المعاهدات البريطانية لحكومة عدن مع مناطق الجنوب العربي

> نجمي عبدالمجيد:

> يعود تاريخ أول معاهدة بين بريطانيا وحاكم في جنوب الجزيرة العربية الى عام 1802م، وكانت مع سلطان لحج وعدن أحمد عبدالكريم فضل بن علي بن صلاح بن علي، وقد وصل السفير البريطاني لعدن السير هوم يوفم على السفينة الايطالية (راني) وكان توقيع تلك المعاهدة في تاريخ 6 سبتمبر من ذلك العام.

تلك كانت البداية، وبعد دخول بريطانيا الى عدن عام 1839م توالت المعاهدات والاتفاقيات ولكن بعد المعاهدة الاولى كانت هناك اتفاقية مع سلطان سقطرى تعود الى عام 1834م موقعة مع الكابتن دانيل روس، والهدف من هذه المعاهدة ان يتم السماح للحكومة البريطانية بإنزال وتخزين كميات من الفحم أو مواد اخرى على ساحل جزيرة سقطرى والذي يتم إرساله من جانب الهند البريطانية.ومن جملة تلك المعاهدات نذكر معاهدة صداقة وسلام بين الانجليز وقبيلة العزيبة الموقعة بحضور سيد علوي بن العيدروس وعلي بن أبوبكر راشد عبدالله والشيخ محمد بن عبدالله عزب مكي العزيبي والكابتن اس.بي.هينز بتاريخ 31 يناير عام 1839م، معاهدة بين سيد محمد جعفر بن سيد العيدروس زعيم الوهط وجميع التابعين له والقائد هينز وكيل الحكومة مؤرخ في 2 فبراير 1839م ارتباط بالسلام والصداقة تم فيه بتاريخ 4 فبراير 1839م من جانب السلطان حيدرة بن مهدي من العقارب والشيخ عبدالكريم بن صلاح مهدي والشيخ فضل بن حيدرة بن أحمد من صيلا، رؤساء العقارب مع الكابتن هينز من البحرية الهندية نيابة عن شركة الهند الشرقية الموقرة وقعها السلطان حيدرة بن مهدي بحضور الشهود سيد علوي وراشد عبدالله وجعفر بن ملا عبدالله وإس.بي.هينز مؤرخ في عدن 14 فبراير 1839م بين الشيخ جواس بن سلام العبادي وقبيلته مع القائد هينز من البحرية الهندية وكيلا عن شركة الهند الشرقية، شاهد سيد علوي الكابتن اس.بي.هينز معاهدة سلام وصداقة أبرمت في 18 فبراير 1839م من طرف الشيخ مهدي بن الزبيري مع القائد هينز من البحرية الهندية وكيلا عن شركة الهند الشرقية، الشهود: محمد حسين وسيد علوي وإس.بي.هينز، ومعاهدة ابرمت في تاريخ 18 فبراير عام 1839م من جانب شيخ منطقة الزيدية الشيخ صلاح الميدي مع القائد هينز من البحرية الهندية وكيلا عن شركة الهند الشرقية الشاهد: عبدالرزاق القاضي، معاهدة ابرمت في 19 فبراير من عام 1839م من طرف الشيخ محمد السيد المسيعدي والشيخ جواس عبدالله والشيخ محمد بن احمد والشيخ الكولي من منطقة المسيعدي من الصبيحة والقائد هينز من البحرية الهندية وكيلا عن شركة الهند الشرقية، الشهود: عبدالرزاق قاضي عدن وجعفر بن ملا عبدالله، ومعاهدة سلام وصداقة ابرمت في تاريخ 20 فبراير عام 1839م من جانب الشيخ محمد بن علي البصيلي من الفخذ الجنوبي للصبيحة مع القائد هينز من البحرية الهندية وكيلا عن شركة الهند الشرقية الموقرة.

بعثة الكابتن وهب لتحديد الحدود في عامي 1891-1892م
يذكر الباحث الدكتور فاروق عثمان اباظة في كتابه (عدن والسياسة البريطانية في البحر الاحمر 1839-1918م) الصادر في عا 1976م أن الحكومة البريطانية في عدن قد وجهت في عام 1891م الكابتن وهب R. A. Wahab على رأس بعثة لغرض إجراء مسح للمناطق المحيطة بعدن والتي تسكنها قبائل كانت قد وقعت مع الحكومة البريطانية في عدن معاهدات صداقة وولاء أو معاهدات حماية، والهدف من ذلك تحديد الحدود الفعلية لأراضي تلك القبائل ولكن السلطات البريطانية في عدن طلبت من الكابتن وهب عدم الاقتراب أو الدخول من المناطق التي كان يحتلها الجيش العثماني حتى لا تثار مشكلات بين الجانبين من جديد وذلك يعني عدم إجراء العمل المطلوب في هذا الجانب لمنطقة دثينة والقرى المحتلة في اراضي الاميري من قبل الاتراك، وفي عام 1893م نشر تقرير الكاتب وهب مع خريطة ولكنها لم يوضح بها غير مواقع بعض المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي عام 1880م وعندما مات امير دثينة علي بن مقبل في شهر سبتمبر عام 1886م واختيار ابن عمه شايف بن سيف خلفا له فإن سلطات عدن لم تثق في الامير الجديد كما يذكر المؤلف وإن كان ذلك الامير قد وفق الى توحيد شيوخ المنطقة بطريقة لم يتمكن الامير السابق من تحقيق مثل هذا العمل، وبالرغم من قيام حكومة عدن البريطانية بعقد معاهدات حماية مع قبائل الحوشبي والعلوي ويافع السفلى إلا ان الوضع في دثينة ظل في حالة سكون.

بعثة الميجور ديفيز لتحديد الحدود في عام 1892م
اقترح الميجور جنرال متلند المقيم السياسي البريطاني في عدن والذي كانت فترة اقامته في هذه المدينة من عا م1901م حتى عام 1905م بان المقدم الميجور ديفيز بزيادة الى هذه المناطق (قعطبة وهضبة دثينة) للتعرف على الموقف هناك كذلك وضع حاكم الهند وجهة نظر باقتناص الفرصة ومفاوضة الاتراك في مسألة تحديد الحدود بين مناطق النفوذ التركي والنفوذ البريطاني في الجنوب العربي على النحو الذي جاء بالخريطة التي وضعتها بعثة المسح البريطانية في عامي 1891 و1892م.

وعلى ذلك قام الميجور ديفيز بزيارة الى منطقة دثينة وقدم تقريرا تحدث فيه عن خط الحدود السابق والذي كان قد وضعه الكابتن وهب في عام 1892م على اساس الوضع القائم في ذلك الوقت حيث كانت أربع قرى في اراضي الاميري تحت نفوذ الاتراك، وبالرغم من كل ذلك تمكنت البعثة البريطانية من جمع المعلومات المتعلقة بتحديد الحدود وكانوا قد اثبتوا ان ممتلكات امير دثينة التي تقع تحت نفوذه عند وصولهم الى الامارة تمتد الى الغرب والشمال الغربي خلف جبل جحاف، أي انها تمتد خلف الحدود التي ذكرت في تقرير الكولونيل وهب المقدم في عامي 1891 و1892م وكان امير دثينة يجمع ضرائبه في تلك المنطقة من قبل عشر سنوات قبل وصول البعثة البريطانية في عام 1902م حتى احتلها الاتراك في بداية تلك السنة وعزلوا أميرها عن حكم كل القرى والتي كانت تحت حكمه.

ويتحدث الدكتور فاروق عثمان اباظه عن هذا الامر قائلا: «وجدير بالذكر ان الحدود الفاصلة بين منطقتي نفوذ البريطانيين والعثمانيين في جنوب اليمن كانت تقطنها قبائل يمنية تدين بالولاء المزدوج لكلا الجانبين وتقع اراضيها على جانبي خط الحدود. وقد اقترحت وزارة الهند البريطانية في 27 يونيو عام 1902م على وزارة الخارجية البريطانية توجيه بعثة لتحديد خط الحدود على ان يضم لمنطقة نفوذ البريطانيين في جنوب اليمن كل الأراضي الممتدة بين سلسلة جبل جحاف والتلال الواقعة على الجانب الآخر منها، وقد وافقت وزارة الخارجية البريطانية على ذلك وطلبت من أعضاء البعثة البريطانيين دعوة زملائهم الاتراك للتفاوض في أمر تحديد الحدود.

وقد اقترح الكابتن وهب على حاكم الهند العام في 24 يوليو عام 1902م عقد اتفاقات للحماية مع قبائل العولقي واليافعي العليا غير ان وزارة الهند طلبت تأجيل عقد اتفاقات الحماية حتى تتمكن البعثة البريطانية لتحديد الحدود من معرفة مواقع القبائل المعنية بالتحديد.

وقد قام السيد نيكولاس اوكونور السفير البريطاني في الاستانة بتقديم مذكرة الى وزير الخارجية العثماني طالب فيها باعتبار المنطقة التي تقطنها قبائل اليافعي ضمن النواحي التسع المرتبط حكامها ببريطانيا بمعاهدات حماية وهي تضم يافع العليا ويافع السفلى، بل انه اوضح ايضا ان الانذار الذي وجهه لورد جرانفيل في سنة 1872م الى الحكومة العثمانية كان يشير الى المنطقة المجاورة لعدن والتي تضم قبائل اليافعي وأخيرا فإن خطاب وزارة الخارجية البريطانية الصادر في 25 اغسطس عام 1902م الى الحكومة العثمانية اشار ايضا الى موافقة حكومة جلالة الملكة على وجهة نظر وزارة الهند بأن المنطقة التي تقطنها قبائل اليافعي بتقسيمها تدخل حدود النواحي التسع للمحمية من قبل الحكومة البريطانية».

نماذج من تلك المعاهدات
المعاهدات البريطانية لحكومة عدن مع مناطق الجنوب العربي تعد من المصادر التاريخية والسياسية الهامة في قراءة المشروع البريطاني السياسي لجغرافية الجنوب العربي وكذلك اسلوب العمل البريطاني في التعرف على التركيبة النفسية والاجتماعية وتبدل الولاءات عند سكان تلك المناطق، وما ترسيم الحدود من الجانب البريطاني إلا عملية ضبط للنزعات التوسعية عند منطقة ضد أخرى والذي قد يتحول الى حركة امتداد نحو عدن.

كذلك تقدم لنا هذه المعاهدات بعد النظر في السياسة البريطانية والتي من ضمن طرقها سياسة النفس الطويل في اعادة رسم الأحداث السياسية في المستعمرات البريطانية وذلك من خلال ما يستجد في منطقة الشرق الاوسط، وهي مراحل سياسية مرحلة من زمن الرفض الى زمن القبول، لذلك نجد المعاهدات البريطانية كما هي نصا من الماضي كذلك هي صيغة للمستقبل ولعل الكم الكبير من تلك الوثائق يعطي لنا جانبا ورؤية عن الفكر السياسي البريطاني وهو يتوسط ما بين الحلقات صراع الماضي، ومساحات تحديات المستقبل.

عدن- العبدلي - رقم (5) - 1843م
عقدت هذه المعاهدة بين السلطان محسن فضل وورثته وخلفائه وقبائل العزيبة والسلامي خلال زيارتهم لعدن يوم السبت الموافق السابع والعشرين من شهر ذي الحجة 1255هـ -1843م.

رغبة منا في اقامة سلام مع الحكومة البريطانية فقد وافق القبطان ستافورد بتسورن هينس عن الحكومة البريطانية على عقد صلح مع السلطان محسن فضل والتابعين، وقد وضع كل من السلطان محسن والقبطان هينس نيابة عن الحكومة البريطانية اختامهما على هذه المعاهدة ونظراً لحاجة الطرفين للامن والسلام فإن محسن فضل سلطان لحج باسمه وورثته وخلفائه وباسم قبائل السلامي والعزيبة من جهة، والقبطان ستافورد هينس، باسم صاحبة الجلالة العظمى الملكة فكتوريا الاولى، ملكة بريطانيا العظمى وايرلندا من جهة أخرى، قد وقعا هذه المعاهدة المبرمة بين حكومتيهما بأنه من الآن وإلى الأبد ستتوطد الصداقة الدائمة والثابتة والتي لن تفصم عراها، والله على ذلك شهيد.

المادة 1: نظراً للتقدير الذي نكنه للحكومة البريطانية فقد وافق السلطان محسن فضل على اعادة كل الممتلكات والاراضي الخاصة بالمرحوم حسن عبدالله الخطيب، وكيل البريطانيين في لحج، وذلك عندما تثبت مطالبته شرعاً، وبالمقابل فقد طالب السلطان محسن بأن تستعيد حكومة لحج كل الواردات والسجلات والوثائق الخاصة بالإيراد (ديراس) التي يقال انها في حوزة عائلة الخطيب وحينها سنضمن للعائلة الامان اذا ما رغبوا بالعودة الى لحج.

المادة 2: بنفس التقدير الوارد في (1) فقد قام السلطان وبحضور الشهود بتسديد كافة المطالبات التي يدعيها اليهودي (شميل). وان السلطان على استعداد تام لأن يعيد اية مطالبات اخرى خلال فترة الخمسة عشر يوماً التي سيقضيها في عدن.

المادة 3: الزم نفسي بيمين قاطع بأنه في حالة حنثي بهذا القسم أو خرقي لهذا الالتزام شخصياً أو من قبل اولادي أو رؤساء العشائر او أي شخص آخر شخص او اشخاص منتمين، أو اولئك الذين أدفع لهم اجرا أو أي فرد مهما كان تابع لحكومتي وتحت حكمي، أو في حالة اشتراك أي من الاشخاص المشار إليهم بعاليه سراً أو جهراً لخرق هذا الالتزام او تجاوز هذه المعاهدة او اقتراف أي عمل من اعمال النهب أو السلب على الطرقات المؤدية الى عدن، فإنني اتحمل كامل المسؤولية شخصياً امام الحكومة البريطانية كما أنني أتعهد بأنه في حالة حمايتي أو حماية أي من الاشخاص المشار اليهم بعاليه سراً او جهراً أي كان دون تقديم تبرير للسلطات البريطانية فإني اقسم بمحض ارادتي أن لا اطالب بالمشاهرة التي يمنحها إياي معالي صاحب الشرف الحاكم العام لحكومة الهند. وأعلن ذلك امام الملأ.

المادة 4 : اقسم انه في حالة عدم التزامي الحازم بالاتفاق الموقع في الحادي عشر من فبراير 1843م وما اشير اليه بعالية فإنني غير جدير بثقة أو صداقة او كرم الحكومة البريطانية وكنتيجة لذلك فإن خرقي للعهد أو قيامي بأي اعتداء يجعلني معرضاً لأقسى العقوبة.

السلطان محسن فضل

اس . بي. هينس

قبطان في سلاح البحرية الهندية

والوكيل السياسي في عدن

حررت في 20 فبراير 1844م

عدن - العبدلي - رقم( 15) - 1839م
وقع هذا الالتزام في التاسع عشر من فبراير 1839م بين الشيخ محمد المسيعدي والشيخ جعوس عبدالله والشيخ محمد بن احمد والشيخ كويل، من مشايخ الصبيحة من جهة، والكمندارهينس، من سلاح البحرية الهندية نيابة عن شركة الهند الشرقية. ستسود بيننا الصداقة والاستقرار الدائم، وسيكون املنا تحقيق المودة، وستكون عدن في امان منا، كما أن رعايا القطرين سينعمان به. لا كراهية أو احقاد او إساءة بعد اليوم.

الشهود:

عبدالرزاق قاضي عدن

جعفر بن معلى عبدالله

التاريخ 19 فبراير 1839م

عدن - الفضلي- رقم( 23) - 1867م
اتفاقية ابرمت مع السلطان احمد بن عبدالله 1867م

المادة 1: يلزم السلطان احمد بن عبدالله نفسه وخلفاءه وقبيلته بكل حزم، ان يتوقف مستقبلاًُ عن اعمال السلب والنهب والعنف المخل بالنظام.

المادة 2: ان يعمل على حفظ الأمن مع القبائل المجاورة أصدقاء الحكومة البريطانية.

المادة 3: يعمل على حماية التجارة المارة على أراضيه، وأن يعاقب فوراً كل من يخالف ذلك من قبيلته.

المادة 4: ان يقيم في عدن احد ابناء السلطان او احد اقرباء السلطان من قبيلة الفضلي الموثوق بهم ليكون على مقربة من المقيم لمعالجة القضايا المتعلقة بالقبيلة.

على هذا نتفق وننسى الماضي

احمد بن عبدالله -27 مايو 1867م

< راجع كتاب: مجموعة معاهدات والتزامات وسندات متعلقة بالهند والبلاد المجاورة لها (جنوب اليمن) المجلد 11 طبع بإشراف جامعة عدن عام 1984م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى