عفوا يا عزيزي..لا المبادرة ولا التصريحات حولها تعنينا!

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
أعلم تماماً أن ذاك الذي طالب بالأمس بلجنة تحقيق دولية في مبادرة أحزاب اللقاء المشترك للإصلاح السياسي، لا يعلم أن الذين هُدم سقف منزلهم المتواضع فوق رؤوسهم على طريقة شارون، في حي السنافر بمدينة عدن، دون إشعار مسبق، وفي زمن سبق صلاة الجمعة بساعة واحدة فقط، لا يعنيهم - لا من قريب ولا من بعيد - ما جاء في مضامين تلك المبادرة التي رأى فيها عزيزنا النائب دعوة تحريضية ضد البلد والنظام السياسي وسمعته، بقدر ما يعنيهم استئصال المسببات الحقيقية التي أدت بمؤسسات الدولة إلى الإقدام على ترويعهم في بيوتهم التي اعتقدوا أنها آمنة لهم وبهم مادامت مغلقة عليهم.. وهو لا يعلم أيضا أن هذه المبادرة بما تحمل من مقترحات وأفكار إصلاحية، لا تحقق الحد الأدنى من مطالبهم المشروعة ولا من مطالب عشرات الآلآف من أمثالهم ممن نكبوا في مرحلة ما بعد 7/7/ 1994م وحتى يومنا هذا.

وأعلم أيضا أنه لا يعلم أن هذه المبادرة وتصريحاته العجيبة حولها، لا تعني من اجتمع من أبناء قبيلة العوالق ومن لم يسعفهم الحظ للاجتماع معهم في منطقة السوداء بمحافظة شبوة، لتدارس قضية موت ولدهم في سجون صنعاء من دون معرفة أسباب وفاته المفاجئة لهم، وهي أيضاً بالقدر ذاته من القيمة والأهمية لمن لا زالت قلوبهم تتقطع حسرة وألماً وندامة على مصرع عزيزهم المنتصر محمد فريد، قتيل وضحية (بطولات وعنتريات) 23 عسكرياً من أفراد (لواء 7/7)، الذي بقيت جثته الطاهرة المجمدة في ثلاجة الموتى بمستشفى الجمهورية بعدن، شاهداً على ما مورس ضدهم وفي حقهم وأرضهم من ضيم وتجن واعتداء عليهم من قبل العسكر، كما أن ما حصل عليه أولياء دم المجني عليه من حقائق دامغة تهول لمعرفتها الضمائر الصاحية وتشمئز منها النفوس البشرية السوية، لم تشفع لهم لدى مؤسسات العدالة في هذا الوطن، حتى يومنا هذا، ملامسة العدالة والتمكن منها في قضيتهم العادلة.. فهلا طالب لنا النائب مشكوراً بلجنة تحقيق برلمانية في هذه القضية الإنسانية؟

إن هذه المبادرة أو تلك، وبما تحمل بين ثناياها من مقترحات وتوصيات، التي تدفع بهذا النائب أو ذاك لاستهجانها وقول ما له (حنة ورنة) في وسائل الإعلام المختلفة، من تصريحات واتهامات صارخة وزاعقة، لا تعني في حقيقة الأمر إلا تجسيداً للمثل الشعبي الذي يقول:

(خذوهم بالصوت تغلبوهم ).. على اعتبار أن هؤلاء يعلمون تماماً أن هذه المبادرات (المبتورة والناقصة) والمتجاوزة لاستحقاقات سياسية وطنية مهمة على الساحة اليمنية، التي تهمل بتعمد واضح وفاضح الوقوف أمام ملفات ساخنة والتمعن في مضامينها، وإنما تمثل لهم( مخرجاً داخلياً) لصرف الأنظار عن هذه القضايا المهمة، وذلك بهدف إعطاء الانطباع الأكيد، للمتابع والمراقب السياسي في الداخل والخارج، أنه لم يعد لدى اليمنيين من مشاكل وقضايا مهمة سوى تلك التصريحات النارية المتبادلة، والمثارة ما بين رموز سياسية تمثل ألوان الطيف المتعددة في بلد يعتمد الديمقراطية والتعددية السياسية، تماماً مثلما ما يحدث بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة، أو ما بـين العمال والمحافظين في المملكة المتحدة.

إن مثل هذا التجاهل الخطير لمعاناة المواطنين المستمرة في المحافظات الجنوبية، التي بلغت حداً كبيراً لامس مقومات الكرامة والوجود، لا يعني بأي حال من الأحوال، أنها سوف تطوى بفعل الزمن، وبفعل توالي الضربات الموجعة هنا وهناك، ذلك أن الذين يضعون أصابعهم على نبض هادئ في مناطق باردة، لا يعلمون جيداً درجات النبض المتسارعة جداً في بقية المناطق، والمتأتية من جملة ممارسات قمعية مستبدة وغير مسبوقة.. وهي ممارسات هدّامة وخطيرة، تستدعي فعلياً من هذا النائب أو ذاك تشكيل لجان تحقيق ( محلية، وليست دولية) للكشف عن ظروفها وملابساتها، وما تحدثه من تدمير شبه يومي للنفس البشرية عماد اللحمة الوطنية اليمنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى