تفجير يسلط الضوء على دولة تنشط في الظل بتركيا

> أنقرة «الأيام» جاريث جونز:

> سلط انفجار ادعي أنه نفذ على ايدي أجهزة الامن الضوء على دولة تنشط في الظل في تركيا واثار تساؤلات حول ما اذا كانت الاصلاحات الليبرالية التي اجرتها البلاد بهدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قد روضتها بالفعل.

وتتشكل "دولة العمق" تلك من افراد تابعين لمؤسسات الجيش والأمن والقضاء ملتزمين بفكر قومي متشدد متعلق بالدولة وهم مستعدون عند الضرورة الى صد أو حتى الإطاحة بحكومة لا تشاركهم رؤيتهم.

وابلغ سميح ايديز المعلق بمحطة (سي ان ان التركية) التلفزيونية الاخبارية الخاصة رويترز "انهم يعتقدون أنهم يتصرفون نيابة عن الأمة وعن الدولة وبالتالي فربما يكونون مستعدين في بعض الأوقات لتجاهل القانون." وبدأت انقرة محادثات انضمامها لعضوية الاتحاد الاوروبي الشهر الماضي بعد سلسلة من الإصلاحات شملت سيطرة مدنية أوسع على القوات المسلحة بعد أربعة انقلابات عسكرية خلال 40 عاما. وفي آخر تدخل لهم في عام 1997 أطاح العسكريون بحكومة اسلامية اعتبروها تمثل تهديدا لعلمانية الدولة التركية.

واعاد اعتقال ثلاثة من أفراد الامن عقب تفجير مكتبة في التاسع من نوفمبر الجاري في بلدة سيمدينلي بجنوب شرق تركيا المضطرب الذي تسكنه أغلبية كردية ظهور الشكوك مجددا حول ان "دولة عمق" لا تزال قائمة وفاعلة.

وعندما أطلق الادعاء سراح اثنين منهم ازدادت الشكوك بعدما وصف يسار بويوكانيت قائد القوات البرية التركية أحدهم بانه "جندي رائع".

وتعليقا على التفجير قال الرئيس التركي السابق سليمان ديميريل لتلفزيون (إن تي في)"هناك دولتان (في تركيا)." واوضح أنه يعتقد ان تركيا لم تتغير كثيرا.

وأضاف "هناك الدولة وهناك دولة العمق... عندما تحدث مشكلة صغيرة.. تتراجع الدولة المدنية وتصبح دولة العمق هي الصانع (للقرارات)." ورغم عدم وجود أدلة توحي بتورط مسؤولين عسكريين كبار في تفجير سيمدينلي الا أن دبلوماسيين ومحللين يقولون ان قدرة الحكومة على تقديم المفجرين للعدالة سوف تظهر مدى انفصال تركيا عن "دولة العمق" وتحولها الى مجتمع أكثر انفتاحا وشفافية.

وقال ايديز "هذا اختبار حاسم لتركيا... بسبب ترشيحنا لعضوية الاتحاد الاوروبي." وقالت المفوضية الاوروبية في أحدث تقرير لها حول التقدم الذي احرزته تركيا في معايير الانضمام للاتحاد الاوروبي انه ينبغي على أنقرة أن تبذل المزيد للسيطرة على الجيش والقضاء على التعذيب ودعم الحقوق الثقافية للأكراد.

وأمرت الحكومة بتحقيق برلماني شامل في حادث سيمدينلي وحثت العامة على التزام الهدوء. وتشعر الحكومة بقلق واضح ازاء ادعاءات بان افرادا من قوى الامن ربما يقومون بتنفيذ القانون بأنفسهم. لكن السكان المحليين الغاضبين والذين يخشون من التعتيم يشتبكون بصفة يومية مع الشرطة في سيمدينلي وغيرها من البلدات في الجنوب الشرقي الفقير ويهتفون بشعارات مؤيدة للمتمردين الاكراد. وقتل عدة أشخاص واصيب كثيرون في الاحتجاجات.

وقال أحد الدبلوماسيين "سيمدينلي تقع بالطبع في الجنوب الشرقي قرب العراق.. لذا فهناك القضية الكردية أيضا التي ينبغي التباحث بشأنها. دولة العمق أكثر وضوحا في تلك المنطقة بسبب انعدام القانون وصعوبة مراقبة انقرة لها." وتخوض قوات الأمن التركية حملة مسلحة يقوم بها حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد منذ عام 1984. وتصاعد العنف مؤخرا عقب انهاء حزب العمال الكردستاني وقفا من جانب واحد لاطلاق النار. وبلغ العنف أشده في الثمانينات والتسعينات.

وشكا قادة كبار بالجيش من أن الحكومة خلال جهودها لجعل تركيا متماشية مع معايير الاتحاد الاوروبي منعتهم من اتخاذ اجراءات صارمة بشكل أكثر فاعلية ضد الحزب.

ورأت بعض وسائل الاعلام التركية ان افرادا في "دولة العمق" يحاولون اثارة الاضطرابات بهدف اطلاق ايديهم بشكل أكثر حرية في جنوب شرق البلاد. فيما يرى آخرون ضلوع حزب العمال فقط في تفجيرات سيمدينلي وغيرها من التفجيرات الكثيرة التي تحدث في المنطقة.

ومما زاد الموقف تعقيدا ان المؤسسة العسكرية لا تثق على الاطلاق في رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه بسبب جذورهما المرتبطة بالإسلام السياسي.

وقال وليام هال الخبير المتمرس في الشؤون التركية في مدرسة الدراسات الشرقية والافريقية في لندن ان واقعة سيمدينلي تستدعي الى الذاكرة فضيحة حدثت في عام 1996 والتي اندلعت عقب تعرض سيارة تقل مسؤولا كبيرا بالشرطة وعضوا بارزا بعصابة اجرامية لحادث تصادم في غرب تركيا.

واضاف ان هذا التصادم اشار الى صلات غير واضحة بين سياسيين والشرطة والجيش والعصابات الإجرامية لكن التحقيقات انتهت الى لا شيء بسبب ضعف الارادة السياسية.

وقال لرويترز "الفارق هو انه في ذلك الوقت كانت هناك حكومة لها سيطرة منقوصة (بسبب دولة العمق). اما الآن.. فلا توجد أعذار امام الحكومة. فحزب العدالة والتنمية هو حزب يضم خارجيين مناهضين لدولة العمق.. بل انهم مناهضون للدولة في بعض التوجهات" وذلك في اشارة الى التوجهات الإسلامية للحكومة.

واضاف "اردوغان بحاجة الى أن يظهر للاتحـاد الأوروبي أن الأمور تغيرت."رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى