بمناسبة انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات - الدورة الثانية، تونس 16-18 نوفمبر 2005م

> «الأيام» د. يحيى محمد الريوي:

>
د. يحيى محمد الريوي
د. يحيى محمد الريوي
اليمن..والتحول نحو مجتمع المعلومات..عُرف القرن الماضي بالقرن الصناعي، الذي صنفت فيه البلدان وفقاً لمستويات التصنيع فيها. وقد شهدت نهاية ذلك القرن ولادة مجتمع جديد نتيجة للدور الحيوي والأهمية التي أصبحت تكتسبها المعلومات في حياة الأفراد والمجتمعات في كونها عنصرا لا غنى عنه في أي نشاط تمارسه وتحولها كذلك الى مورد حيوي استراتيجي، وباعتبارها أيضاً المادة الخام للبحوث العلمية، كما أنه لم يعد بالإمكان الحديث عن المنافسة والإدارة الناجحة واتخاذ القرارات الصائبة دون الاستناد على المعلومات الصحيحة والدقيقة وفي الوقت المناسب. وبالتالي فقد أصبح من يمتلك المعلومات يملك عناصر النجاح والقوة في عالم يستند على العلم والمعرفة في شتى المجالات ولا يصح فيه الارتجال والعشوائية. وما ساعد على تلك الولادة أيضاً التطور المذهل والتزواج الذي شهدته تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .(Information & Communication Technologies)

وإدراكاً لأهمية المعلومات الموضحة ولتكنولوجياتها فقد أطلق على المجتمع العالمي في حقبة تطوره التاريخية الحالية مجتمع المعلومات (Information Society). كما تعددت التسميات التي تطلق عليه فمنها المجتمع ما بعد الصناعي، مجتمع المعرفة، المجتمع الرقمي وغيرها. وتمثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأداة الأساسية له، مقارنة مع ما مثلته الآلات الصناعية سابقاً كمحرك فعلي للثورة الصناعية.

والمقصود بمجتمع المعلومات أنه شكل أرقى للمجتمع في سياق تطوره الاقتصادي ، الاجتماعي، والسياسي والثقافي..الخ، يعتمد على المعلومات ويتعامل معها ومع تكنولوجياتها بأسلوب مستمر ومتطور وفعال ويتيح لكل الأفراد إمكانية الوصول والنفاذ إلى مصادر المعرفة والمعلومات والخدمات وتتساوى فيه فرص الانتفاع بمزايا أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ولشبكة الإنترنت وتطبيقاتها دور أساسي في مجتمع المعلومات، حيث تتوفر على الشبكة اليوم العديد من قواعد المعلومات في مجالات الحياة المختلفة: العلمية والثقافية والاقتصادية والمالية والسياسية والصحية والتعليمية إضافة إلى ذلك انتشرت العديد من التطبيقات انتشاراً واسعاً وأصبحت ذات أهمية خاصة في المجالات الحيوية، مثل التعليم الإلكتروني، والخدمات الصحية الإلكترونية، والأعمال والتجارة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية ..الخ.

ونتيجة للتفاوت الكبير بين الأفراد والأسر والأعمال والمناطق الجغرافية وعلى مستوى الدول أيضاً في توفر وامتلاك وسائل وأدوات تقنيات المعلومات والاتصال واستخدام الإنترنت في الأنشطة المختلفة ظهرت ما يسمى بالفجوة الرقمية.

إن التغير السريع في المجتمع الدولي وظهور فجوة رقمية بين المجتمعات المتقدمة تكنولوجيا والمجتمعات التقليدية النامية قد أدى بالضرورة وبناء على اقتراح عربي من دولة تونس الشقيقة الى عقد قمة عالمية حول مجتمع المعلومات، بهدف تقليص تلك الفجوة، وبناء مجتمع المعلومات على مبادئ مشتركة وضمن خطة عمل تطبقها الحكومات والمؤسسات الدولية وقطاعات المجتمع المدني كافة. بحيث تنعقد تلك القمة على مرحلتين، انعقدت الأولى في جنيف خلال ديسمبر 2003م وانعقدت المرحلة الثانية في تونس للفترة 16-18 من شهر نوفمبر الحالي.

وأبرز ظهور مجتمع المعلومات سؤالاً كبيراً وملحاً أمام الدول التي هي في تطورها واقعة في بدايات العصر الصناعي او ما دونه ومن ضمنها اليمن، هل بإمكانها اختزال الزمن والتحول نحو مجتمع المعلومات بنجاح؟

وللإجابة عن هذا السؤال يمكن القول ان التجارب المشابهة ولو جزئياً لوضعنا تدل على أن دولاً مثل ماليزيا والاردن كمثال تعتبر من المجتمعات الشرقية التي لم تواكب الثورة الصناعية وأثبتت انها قادرة على السير بنجاح في عملية التحول نحو مجتمع المعلومات. وفي هذا السياق ينبغي التأكيد على ان الركن الأساسي للانتقال الى مجتمع المعلومات يتمثل في بناء وتمكين القدرات البشرية اللازمة للمشاركة بفعالية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فالتحول نحو مجتمع المعلومات يبدأ من أدنى مكونات السلم التعليمي .. المدرسة الأساسية فالثانوية ووصولاًً الى الجامعة.. أي من التعليم.. التعليم الذي هو تعليم الجميع وليس تعليم النخب.

وعلى هذا الأساس فمن الأهمية بمكان التأكيد على ان عملية التحول نحو مجتمع المعلومات لا ينبغي النظر اليها بوصفها مشروعاً تكنولوجياً فحسب بقدر ما هي تغيير ثقافي ومؤسسي يمس كيان المجتمع، أي ان التكنولوجيا يجب النظر اليها كأحد عناصر التحول والتغيير الذي يتكامل مع العنصر البشري الموجود من حيث طريقة تفكيره وثقافته وأهليته لاستخدام وإدارة التكنولوجيا وايضاً مع بقية العناصر، وليس بوصفه العامل الحاسم.

وفي الجمهورية اليمنية تعود بدايات استخدام تكنولوجيا الحاسب الآلي الى الستينات من القرن الماضي وذلك في شركة مصافي عدن وتجلى الاهتمام بهذا المجال لاحقاً من خلال محاولة إنشاء بنك للمعلومات في الجهاز المركزي للإحصاء عام 1975م وفي إدخال واستخدام الحاسب الآلي في بعض الجهات. وخلال الفترة بين عامي 1975-1990 جرى استخدام الحاسبات في بعض المرافق إلا انه لم يتجاوز عددها في البلد مع مطلع التسعينات 1751 جهازاً من مختلف الأنواع. كما شهدت عدن ايضاً بدايات نشر التدريب المفتوح على استخدام وبرمجة الحاسوب وذلك بين مختلف شرائح المجتمع بشكل مبكر نسبياً وخاصة الشباب وتأسيس مركز وطني مخصص لذلك عام 1988م. أما بدايات استخدام الإنترنت فتعود إلى بداية النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي وتحديداً عام 1996م وذلك من قبل شركة .Tele Yemen

ويتضح تطور الاهتمام بالجانب المعلوماتي من خلال العديد من الوثائق الوطنية كوثيقة الرؤية الاستراتيجية 2025م والخطة الخمسية الثانية (2001-2005م) ووثيقة استراتيجية التخفيف من الفقر التي تطرقت لأهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ودورها في عملية التنمية وبلوغ أهداف الألفية وتحديد المؤشرات التي ينبغي الوصول اليها على المدى البعيد.

وبشكل أساسي تتمثل أهم المبادرات والجهود الرسمية للدولة والموجهة باتجاه التحول نحو مجتمع المعلومات بما يلي:

- تأسيس المركز الوطني للمعلومات التابع لرئاسة الجمهورية والهادف الى بناء وتطوير وإدارة قطاع معلومات وطني وكذا تولي مهمة إعداد استراتيجية وطنية لليمن في مجال المعلوماتية.

- إقرار البرنامج الوطني لتقنية المعلومات وهي التسمية اليمنية لمشروع الحكومة الإلكترونيةE- Government وتشكيل لجنة عليا له ولجنة تسيير ومكتب فني يناط به تنفيذ البرنامج.

- الهيكلة الجديدة للحكومة المتمثلة في وجود وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتعزيز دورها كجهة وطنية رئيسة تنظم وتشرف على بنية الاتصالات وتتولى تسيير البرنامج الوطني لتقنية المعلومات.

- الاتجاه المتمثل في تحسين الهيكلية التنظيمية للوزارات والمؤسسات المختلفة ورفع مستوى موقع المعلوماتية كقطاع مهم فيها يتولى قيادته وكيل من المتخصصين.

- المشاريع المعلوماتية الوطنية المختلفة التي يتواصل تنفيذها ومنها، مشروع الاخ الرئيس لتعميم الحاسوب، ومشروع تحديث الخدمة المدنية ومشروع نظام المعلومات المالي والمحاسبي لوزارة المالية وغيرها، التي يعول عليها كثيراً لإثبات الدور الذي يمكن أن تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملية الإصلاح والتحديث والقضاء على الفساد والبيروقراطية وتحديداً من خلال التخلص من الازدواج الوظيفي.. والتقليل من المركزية الحادة وتسهيل الإجراءات وضمان علمية وموضوعية اتخاذ القرار خاصة في ظل الافتقار لنظام معلوماتي إداري حديث ومتكامل، يقوم بإسناد الإدارة وعملية اتخاذ القرار.

- تشكيل لجنة وطنية للقمة العالمية لمجتمع المعلومات ذات مهام وأنشطة مرتبطة بقضايا التحول نحو مجتمع المعلومات.

وتواجه عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا تحديات وإشكالات كثيرة مثل معدل النمو السكاني المرتفع، ونسبة الأمية الكبيرة، متوسط دخل الفرد المتدني من الناتج الوطني الاجمالي. انتشار البطالة..الخ، بالاضافة الى الاعتماد بشكل أساسي على انتاج النفط الذي يشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويمكن قياس عملية التحول نحو مجتمع المعلومات في بلادنا بواسطة العديد من المؤشرات وسنتناول بعضها التي توضح الجهوزية للبنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال عدد الخطوط الهاتفية الثابتة والمحمولة وعدد مشتركي الإنترنت ومتوسط عددها لكل 100 شخص من السكان البالغ عددهم بحسب تعداد ديسمبر 2004م 19.721.643 نسمة، والتي يوضحها الجدول أعلاه:

جدول (1): بعض مؤشرات قياس التحول نحو مجتمع المعلومات في الجمهورية اليمنية.

المصدر: تقرير وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المقدم الى ندوة مجلس الشورى حول الحكومة الإلكترونية صنعاء، يونيو 2005م.

المركز الوطني للمعلومات 2002م.

وكما يتضح من الجدول رقم (1) فإن المؤشرات المعلوماتية في اليمن تتسم بالتواضع مقارنة مع المؤشرات العالمية وكذا مع تلك لنظيراتها من الدول العربية وكذا دول منطقة الأسكواء وهو ما يدل على ان تشكل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبالتالي مجتمع المعلومات في بلادنا لايزال في بداياته المبكرة، على الرغم من التنامي الكمي والنوعي المستمر لهذه المؤشرات عاماً بعد آخر، كما أنه وضمن مؤشرات الجهوزية هناك مؤشر يربط كلفة الحاسوب بالنسبة لمعدل دخل الفرد، وبحسب البيانات التي أوردها مركز أبحاث اقتصاد المعرفة في الشرق الأوسط (مدار) الذي ربط بين دخل الفرد من الناتج القومي الإجمالي في ثماني عشرة دولة عربية وعدد أجهزة الحاسوب التي يمكن اقتناؤها بهذا الدخل لقياس القدرة الاقتصادية على اقتناء التكنولوجيا الحديثة، وعلى اعتبار ان ثمن جهاز الحاسوب هو 900 دولار أمريكي فقد اتضح ان دخل الفرد في دولة قطر يمكن ان يؤمن 23.05 جهاز بينما دخل الفرد في اليمن لا يؤمن له سوى 0.54 جهاز أي حوالي نصف جهاز، ويتضح بالفعل ان انتشار الحاسوب على مستوى البلد منخفض ويبلغ 0.72% لكل 100 من السكان، وستعمل الأعداد الكبيرة من أجهزة الحاسوب للموطفين التي تم تأمينها بالتقسيط عبر مشروع نشر الحاسوب على زيادة نسبة انتشار الحاسوب.

ويتزايد بشكل تدريجي وجود المواقع اليمنية على الإنترنت سواء الشخصية منها والرسمية والاهلية ومنها مواقع الصحافة الالكترونية وهي ذات بعد جديد نسبياً إلا ان عدد تلك المواقع اجمالاً لا يتناسب مع الحجم السكاني ولا مع المخزون الحضاري والتاريخي والسياحي لليمن.. كما أن محتواها غالباً ما يتسم بالشحة والفقر المعلوماتي وبعيداً عن معايير الجودة المعلوماتية ولا يلبي الاحتياجات المعلوماتية المتزايدة للباحثين والمستخدمين للشبكة.. ناهيك عن عدم تحديثها ويعكس ذلك غياب ادراك أهمية مواقع الوزارات والمؤسسات على الانترنت بمحتوى نوعي وباللغتين العربية والانجليزية واقتصارها على الجانب الدعائي والتعريفي.

وأما المؤشرات التي تبين مدى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجالات الحياة المختلفة مثل التعليم وقطاع الأعمال والصحة وكذا في بقية الخدمات الحكومية المتوفرة على الإنترنت فلا يؤمنها النظام الوطني للإحصاء حالياً.. وإن كانت هي أيضاً متواضعة. كما تشير المسودة الأولية للاستراتيجية الوطنية للمعلومات المعدة من قبل المركز الوطني للمعلومات - صنعاء 2004م، بخصوص تقييم الواقع المعلوماتي الراهن، الى عدم اكتمال البنية المؤسسية لوحدات المعلومات المعنية بإدارة النشاط المعلوماتي في مختلف القطاعات بالاضافة الى الاعتماد على نظم معلومات تقليدية ويدوية ذات مخرجات معلوماتية لا تلبي حاجة الادارة ووظائفها المختلفة ولا تؤمن المعلومات الضرورية لعملية اتخاذ القرار العلمي الصحيح، والانتقال البطيء للبيانات والمعلومات في اطار السلم الهرمي للوحدات والأجهزة في القطاعات المختلفة واتباع طرق تقليدية في نقل وتبادل المعلومات بين مختلف الأجهزة والمؤسسات.

واقع حال العمل المعلوماتي في بلادنا يظهر انه على الرغم من الجهود المبذولة الا ان ما يتحقق بعيد عن مستوى الطموح، حيث إن تنظيم عمل الأنظمة المعلوماتية يخضع للاجتهادات والخبرات الذاتية أكثر منه للضوابط العلمية، وذلك بسبب عدم تقيد هذه الأنظمة بمعايير وبمقاييس علمية محددة في نشاطها. وفي مجال تعميم ونشر المعلومات يشير الوضع الراهن الى شحة في إنتاج المعلومات في اليمن وضعف في عملية نشر وتعميم المتاح منها في المجتمع وبالتالي قلة الاستفادة مما ينتج من المعلومات رغم قلته، وهذا ناتج عن تدني مستوى الوعي المعلوماتي من جهة وقلة وضعف المؤسسات والنظم المعلوماتية في المجتمع من جهة أخرى، ناهيك عن ضعف عمل هذه المؤسسات والنظم بسبب اعتماد أغلبها على الوسائل التقليدية في عملية إنتاج ونشر وتعميم المعلومات.

وبالتأكيد فإن عملية التحول نحو مجتمع المعلومات لبلد نسبة أمية سكانه الأبجدية تقارب الـ 50% والحاسوبية تتجاوز الـ 90% ونسبة من هم خارج صفوف العملية التعليمية للفئة العمرية (6-14) سنة تبلغ 38% ونسبة الجامعيين 1.6% من السكان فقط وفي ظل محدودية الدخل والصعوبات الأخرى، تبدو معقدة وتحتاج الى آليات لكي نتجنب ظهور فجوة رقمية وطنية بين السكان أنفسهم.

إن غياب سياسة واستراتيجية وطنية مشفوعة بخطة واضحة في مجال المعلوماتية يمثل عائقاً وتحدياً وطنياً كبيرا أمام مختلف الجهات للتحول الناجح نحو مجتمع المعلومات. كما ان الافتقار لهيئة او مجلس وطني أعلى متخصص يقوم بالتنسيق بين الجهات المختلفة بحيث لاتبدو مشاريعها المعلوماتية كما هو عليه الحال الآن كجزر متناثرة غير متصلة ببعضها.. بالاضافة الى انه سيعمل في اطار الاولويات الوطنية على تلافي حال التشتت والهدر القائمة للموارد في المشروعات المعلوماتية، وسيؤمن الوضوح لدور الأطر الوطنية المناط بها ادارة النشاط المعلوماتي وتكنولوجياته والتخلص من تداخل اختصاصاتها، ويعمل على ضمان التنسيق والتكامل الغائبين في المشاريع المعلوماتية القائمة في البلد. إن الإنفاق على مشاريع معلوماتية، وخصوصاً ذات البعد الاستراتيجي منها، ما لم يصاحبه تبني سياسات واستراتيجيات واضحة وتطبيق اصلاحات ادارية ومالية مناسبة يمكن ان يتحول الى مغامرة مكلفة.. ويدفع للتخوف من انتقال سلبيات الجهاز الاداري المتخلف لتلازم التطبيقات الالكترونية بحيث تنضم أدوات التكنولوجيا الحديثة لتصبح حلقة ضمن سلسلة البيروقراطية والروتين.

إن العمل على تعزيز شراكة مع مؤسسات الفكر والبحث وتحديداً الجامعات ومراكز البحوث الوطنية من شأنه الاستفادة من الكفاءات والطاقات البشرية المتخصصة في انجاح المشاريع المعلوماتية الوطنية والمساهمة في النقل الرأسي والافقي للتكنولوجيا على مستوى البلد، فالاستئناس بمشورة ورأي الملكات والطاقات في مجال المعلوماتية من أساتذة الجامعات ومراكز البحوث فيما يخص مشاريع معلوماتية استراتيجية ومهمة هو شرط لنجاح التحول بدلاً عن القطيعة وعزل هذه المؤسسات عن ما يدور في مجتمعها او قصورها الذاتي عن التفاعل.

ولكي يتسنى تقييم الوضعية الصحيحة التي تقف عندها اليمن في التحول نحو مجتمع المعلومات بشكل أدق فإنه من الضروري استكمال بناء نظام معلوماتي إحصائي وطني ليؤمن مؤشرات وطنية تتناغم مع مؤشرات مجتمع المعلومات العالمية وضمان شفافيتها وتحديثها المستمر، وتشجيع أنشطة البحوث والتطوير في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعرف على واقع وآثار إدخال تكنولوجيا وأنظمة المعلومات المحوسبة في بيئتنا اليمنية وإبراز الخصوصيات إن وجدت. كما أن مهمة تطوير وإيجاد البنية التشريعية والقانونية التي تواكب متطلبات التحول نحو مجتمع المعلومات وزيادة الاهتمام بنشر الوعي وترسيخ ثقافة مجتمع المعلومات هما ضرورة ملحة.

وفي الخلاصة يجب الاعتراف أننا في بداية الطريق وأننا بحاجة لوقفة تقييم ومراجعة تطال فلسفة وجوهر عملية التنمية ومعادلتها وأطراف هذه المعادلة حيث انه لم يعد أمام الدول مهمة توفير الخبز والماء والكهرباء.. الخ، فقط بل لابد أن توفر ايضاً بجانبها المعلومة والحاسوب والنفاذ الى شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، كما أنه ينبغي بذل الجهود وإشراك القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وكل الخبرات الوطنية والاستفادة من التجارب العالمية لمعالجة السلبيات والنواقص وللتغلب على الصعوبات والعثرات لكي ننطلق من نقطة البداية انطلاقة صحيحة في مشوار طويل وناجح باتجاه مجتمع المستقبل.. مجتمع المعلومات.. وتحية تقدير لكل الجهود الصادقة.

أستاذ جامعي - جامعة عدن ومستشار للإسكوا، الأمم المتحدة في مجال المعلوماتية.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى