وتلك الأيــام..نحو حكم حقيقي

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
وجه من الوجوه القبيحة للإدارة السيئة التي نتجنى على العثمانيين بنسبها إليهم، وقد تطورت تركيا وريثة العثمانيين وغدت دولة عصرية ذات وزن عالمي، هو المال والثروة بصميم علاقتهما الجذرية بمفاصل الحياة الاقتصادية والاجتماعية دون أن نستثني السياسة منهما، في بلاد كلما وجهت وجهها شطر الحياة العصرية الحقيقية، استطاع رهط الفساد المنظم أن يعيدوا وجهها شطر الحالة المفرغة حيث يعاد إنتاج الفوضى والروتين والبيروقراطية والرشوة والمركزية المفرطة بصور عصرية، لينعم في ظل كل ذلك أمراء الفساد بسحناتهم النيرونية ولتحترق روما بمن فيها. ولعل أبشع الصور المستهلكة إيجاد مركزية لوزارة المال في كل مرفق وإدارة بكل ما يحمله ذلك من معاناة واضطراب إداري، ليغدو موظف الوزارة المحظية - وزارة المالية - فوق مرتبة الوزير في وزارته أو المدير في إدارته وحتى رؤساء المصالح والهيئات والجامعات، ولا يبقى إلا أن يضاف في دعاء المصلين من الطامحين لحياة الجاه والسلطان أن يسقطهم الله من مناصبهم ليعودوا موظفين في حمى الوزير الأكثر شهرة في تاريخ الحكومات اليمنية ووزارته العتيدة.

إن مجالس السلطة المحلية في المحافظات تعاني ضآلة المتاح أمامها لتصريف الإدارة والمال في وحداتها الإدارية بقوة القانون، الذي يضع المركز فوق كل الأيدي ليكون المدير العام في بعض الوحدات أقوى من حيث الصلاحية من المجلس المحلي وربما المحافظ أيضا، ومع ذلك فإن تباشير التغيير لصالح المطحونين في قاع المدن والمهملين في فضاء القرى اليمنية من سواد المواطنين الذين يشكلون أكثرية الناس وعصب الحياة في الوطن المطحون، يبدأ - هذا التغيير- من شجاعة يفترض أن يتحلى بها المسؤولون في المحافظات وهم المعنيون مباشرة بهموم المواطنين في مخاطبة المركز في القرارات الجائرة التي يتخذها هذا المركز دون مراعاة للأوضاع المقلقة والحرجة والسيئة، بما في ذلك آلاف الشباب الذين ينتظرون الوظائف بفارغ صبر في محافظاتهم ليفاجأوا بعد ذلك بذهاب هذه الوظائف حسب مشيئة وإرادة وزارة المالية إلى موظفين من خارج هذه المحافظات وليذهبوا هم وطموحاتهم إلى الجحيم.

لقد فعلت خيرا محافظات شبوة والضالع ولحج في رفض هذه المشيئة الاستعلائية الغريبة للوزارة المحظية على حساب مئات وربما آلاف الشباب الذين أنهوا دراساتهم الجامعية وجدّوا واجتهدوا في العمل التعاقدي دون رواتب لأشهر وسنين على أمل التوظيف، فإذا بالوظيفة تذهب لآخرين من خارج المحافظة المعنية. بل وينبغي أن تخطو خطوة التصحيح الوظيفي المجالس المحلية جميعها، قبل أن يُسن ذلك بإرادة الشعب في قانون جديد لـ (الحكم المحلي) القادم بمقاييس ومزايا تحرر الجميع من المركزية المقيتة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى