يوم من الأيــام..غلاء الأسعار

> د. سمير عبدالرحمن الشميري:

>
د. سمير عبدالرحمن الشميري
د. سمير عبدالرحمن الشميري
رمضان شهر صيام وعبادات وتبتل ورحمة وصدقة، شهر تلاوة القرآن وطاعة وفضيلة، شهر مكارم وأخلاق كريمة يسمو فيه الإنسان عن الزلل والآثام، ويتجنب خسة الأخلاق ولؤم الطباع، ويتقرب فيه الإنسان إلى المولى عز وجل بأعماله الحسنة يرجو المغفرة والرحمة والرضوان.

فشهر رمضان {الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه} البقرة 185.

فهذا الشهر الفضيل لا يحتمل مطلقاً أساليب الغش والمكر والقسوة ومسالك التخابث، فأصحاب القلوب الخاشعة والمؤمنة والصالحة ينهجون منهجاً خالياً من الفسق والآثام حتى في أحلك الظروف، ويقمعون الشهوات والغرائز الخبيثة وصنوف الموبقات والمعاصي، ويبذلون الهمة لإصلاح الحال.

وما يدعو للأسف في هذا الشهر الكريم أن زمراً من الناس تنبت لهم أظفار يخدشون بها عزة وكرامة الصائم، فيرفعون أسعار البضائع والمواد الغذائية والخدمات من دون رحمة ولا شفقة، وفي حالات غير قليلة يسرفون في غيهم بوسائل جانحة عن جادة الصواب. ففي شهر رمضان تنهال مطارق على رؤوس الصائمين منها الغلاء الفاحش. فثمة أناس مولعون بمص دماء الصائمين، لا يخافون الله، ولا تردعهم القوانين، ولا تهذبهم الأخلاق، ولا يهزهم صوت الضمير المعذب.

فنسمع في الأسواق صراخ المستضعفين الذين يكابدون ذل الحاجة ولدغة الفقر، نسمع رنة ألم المواطنين الذين لا سند ولا عضد لهم، بحيث صارت الأوجاع مفردة من مفردات حياتهم اليومية، ففي شهر رمضان نرى جياعاً ينبشون المزابل، ونسمع جوعاً يأكل أحشاء الفقراء، وغلاء يعمي الأبصار.

قال رسول الله [ : «من احتكر على المسلمين طعامهم وقت حاجتهم إليه ضربه الله بالجذام والإفلاس»، وقال أيضاً: «لو صليتم حتى كنتم كالحنايا وصمتم حتى كنتم كالوتر لن تدخلوا الجنة إلا بسلامة الصدور وسخاوة النفوس».

فلماذا ترتفع الأسعار في شهر رمضان الكريم؟.. ولماذا تقسو القلوب وتطحن العربات بطون البؤساء وتشتعل نيران الأسعار؟.. ولماذا يفهم البعض الحرية بطريقة سمجة وشوهاء، فيقدمون على رفع الأسعار من دون مبررات مستغلين فضيحة الصمت على المعائب من قبل أجهزة الضبط؟

فلا بد من حماية الفقراء وذوي الدخل المحدود ومساعدة المحتاجين، ولا بد من كبح جماح الجشع والتهور وفساد الضمائر التي تسرف في تطاولها ولا تحسب حساباً للجائعين والمطحونين الذين يتضورون جوعاً ويموتون كمداً ومرارة، وقد يقدم البعض منهم على فعال غير حميدة بعيدة عن الكرامة والعفاف.

إن رفع الأسعار تبعاً للأمزجة والأهواء يشيع الفوضى والهلهلة في المجتمع، فالفوضى حسب تعبير عالم الاجتماع العربي عبدالرحمن بن خلدون (1332م- 1406م): «مهلكة للبشر مفسدة للعمران».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى