مع الأيــام..أقول لك يا يحيى : فات المعاد وبقينا بعاد

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
حملت «الأيام» في عددها الصادر يوم الأربعاء الموافق 23 نوفمبر 2005م في صفحتها الأخيرة الموضوع الموسوم «عندما يغلب الطبع التطبع» لكاتبه يحيى صالح أحمد، ويحده من الشمال «جين نوفاك ما بين جحيم التكفير ومنظمة(ايباك)» لأحمد عمر بن فريد، ومن الشرق «أنتم بعيدون عن الوحدة ولا تنتمون إليها» لبدر باسنيد، ومن الغرب والشمال الغربي «هذا غراب والا حمامة» لسعيد عولقي، ومن الجنوب والجنوب الغربي «اللجنة التضامنية مع قضية المنتصر تجدد مطالبها».

قررت بعد حوقلة أن يكون عنوان موضوعي «فات المعاد وبقينا بعا» وهي من روائع سيدة الغناء العربي أم كلثوم وكتب كلماتها مرسي جميل عزيز ولحنها بليغ حمدي، وجاءني بمبادرة منه، فقد تناغم العنوان مع الانطباع الذي خرجت به فور قراءتي للموضوع إياه، لأننا تعودنا على المهاترات الصحفية واستخدام مهارة نشر الغسيل، بالحق والباطل حسب ما يقتضيه الظرف الموضوعي.

ليس هذا موضوعي وليست هي دواعي كتابة موضوعي، لأن ما دعاني للكتابة أن الأخ يحيى وقع في سوء اختيار الزمن أو قل إنه سوء التوقيت، لأن التعريض بالجنوبي في هذا الوقت لم يعد مقبولاً، لأن كل الجنوبيين منكوبون حتى وإن كانوا في السلطة، وليسمح لي الأخ يحيى أن أروي له هذه الحكاية:

حضرت جلسة مقيل عند أحد الأصدقاء من الريف الجنوبي بمناسبة زواج ولده، بينما كنا نتجاذب أطراف الحديث والدردشة دخل على صالون المقيل شيخ ضرير جاء لتوه من القرية، وعرفنا أنه والد صديقنا الذي أبلغنا أن والده أصر على الحضور لمشاركة حفيده فرحته وتهنئته.

أخذ الشيخ مقعده وبدأ ولده يعرفه بالحضور فرداً فرداً والشيخ يرد بلهجته البدوية: مرحباً.. مرحبتين.. انت ابن فلان؟ وحينا يرد: ونعم (بتخفيض النون وتسكين العين والميم).. انت جدك فلان؟ ويذكر الشيخ الحضور بحكايات أيام زمان. مضى الولد يعرف والده الشيخ بالحضور حتى وصل إلى الأخ محمد صداعي علي، فقال لوالده: وهذا محمد صداعي علي! رد الشيخ: أهلاً بالرجل المناضل محمد صداعي علي.. يا محمد، زمان كنا وكنتو واليوم لحنا ولنتو.. جا السيل وشلنا دفره.

عجبت لحكمة الشيخ الضرير الذي لخص مأساة الجنوبيين، التي جاء الأخ يحيى ليعزف عليها وكان عزفه نشازا..! أقولها صراحة للأخ يحيى: يا أخ يحيى لو طرحت مثل هذا الكلام على أي جنوبي، أيا كان عمره أو ثقافته، لباشرك برد ملؤه السخط والإحباط وحتماً ستجده متضرراً بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهاك نماذج منها:

اسمع يا أخي.. إذا أعدتم لنا أرضنا في بئر فضل سنسمع منكم.

اسمع يا أخي.. أنتم رحلتم منا الآلاف من المدنيين والعسكريين إلى المنازل وأنا واحد من جماعة «خليك في البيت».

اسمع يا أخي .. أنا أحد جيران بيت العقبة (عبدالله علي عقبة) الذي احتل بيته جندي في الحرس الجمهوري ولايزال البيت تحت الاحتلال.

اسمع يأ اخي.. ابني متعاقد بالأجر اليومي براتب ضئيل ومضى على تعاقده ست سنوات وبدون حقوق ولا تأمينات.

اسمع يا أخي.. أخرجوا أولاً المحتلين لأراضينا في مخطط معسكر النصر.

اسمع يأ اخي.. المرحلون للتقاعد بالآلاف من المحافظات الجنوبية..أيش تكلمنا على علي ناصر؟

اسمع يا أخي.. أنا واحد من الطيارين أحلت على التقاعد قبل الوصول إلى أحد الأجلين وزادوا الطين بلة عندما احتل العسكر أراضي مخططنا السكني في الممدارة.. ولا تتكلم على علي ناصر!

اسمع يا أخي.. أنتم قتلتم شبابنا ظلما وعدواناً وآخرهم المنتصر محمد فريد. هرّبتم الجاني إلى خارج الجمهورية وأطلقتم سراح البقية.. خلي كلامك لك!

اسمع يا أخي.. أخذتم أراضينا وثروتنا وتأتون لنا بالمسؤولين من خارج المحافظة وحرمتم أبناءنا حتى من أبسط فرص العمل وتمثيلنا في البرلمان أقل منكم بكثير وأنتم لا توردون شيئا للخزانة العامة وتجي الآن تكلمنا على علي ناصر؟

يا أخ يحيى، جنوبي الأمس غير جنوبي اليوم لأن جنوبي الأمس هو الذي دافع عن ثورة 26 سبتمبر وهو الذي دافع عن صنعاء في حصار السبعين في حين كنتم منقسمين على أنفسكم بين جمهوريين وملكيين، أما جنوبي اليوم فإنه أصبح يشعر أن حاله كان أفضل مما هو عليه اليوم بعد الوحدة.

ولذلك اسمح لي أن أقول لك:« فات المعاد وبقينا بعاد».. والسلام ختام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى