قانون السلطة القضائية..بين ضرورة التعديل و(كارثية) الاستعجال

> القاضي/سمير عبدالله شوطح:

> الدعوة إلى إجراء تعديلات جديدة لقانون السلطة القضائية ليست وليدة اليوم.. وما هي بمطالبات جديدة.. هذا ما يجب أن يدركه الجميع وذوو العلاقة منهم خاصة.. وعليه يلزم أن ننأى بهذا المطلب عن أي مماحكات سياسية وبرامج حزبية .. والمهتمون من الاختصاصيين بالقانون بما فيه القانون الدستوري على قناعة كاملة بأن إجراء مثل هذه التعديلات أصبح ضرورة وتحديداً منذ إجراء التعديلات الدستورية في العام 1997م، فقد أرسيت قواعد دستورية تختص بتنظيم السلطة القضائية تخلفت عنها بالضرورة بعض نصوص قانون السلطة القضائية النافذ .

ولعلنا لا ننسب إلى أنفسنا إلا الحقيقة إذا ما أكدنا أننا كنا من المطالبين باكراً حتى قبل إجراء التعديلات الدستورية وممن دعوا إلى لزوم مراجعة بعض نصوص قانون السلطة القضائية، التي تبين أنها لم تستوعب القواعد والمبادئ الدستورية التي أصلها دستور دولة الوحدة المباركة في العام 1990م وتحديد مبادئ فصل السلطات، وذلك مع ضرورة الإقرار بأن مرده في الأساس يعود إلى مبررات واقعية إهمها:1) حداثة التجربة. 2) الجنوح المشروع إلى الإسراع بإصدار القانون ليس فقط لاعتبارات السيادة لدولة الوحدة، بل لارتباط عمل هيئات القضاء بالاحتياجات اليومية للأفراد (مواطنين وأجانب)، وتبلورت لاحقاً الدعوات الداعية لإجراء تعديلات جوهرية لازمة لقانون السلطة القضائية اعتباراً من خطة الإصلاح القضائي التي أصّلها وهندس لها بالدرجة الرئيسية أستاذنا الفاضل اسماعيل الوزير، وزير العدل حينها. والمتميز في هذه الخطة أنها ربطت بين الاستقرار في اختيار النظام القضائي من خلال الدراسات المتأنية المتجردة وإعادة صياغة قانون السلطة القضائية، ونرى في ذلك منحى علميا وواقعيا.

إن استيعاب حقيقة الطابع الجوهري التنظيمي والنظامي لقانون السلطة القضائية المستمدة قواعده مباشرة من الدستور يفترض أن يتبع أي تعديلات فيه إجراء جملة من التعديلات لعدد من التشريعات ذات العلاقة تستلزم التأني والتريث والتقييم والاستخلاص واستطلاع آراء المعنيين وتحديد أعضاء السلطة القضائية قضاة ونيابة، ولا نجسد الا كل القاعدة باستطلاع آراء الجهات ذات العلاقة: نقابة المحامين، الجامعة وكليات الشريعة والقانون والحقوق، واللجان الاختصاصية في مجلسي النواب والشورى.

ونشير هنا إلى ضرورة أن يتفاعل المنتدى القضائي بفروعه، ومبادرته بعقد اللقاءات الموسعة للأعضاء لمناقشة جادة ومسؤولة تستخلص الآراء وتضع صيغا واقعية مستمدة من المعاناة المباشرة، ولربما كانت تلك بداية إفاقته (أي المنتدى القضائي) في حاله القائم.

عموماً.. إن ما جعلني أسرع - ولا أتسرع- إلى طرح هذا الموضوع هو ذلك الهول الذي انتابني حين علمت أن مشروعا كاملا قد أعد في مدة لا تتعدى أسبوعا إلى عشرة أيام من اللقاء الموسع الذي عقده فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح لمجلس الوزراء واللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام.. وهنا وقفت متأملاً متخوفاً من عدم استيعاب حقيقة نتائج هذا اللقاء الداعية إلى إصلاحات جذرية في حلقات السلطة القضائية والتنفيذية .. وكل الخوف أن يؤدي مثل هذا التسرع - وضع مشروع في هذا الزمن القياسي - إلى إقرار متسرع تتكرر فيه تجربتنا المريرة في إصدار تشريعات وقوانين تعد في تقييم أكثر الاختصاصين نزاهة ارتداداً وخطوات إلى الخلف كما هو حال قانون المرافعات (رقم 42 لسنة 2000م) وغيره. لقد أقر مجلس القضاء قريباً وبعد ذلكم الاجتماع استراتيجية تطوير وتحديث القضاء، ولتكن تلك الخطوة الأولى لتنفيذها وبداية متأنية لا بطيئة لوضع مشروع تعديلات متكامل واقعي لقانون السلطة القضائية ويبعدنا عن نتائج كارثية (ولم نقل أضرارا لأنها في تقديرنا لفظ محدود من حيث مدى آثاره ونطاقه والمتضررين منه.. وعمدنا إلى اختيار الكارثة لأن مدى تلك الآثار سيشمل المجتمع والتجربة الوطنية ويمس بناء الدولة في الركن الثالث من أركانها الأساسية).. والله نسأل أن يجنبنا الكوارث بجميع أنواعها ولتكن همومنا وأعمالنا بمستوى الوطن .. كل الوطن .. ولتكن غايتنا الارتقاء بالمواطنين .. كل الموطنين.. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى