كتاب الثورة والسياسة الخارجية حالة جنوب اليمن 1967-1987

> علي محمد يحيى:

> قبل مدة من الزمن كنت طلبت من الشاب حامد بائع الكتب القديمة والمقروءة إن كانت تمر بين بديه أثناء الشراء والبيع، كتب تتحدث عن تاريخ اليمن، شماله وجنوبة في كل حقباته الزمنية، من السحيقة إلى الحديثة وفي كل اتجاهات التاريخ.. من التكوين إلى سلطة الحكم فالسياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية إلى المنعطفات التاريخية، أن يحجزها لي ويجمعها، باعتباري زبوناً دائماً لديه وربما لم يكن فهم بما قصدت بالمنعطفات التاريخية.. ولكني أشهد أنه كان لبيباً فطناً لقراءة أفكاري ولما كان يدور في خلدي، وأنا أعرض عليه تفاصيل طلبي.

ولم تمر غير أسابيع إلا وصوت حامد عبر هاتفه النقال يحثني أن أصل إلى زاويته، حيث يشتري ويبيع كتبه في مدينة كريتر، في أقرب فرصة ممكنة ليضع أمام ناظري عدداً من الكتب القيمة باللغة الانجليزية من بينها:

1- حكومة القبائل والتاريخ في اليمن

TRIBS GOVERNMENT, AND HISTORY IN YEMEN.

لمؤلفه بول دويك، مطبعة أكسفورد عام 1989م والكتاب الثاني «اليمن تحت حكم الإمام أحمد »YEMEN UNDER RUEL OF IMAM AHMED من منشورات «المطبوعات الوثائقية» في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1985م وثالثها كتاب قيم هو الآخر بعنوان «الثورة والسياسة الخارجية» REVOLUTION AND FOREIGN POLICY حالة جنوب اليمن للفترة 1967-1987م مطبعة جامعة كامبردج عام 1990م الطبعة الأولى، وهذا الكتاب قد لقي من الفضول عندي بأن أقرأه أولاً من بين تلك الكتب الثلاثة بدافع عنوانه والصورة التي تصدرت غلافه.

الكتاب تحدث بمصداقية متناهية في فصوله الستة وفي ملاحقه التي زادت عن سبعة، غير صفحات للملاحظات عن مجمل محتوى الكتاب التي جاءت في (318) صفحة من القطع المتوسط. ومؤلفه البروفيسور فريد هاليداي أرخ وحلل قصة الثورة منذ يوم الاستقلال الوطني في جنوب اليمن إلى ما بعد أحداث الثالث عشر من يناير 1986م بعام واحد، وهي الفترة التي قام خلالها المؤلف كما أتصور بدراسة الاحداث وتحليل وقائعها التفصيلية بحيادية مطلقة، بعد أن جمع الكثير من تاريخها وعاش جزءاً من أحداثها مع دراسته المركزة على دور الاتحاد السوفيتي السابق والصين في التأثير على السياسة لحكومة الجنوب وبالأخص السياسة الخارجية لها، وانعكاسات منعطفاتها - التاريخية - وتعارضاتها من خلال علاقاتها بكل من الشطر الشمالي من الوطن آنذاك والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. وقد تناولت فصول الكتاب تاريخ الثورة وقيام الدولة وسياستها الخارجية على النحو التالي:

- الفصل الأول: تطور السياسة الخارجية، خلال العقد الأول، حلل فيه الكاتب مباحثات الاستقلال والجبهة القومية وسياستها الخارجية، حتى قيام الحزب الاشتراكي اليمني.

- الفصل الثاني: الحزب الاشتراكي اليمني: التطبيع وتكتلات المعارضة والدورات الرئاسية لكل من عبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد، حتى تطورات أحداث 13 يناير 1986م.

أشار الكاتب في هذا الفصل إلى أسباب الصراع والتكتلات بدءاً بمرحلة أول حكومة وطنية بقيادة الزعيم الرئيس قحطان محمد الشعبي - رحمه الله وطيب ثراه- إلى مرحلة ممارسة التصنيفات الانتمائية نحو السوفيت والصين الشعبية وأتباع كلا المدرستين الاشتراكيتين وكيف أن تكتل الممارسات قد أثرت على الساسية الخارجية للدولة، محللاً نتائج مؤتمرات الجبهة القومية والتنظيم السياسي فيما بعد، حتى قيام الحزب الاشتراكي اليمني.

- الفصل الثالث : الدول الرأسمالية المتطورة.

وفي هذا الفصل أفرد الكاتب حيزاً كبيراً لعلاقات اليمن الجنوبية بالمملكة المتحدة- بريطانيا العظمى - خاصة في المجال التجاري ونظرة الريبة والحذر نحو بريطانيا خوفاً منها على نظامها - التقدمي - وعلاقتها المتسارعة بالمنظومة الاشتراكية. ثم علاقة عدن بدول أوروبا وانتهاءً بواشنطن وقطع العلاقات معها وأسباب قطع تلك العلاقات التي كان لها أثرها السيء على التنمية.

- الفصل الرابع: لغز «الوحدة» اليمنية كما أسماه باللغة الإنجليزية THE ENIGMAS OF YEMENI "UNITY وطموح اليمنيين نحو تحقيق هذه الوحدة بدءاً بعلاقات مودة لتحقيق الحلم، يشوبها الحذر والشك المتبادل نحو الآخر من خلال ست مراحل تاريخية، أغلبها كانت دامية وموجعة. ويرى الكاتب أن الاجراءات الميدانية التنفيذية لإرساء دعائم بناء الوحدة اليمنية بدأت منذ قيادة الرئيس علي ناصر محمد لحكم اليمن الجنوبية بإنشاء الكثير من المشاريع المشتركة سعياً نحو تطبيع تدريجي حقيقي بين النظامين بتوجهاتهما المختلفة، وأن الاجراءات تلك لو استمرت كما كان يبتغيها مع اهتمامه بسرعة إزالة العقبات من أمام سوء التفاهم مع دول الجوار وخاصة عُمان والمملكة العربية والسعودية والتي كانت بدأت تعزز من خلال ممثلين لها، لكانت التوقعات لنتائج تحقيق الوحدة أفضل مما يتوقع لها بعد رحيله عن السلطة.

- الفصل الخامس: التوجهات الاقليمية من مبدأ التضامن وتسوية النزاعات خصص الكاتب هذا الفصل لعلاقات جنوب اليمن بجيرانها سلطنة عُمان من النزاع إلى التطبيع والمملكة العربية السعودية وعلاقاتها بقيادات جنوب اليمن السابقة غير المريحة AN UNCONFORTABLE HEGEMONY حتى تولي علي ناصر محمد قيادة البلاد وما طرأ في أيامه على تحسين العلاقات مع دول الجوار ومعها العلاقات مع الدول الخليجية والقرن الأفريقي وفلسطين.

- أما الفصل السادس فقد عني بـ : البحث عن حلفاء: الاتحاد السوفيتي والصين.

يقول الكاتب رغم أن حكومة جنوب اليمن قد اعتبرت نفسها دولة ذات توجهات اشتراكية.. إلا أن ذلك لم يشفع لها لدى حلفائها في زيادة مستوى الدعم المقدم للتنمية، ومن حجج ذلك تدني عدد السكان بما لا يسمح بزيادة حجم المساعدات رغم تكرار زيارات الوفود لطلب الدعم من معظم الدول الاشتراكية.

وفي الخلاصة فقد ركز الكاتب فيها على العنصر الرئيسي الذي كرر ذكره في معظم فصول الكاتب عن عمد والمتعلق بالسياسة الخارجية للدولة، والتي غلب عليها تأثير الازمات المتكررة، سواء مع جاراتها أو مع الدول غير الاشتراكية، والتي كان بسببها كما يقول الكاتب لم تحرز اليمن الجنوبي أي تقدم اقتصادي يذكر رغم استقرار الحياة المعيشية وتوفر نسبة محدودة من الكماليات، ولو سنحت الفرصة في الفترة الأخيرة في تغيير السياسات لتحقق مستوى معيشي وتنمية أفضل. والغريب أن عدداً من الكتاب عرب وغير عرب ممن سجلوا لنفس الفترة نجد أنهم قد اعتمدوا على هذا الكتاب ولم يعطوا اهتمامهم لذكر مصدر معلوماتهم.

لمؤلفه البريطاني البروفيسور فريد هاليداي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى