كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> مثل الذين حلموا بالسحاب ثم عرفوا أن أحلامهم لم تتحقق .. مثل الذين باعوا الجمل بما حمل ثم قالوا إن ميناء عدن يمكن أن يكون ميناء (تكاملياً) للموانئ العربية المجاورة .. لا ميناء منافساً..مع أننا نعرف تماماً أن ميناء عدن كان (منافساً).. ونعرف أيضاً أنه كان ثاني ميناء في العالم بعد (نيويورك) أثناء الإدارة البريطانية في عدن .. فكيف نريد اليوم أن نجعله ميناء (تكاملياً) للموانئ الأخرى؟.. أي أن نجعله (فرعاً)..بعد أن كان هو (الأصل) قبل أن توجد هذه الموانئ في المنطقة .. بل إن هذه الموانئ نشأت وتطورت على أنقاض ميناء عدن .. بعد أن تغير نظام الحكم في عدن بعد الاستقلال .. وتوقفت الأعمال في الميناء وتدهورت الإدارة وتعطّلت التسهيلات الخدماتية والإجراءات الإدارية والتموينية فيه .. بسبب تسريح ذوي الكفاءات العالية من المهندسين والفنيين والإداريين المؤهلين ونزوحهم إلى الخارج .. مما ترتب على ذلك مقاطعة البواخر السياحية الضخمة.. وبواخر الشحن وناقلات النفط التي كانت تجيء إلى عدن بانتظام.

< والغريب في الأمر أننا نسمع هذه الأيام أصواتاً نشازاً تدعو إلى إلغاء ميناء عدن .. بدلاً من تحديثه وتطويره وتشغيله كميناء منافس للموانئ الأخرى كما كان من قبل .. بل إنهم فعلوا به مالم تفعل به الإدارة البريطانية .. فقد باعوا المنطقة الحرة ورصيف المعلا وقرية الشحن وغيرها بسعر التراب ..وأرادوا أن يكون ميناء عدن كما خطط له ميناء (تكاملياً) .. بعد أن كان ميناء (عالمياً) يربط الشرق بالغرب ..ويقوم بتموين ما تحتاج إليه بلدان الجزيرة العربية كلها .. وشرق أفريقيا .. ومحطة ترانزيت للهند والصين واليابان.

< إن شركة الموانئ الهولندية العالمية كانت أكثر حماساً وغيرة على ميناء عدن .. من الذين أرادوا تحويله إلى ميناء (تكاملي) .. فقد اعترضت علناً على قبول مناقصة أحد الموانئ المجاورة .. باعتبار أن هذا الميناء (منافس) لميناء عدن ..فكيف تعطي له الدولة ممثلة بلجنة المناقصة حق التشغيل لمدة (ثلاثين عاماً) ..مع أن دولاً أخرى كانت أكثر عطاء وسخاء خرجت من هذه المناقصة .. وموانيها ليست منافسة ولا تقع على الخط البحري الدولي مع ميناء عدن .. مثل الكويت وهولندا والصين وغيرها.

< إن الخطوة التي أقدمت عليها لجنة المناقصة كانت غير محسوبة ولا مدروسة ..إنها لم تكن خطوة ولكنها كانت قفزة فوق الواقع ..أو أنها كانت كمن يخطو فوق الحبل ..والذي يخطو فوق الحبل لابد أن تنزلق قدمه ويسقط ..إذا كان لا يجيد المشي فوق الحبل .. وقد حدث ذلك .. وكانت الهزيمة لميناء عدن العالمي فقد كان ميناء عدن عالمياً باعتراف العالم .. وأصبح اليوم كما أرادوا له هامشياً و(تكاملياً).

< إذن ما هو المقصود بهذا الهوان والذل والضياع والعبث الذي حدث لميناء عدن؟.. ولماذا هذا الانكسار والتخاذل وقلة التدبير والتفكير في الحفاظ على مصالحنا الوطنية .. وعلى ثرواتنا الطبيعية ..إن هناك قضايا كثيرة لم نصل فيها إلى حل .. في السياسة وفي الاقتصاد ..وفي الصحة .. وفي التعليم .. وفي التنمية.. وفي القضاء على البطالة.. وهيكل الأجور والمرتبات الذي أصبح قانوناً باطلاً .. فلا الزيادة -على تفاهتها- نفعت موظفاً..ولا خدمت متقاعداً .. ولا حلـّت مشكلة الغلاء وارتفاع الأسعار.

< مشكلتنا أننا نرفض الهوان.. ولكن لا نملك أن ندفعه عنا .. منتهى الاستخفاف والاستهانة بعقولنا !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى