (يتجاهل) تاريخه الفني وإسهاماته الفنية خلال مشوار طويل مع المعاناة والصبر والكفاح، يمكن اعتبار تصريحه في «22 مايو» تصريحاً تأخر نشره.

وكم أخشى لو أن هناك عددا غير قليل من التصريحات تأخر نشرها ..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى