أيــام الأيــام..نظرة في الإصلاح..بعيدا عن الأهواء والاستقواء

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
يرى البعض أن تقنين الإصلاحات أو عقلنتها يخدم في مراميه البعيدة المصلحة الوطنية، بينما طيف من أطياف السياسة يرى أن الوقوف مطولاً عند المقولات والأمنيات لا يخدم مسعى شعب عانى كثيراً وانتظر كثيراً ولم يعد من مصلحته الركون على الوعود الهلامية أو الانتظار مجدداً، بينما تنتكس حالاته الملحة من لقمة العيش إلى الحريات المطلوبة، فهو - باختصار- ليس قادراً على تحمّل الأعباء وحالته تشبه حالة الماء في وعاء ممتلئ بانتظار قطرة الإفاضة، وبين هؤلاء وهؤلاء يِشتدُّ التخاطب بالصراخ، ويصل إلى درجة من درجات التخوين والتكفير في شؤون حياة وسياسة لا ينبغي بحال من الأحوال الوصول إليها.

فمن المُسلـّم به أن الوطن اليمني بإجماع الأطراف السياسية والمواطن العادي على السواء يمرُّ بأسوأ حالاته بعد أن فشلت مؤسساته الرسمية في الخروج من عنق الزجاجة، والإتيان بناشئة تكوينية لدولة عصرية جديدة ترفع من شأن الفرد وتوفر له متطلبات العيش الكريم وتضعه باتساق كقيمة إنسانية عالية الشأن، محمياً بمنظومة قانونية لا يمكن أن تخترقها قوة النفوذ أو قوة الجاه، وبالتالي تحريره من عقدة الخوف والتهميش والضياع في وطنه. وقد رأينا أن أحلام الثورة في اليمن كانت أقل من المأمول على صعيد بناء الإنسان، ناهيك عن التأسيس لبنية اقتصادية واجتماعية وثقافية تتساوى وتجارب حية لشعوب صديقة وشقيقة، أو حتى تتساوى وثروات الوطن. ويخشى المرء أن تمر الأعوام منذ تحقيق الوحدة اليمنية ونحن لا نقترب من تحقيق المرتجيات والطموحات في ظل منظومة سياسية آمنة مرتكزها الأساس الديمقراطية الحقيقية بعد أن استوعبت آلة الفساد كل منطلقات الإصلاح الرسمية وأتت عليها بسبب جملة من العوامل من ضمنها ضآلة ما يستطيع وزراء الحكومات المتعاقبة إنجازه لصالح كيان الدولة، مقارنة بما يستطيع لوبي القوى المتنفذة تحقيقه لصالح ديمومة المصالح الأنانية والذاتية المعوقة خطوات التنمية والبناء والتطوير على رقعة الوطن السيادية.

وإزاء وضعية كهذه يصاب الوطن بحمى الاضطراب الإداري وعدم وضوح مبتغيات الغد على الصعيد الاستراتيجي، بينما يجري الترويج لمقولات عصرية داخل قوالب عتيقة تنتمي لعهد الدولة الشمولية على صعيد الإعلام والخطاب الرسمي، ويتم بنسق منظم استقواء دولة الفساد داخل كيان الدولة الرخوة ثم لا تجري عمليات حقة لمعالجة كل ذلك بقدر ما يتم التعايش في ظله.

إن تأريخية أي عمل وطني تنبع من نقطة الاستطاعة لوضع متطلبات الحاضر والمستقبل اليمني على أجندة واضحة قابلة للتنفيذ بأدوات فعل غير المألوفة، بعد تحرير الإدارة من المركزية المفرطة وإعطاء أنساق من الحكم المحلي يستند على مرجعية قانونية جديدة تمهد الطريق للوحدات الإدارية في مختلف المحافظات للنظر بجدية إلى شؤونها بعدالة التصريف الأمثل للمداخيل والثروة لصالح المواطنين فيها بالدرجة الأساسية، وتحديد نسب معينة للمركز، ويظل الصدق في التعاطي مع الديمقراطية - وهي الخيار الذي لا رجعة عنه - نابعاً من إرادة سياسية ترتضي البدء في عملية إصلاح كل اعوجاجات الفترة الماضية انطلاقاً من الإصلاح السياسي العام كمدخل لبدء شرارة الإصلاح الشامل في السلطات الثلاث بدءا بالسلطة القانونية باعتبارها راعية كل أنشطتنا الوطنية بالحيادية الكاملة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى