الفساد والسكوت قادا إلى الوضع السيئ للمتقاعدين

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
إذا كان الاقتصاد والسياسة هما وجهان لعملة واحدة، فإن الفساد والسكوت هما الوجهان لعملة أخرى عانى المتقاعدون منها كثيراً..لقد طال الفسادُ حقوق المتقاعدين، فالأموال المجمعة والمتراكمة منذ عهد ما قبل الوحدة وحتى وقتنا هذا والبالغة مئات المليارات من الريالات يعبث بها العابثون وتدار بأساليب ليس فيها ذرة مسؤولية وتخلو من احترام الحقوق المالية للغير، بل وهدرها دون حياء أمام أعين الخلق عامة وبواسطة السلطات ذات العلاقة، وهذا بحد ذاته منكر لا يمكن السكوت عليه أو التغاضي عنه، فرسولنا عليه أفضل الصلاة والتسليم يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، وإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمان» و«الساكت عن الحق شيطان أخرس».

نتائج هذا الفساد وذاك الإهمال اتضحت معالمها أمامي جلية مرسومة على وجوه الإخوة الأفاضل من أعضاء الهيئة الإدارية لجمعية المتقاعدين الاجتماعية عند لقائي بهم يوم الأحد الماضي في مقرهم، وهم مرتضى محمد علي (الرئيس) وسند سالمين باسنيد (الأمين العام) ومحمد عمر زوقري (عضواً) ويوسف عبدالحميد (عضواً). وقد شرح لي هؤلاء السادة الذين هم في غاية اللطف والتواضع معاناتهم من المعاش الضئيل الذي يستلمونه شهرياً إضافة إلى مشاكلهم الأخرى، وأبدوا امتنانهم لمكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الذي قدّم لهم مقراً بجانب بوابة المكتب في مدينة كريتر بمحافظة عدن مع أنني أراه مجرد كشك أو مخزن مساحته لا تزيد عن (15) متراً مربعاً ولا يليق أن يكون مقراً لهيئة تمثل شريحة من المجتمع ضحت بزهرة عمرها وعنفوان شبابها في خدمة المجتمع والوطن، ويفترض أن نقدم لها الأفضل وما هو محبب لأنفسنا وليس أسوأ ما لدينا وقال تعالى في مُحكم كتابه: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.

وقد لمست أن لدى هيئة الجمعية برامج اجتماعية طموحة وأن أعضاءها يبذلون جهوداً كبيرة لتحقيقها ولعل من أبرز ما أنجز خلال الفترة القصيرة ما يلي :

1) الاتفاق مع مجموعة عيادات خاصة في مختلف مديريات محافظة عدن على معاينة المرضى من المتقاعدين مجاناً وبأعداد معينة في الأسبوع، 2) الاتفاق مع مركز الاطراف الصناعية على أن يقدم العكازات الطبية مجاناً والأطراف بقيمة مخفضة جداً للمتقاعدين وبناء على تقرير طبي، 3) الحصول على مواقع في مديريات المحافظة لاستخدامها كمتنفس للمتقاعدين وقضاء أوقات فراغهم في القراءة والتحدث معاً في قضايا الحياة، وقد وعدوا بالبعض منها، والمشكلة أن أحد المواقع بعد أن تم صرفه لهم وقاموا بترميمه طالهم الفساد وصدرت إليهم تعليمات بتركه وتسليمه لأحد المسئولين الذي صرفت له وثيقة ملكية، وهذا الأمر يقلق الهيئة الإدارية ويجلعها تتخوف من أن يكون مصير المواقع الاخرى التي يمكن أن يحصلوا عليها نفس مصير الموقع الأول بعد تعبهم وجهدهم في البحث عنها، 4) البحث عن جهة تقوم بتزويد المتقاعدين بالأدوية مجاناً أو بأسعار رمزية.

ومع شحة إمكانيات الجمعية فإن هيئتها الإدارية تطمح وتعمل على تحقيق ما يلي:

ا) انضمام أكبر عدد من المتقاعدين بمحافظة عدن إلى عضويتها حيث إن عدد أعضائها لا يتجاوز حالياً (150) فردا في حين إجمالي حالات المتقاعدين يبلغ (18561) منهم (11349) مازالوا على قيد الحياة والبقية ورثة ولدى الجمعية بطاقة شخصية للمتقاعدين الأعضاء بعد تعبئة استمارة طلب العضوية.

ب) ايجاد مقر مناسب للجمعية ومواقع لتنفس واستراحة المتقاعدين.

ج) زيادة عدد العيادات الخاصة التي ستقدم إعفاءً لرسوم الكشف الطبي والحصول على تخفيضات في رسوم المختبرات والأشعة للمتقاعدين.

د) تحويل كسور الريالات في المعاشات الشهرية إلى حساب الجمعية.

هـ) الحصول على أدوية مجانية للمتقاعدين أو بأسعار مخفضة.

و) الاهتمام بالقضايا الاجتماعية الخاصة بالمتقاعدين قدر الإمكان.

والجدير بالإشارة أن معدل المعاش الشهري للتقاعد حالياً يبلغ (11242) ريالا في محافظة عدن حسب البيانات الرسمية الحديثة.

فلو افترضنا أن أسرة مكونة من ستة أشخاص تعتمد على هذا المعاش وتعيش على الروتي والخبز وشاهي الحليب فقط للوجبات الثلاث اليومية، فالحساب الشهري سيوصلنا إلى قيمة الروتي (5400) ريال على أساس قرص روتي للفرد وثلاث وجبات في اليوم ولمدة شهر وقيمة القرص عشرة ريالات أضف إليه علبة حليب (1860) ريالا، وشاي وسكر (940) ريالا، قنينة غاز (500) ريال وصابون بدن وغسيل ومنظفات (542) ريالا، وكهرباء وماء (2000) ريال فسيكون المجموع (11242) ريالا، هذا مع افتراض أن هذه الاسرة لا تدفع ايجاراً ولا تلبس ثياباً ولا تتكلم بالتلفون ولا يركبون باصاً ولا يمرض ولا يدرس أحد من أفرادها ولا ولا ...المهم أنها تعيش، كل فرد فيها على قرص روتي مع فنجان شاهي حليب في الوجبة الواحدة على الدوام.

سألت أحدهم أيعقل ذلك؟! فأجابني :«ابتسم فأنت في اليمن» فقلت له:«شر البلية ما يضحك». والسؤال المطروح أين نحن من القانون الذي صدر في 18/7/2005م ووضع حداً للأجر والمعاش لا يقل عن 20000 ريال؟؟

وفي اعتقادنا أنه إذا ما اتسعت قاعدة أعضاء جمعية المتقاعدين الاجتماعية في عدن أو في أي شكل تجميعي للمتقاعدين في الجمهورية بحيث تضم كل المتقاعدين أو على الاقل معظمهم ..فإن صوتهم بالمطالبة بحقوقهم سيعلو وسيصل إلى المسئولين المغلقة عنه آذانهم حتى الآن، وسيكون له صدى كبير سيقطفون ثماره مؤكداً بالمطالبة لا بالسكوت والجمود والاتكالية والاستسلام لواقع مرفوض، وهذا الدور يمكن أن تلعبه الجمعية حين تكبر وتتسع قاعدتها ويقوى عودها أو عند تكوين نقابة للمتقاعدين.

وختاماً لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر والعرفان ووافر الاحترام لكل من مد يد العون والمساعدة لجمعية المتقاعدين الاجتماعية بعدن ونخص بالذكر من أشرنا لهم أعلاه ونكرر القول بأن الفساد والسكوت قادا إلى الوضع السيئ والمتردي للمتقاعدين ولكن ما ضاع حق وراءه مطالب. والله الموفق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى