عندما يحرك الذيل الرأس

> صالح علي السباعي:

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
الأمر الطبيعي أن لكل كائن بشرى رأساً وأطرافاً، وفي غير البشر هناك ذيل إضافة للأطراف، وطبيعي أن الرأس هو أهم جزء وهو المتحكم في كل أجزاء الجسم لوجود الدماغ الذي يرسل الأوامر للطرف المقصود لتنفيذ التعليمات، ولكن في عالم اليوم كما يبدو أن وضع الرؤوس قد تغير، وأصبحت التعليمات تأتي من الأذناب بدلاً من الرؤوس. وأنت إذا كنت مواطناً عادياً لديك قضية فلا تستطيع الوصول إلى المسؤول المعني لشرحها مهما كانت واضحة وعادلة، ولكن لو استعنت بالمقربين أو الأذناب فإن قضيتك حتماً ستجد طريقها للحل، وهذا دليل واضح على أن الذيل مهم وهو المحرك الأساس لبعض الرؤوس.

على صعيد التوظيفات في الشركات النفطية والمؤسسات الحكومية والدبلوماسية والحصول على المنح الدراسية في أوربا وأمريكا، فإن الأمور تسير بالتزكية والقرب المناطقي والقبلي من هذا المسؤول أو ذاك، وكما يبدو أن الكثيرين يعملون بقول موسى $ {رب اجعل لي وزيراً من أهلي}، متناسين قول خاتم الأنبياء [ «أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك».

وفي ظل وجود من يمارسون هذا السلوك الذي يتعارض مع الخطاب العام فإن مؤسسات الدولة قد تتحول من مؤسسات عامة إلى شبه خاصة وأحياناً عائلية، حيث يصل الاعتقاد بالبعض إلى أن المؤسسة ملك خاص به ومن حقه تجاوز الأنظمة واللوائح، وهذا السلوك يضعف الإيمان بوجود الدولة، ويزداد الولاء للعائلة والقبيلة الأمر الذي سيؤدي إلى تحول الدولة من أمة إلى قبائل وكل قبيلة دولة داخل الدولة، وهذه الحالة لا تساعد على الانصهار الاجتماعي المنشود، وتقلص من تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع الواحد، ويضيع في الزحام من ليس لهم قبيلة، وهي أوضاع لا تناسب العصر، لكن الناس اعتادوا رؤية الهرم معكوسا والسباحة ضد التيار دون الاكتراث للعواقب التي قد يجلبها أصحاب الأفق الضيق، الذين رؤيتهم لبلدانهم لا تتعدى القرية والعائلة والقبيلة، ومثل هؤلاء في دول قريبة وبعيدة كانوا سبب الكوارث التي حلت ببعض الشعوب، هؤلاء يجب مراقبة أفعالهم من قبل المجالس المحلية ومجلس النواب والأحزاب، لأنهم يسيئون للأحزاب التي ينتمون إليها ويسيئون للعصر الذي يعيشون فيه.

وهناك الكثير من المؤسسات تئن من تصرفات القائمين عليها، ويعرف المعنيون ذلك ويعرفون أن بعض الأذناب تجاوزت انتظار التعليمات من الرؤوس، لكنهم مع ذلك يجدون التبريرات لأفعال الأذناب لأنهم يحاولون إخفاء الحقيقة عن الناس متناسين أن الحقيقة لا يمكن إخفاؤها وهي مثل الزيت يطفو فوق سطح الماء، وقد قال كونفشيوس: من لا يريد أن تدري الناس بأفعاله يحجم عنها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى